موضوع: حديقة الآثار القديمة في دارة الفنون بجبل اللويبدة الأربعاء مارس 07, 2012 7:48 am
حديقة الآثار القديمة في دارة الفنون بجبل اللويبدة
حديقة آثار الكنيسة في موقع دارة الفنون
وليد سليمان - في حديقة صغيرة وقديمة جداً تقع في حرم دارة الفنون –مؤسسة خالد شومان- في اول جبل اللويبدة الشهير تم قديما اكتشاف بعض بقايا قليلة من آثار لكنيسة بيزنطية حيث بعض الاعمدة الحجرية الضخمة وبعض الفسيفساء الارضية وكهف في سفح التلة .. ويعود تاريخ آثار هذه الكنيسة الى القرن السادس الميلادي حيث شيدت بالاصل فوق معبد روماني قديم جداً. وفي نهاية القرن (19) كان الضابط البريطاني سي آر كوندر اول من تعرف على هذا الموقع الاثري .. لكن وفي بداية القرن (20) قام راهبان من الفرنسيسكان «ر. سافيناك»، و»م. آبل» بتوثيق نقشين من بين الآثار احدهما يشير الى الكنيسة ربما كانت مكرسة للقديس (مار جرجس)، ويرجح الثاني ان الكنيسة شيدت فوق معبد مكرس لـ (هرقل) او بالقرب منه. وفي العام 1990 قامت دارة الفنون بترميم هذا الموقع الاثري والمكان كله الذي تبلغ مساحته حوالي اربعة دونمات مكونة من حدائق معلقة –متدرجة- ذات شرفات وثلاثة بيوت تراثية حجرية ضخمة حيث انشئت قديماً في عشرينات القرن الماضي لصاحبها (عبدالحليم النمر الحمود)، واصبح المكان عبارة عن مؤسسة ودارة للفنون والثقافة وسميت (بدارة فنون خالد شومان) لترعى النشاطات الفنية التشكيلية والموسيقية والمحاضرات الثقافية وغير ذلك من الانشطة الحضارية الراقية المحلية والعربية والعالمية.
الكنيسة والكهف ومن كتاب حديث صادر عن دارة الفنون جاء فيه انه في سنة 1993 قام الدكتور (بيار بقاعي) مدير المركز الامريكي للابحاث الشرقية بحملة جديدة للتنقيب عن الكنيسة وترميمها، وقد اوضح الدكتور بقاعي انه عثر في الموقع على نقش يحمل اسم الاله الروماني (هرقل) ما أثار تساؤلات حول ما اذا كان ثمة مقام اكثر قدماً قد وجد في الموقع او قريباً منه، ربما كان مكرساً لهذا الاله. اذ غالباً ما كانت الكنائس البيزنطية تشيد فوق المعابد الرومانية، وفي هذا الموقع هناك الكثير من العناصر الرومانية بما في ذلك الاعمدة والنقوش المحفورة، ومن المحتمل ان الكهف كان مستخدماً قبل بناء الكنيسة، ومن المحتمل ايضاً ان تكون له دلالة دينية، بما ان وجود الكهف قد تحكم في طبيعة تصميم الكنيسة، ولعله ضم او هذا ما ساد الاعتقاد به ضريح واحد من شهداء المسيحية في عمان او شخصية بارزة اخرى. كما عثر في الموقع على نقش يحمل اسم القديس (مار جرجس) والصلة التي تربط ما بين هرقل وهذا القديس صلة وثيقة بالبناء، وكان هرقل بما عرف عنه من قوة واحداً من ابطال الاساطير الكلاسيكية اليونانية، كما ان مار جرجس معروف بطبيعة الحال بانتصاره على التنين، وحول هذا الموضوع يعلق آبل قائلاً: ان تحول شخصية هرقل الى شخصية مار جرجس امر يسير بما ان الشخصيتين تتميزان بصفة مشتركة وهي امتلاك القوة الجسدية، وثمة قرينة اخرى تجمع بين مار جرجس و (الخضر) الشخصية الدينية في الاسلام فكلاهما يتمثل بمظهر الفارس .. كما ان هناك ما يدل دلالة وافية على ان الكهف كان في القرن الماضي ينسب الى (الخضر). ولهذا الموقع خصوصية عالية .. فقد شهد على ما يبدو طقوساً دينية وعبادات مختلفة تواصلت على امتداد الاف السنين، تتوالى الواحدة منها بعد الآخرى، وتجسد شيئاً من ملامح ما سبقها من ديانات، وربما كانت هذه الكنيسة مكرسة للقديس مار جرجس في موقع او قريباً من مقام مكرساً لهرقل، فاصبح الموقع بالتعاقب مقاماً للخضر.
مار جرجس .. والتنين والقديس مار جرجس هو من احد اشهر شهداء المسيحية وهو معروف ومكرم لدى كلا من الكنائس الشرقية والغربية، ونظراً لبطولته وشجاعته الفائقة فقد اتخذته العديد من البلاد شفيعاً حامياً ورمزاً للفروسية والنبل وهو من مواليد فلسطين واستشهد عام 303 ميلادية خلال الاضطهاد الذي شنه الامبراطور الروماني دقلديانوس ضد المسيحية واتباعها. ولفترة طويلة عكف الفنانون المسيحيون على تصوير القديس ما جرجس كشاب شجاع يرتدي ملابس عسكرية وهو يقاتل التنين من على صهوة جواد قوي، وارجع البعض تلك الصورة الى اساطير قديمة من العصر الروماني حيث تقول الاسطورة انه في مدينة اللد في فلسطين وفي روايات اخرى في مدينة سييريني في ليبيا كان هناك تنين بنى وكره في مدخل نبع للماء .. وكان السكان يحاولون اخراج التنين من عشه لكي يستقوا ماء النبع حيث كان المصدر الرئيسي لهم .. وكي يخرجوا التنين من وكره كانوا يومياً يضعون له خروفاً كغذاء له ليأكله .. وعندما نفذت الخراف كانوا يضحون بشخص بالقرعة. وحدث ان كانت الضحية اميرة محلية، وحينها صدف ان القديس جرجس يمر بالمكان حيث يقوم بمقاتلة التنين متحامياً بالصليب ثم يتغلب عليه ويقتله محرراً الاميرة. ولكي يظهر السكان امتنانهم اعتنقوا الديانة المسيحية .. الا ان العديد من الدارسين اكدوا ان هذا الاسم او التصوير رمزي بالدرجة الاولى!! بدليل ان معظم ايقونات الشهداء صورت على مر التاريخ نفس الطريقة، ولعل التفسير الادق للتنين في ايقونة مار جرجس هو الشيطان الذي يسحقه القديس. اما الاميرة التي تظهر في الصور فهي زوجة الامبراطور التي اعتنقت المسيحية وامر بقطع رأسها.. واعتبر مرجع آخر ان التنين هو اشارة للوثنية والشيطان، بينما ترمز الاميرة للكنيسة.
الخضر .. الرجل الصالح والخضر صاحب سيدنا موسى اشار اليه القرآن الكريم ورفع ذكره، وحظي عند الصوفيين بمركز ممتاز، فادعوا الاتصال المباشر به!!. وجاء في معجم اعلام القرآن لمؤلفه د. محمد التونجي: ان الخضر اختلف في نسبه واسمه، وهل هو نبي ام لا!! ولقد دل سياق لقائه لموسى وصحبته معه على نبوته من وجوه عدة منها: ان الله تعالى اعطاه من لدنه علماً، وان موسى طلب صحبته ليكسب منه علماً اختصه الله به.. فلو لم يكن نبياً لما كان معصوماً. وقد خص من العلوم اللدنية والاسرار النبوية بما لم يطلع الله عليه موسى كليم الله، وقتله الغلام بوحي من الملك العلام وتصرفاته كلها الاخرى مثل خرق السفينة وبناء الجدار الآيل للسقوط مع عدم صبر سيدنا موسى على اعمال وتصرفات الخضر.. فكل ذلك يدل على نبوته والله أعلم 0
رأي الطبري اما المؤرخ والمفسر الشهير «الطبري» والذي عاش في القرن العاشر الميلادي فيقول عن الخضر انه كان في زمان افريدون بن اثفيان ملك الفرس وقيل موسى بن عمران. وقيل: كان على مقدمة ذي القرنين الذي كان في ايام ابراهيم، وهو الذي قضى له ببئر السبع. ورافق الخضر صاحب القرنين ايام مسيره في البلاد، وبلغ معه نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم ولا يعلم به ذو القرنين فخلد!! فهو حي حتى الآن – والله اعلم-. وهناك من يزعم ان الخضر من ولد ابراهيم ممن آمن به واسمه ايليا بن هارون بن عمران. وقيل: ان الخضر كان من ولد فارس. وجاء في (المنتقى) ان اسمه ايليا بن ملكان، وان اباه كان ملكاً لكن امه ولدته في مغارة وربي هناك مع اهل المعرفة. وعندما شب الولد طلب الملك كاتباً فأتاه فلم يعرفه فاستحسنه وتحرى عنه فعرف انه ابنه فولاه امر الناس. ثم فر الخضر من ابيه الملك لاسباب، ثم وجد عين ماء الحياة فشرب منها .. فهو حي الى ان يخرج الدجال ويقتله والله أعلم0
رأي اهل الكتاب وترى كتبهم ان الخضر جامع لأوصاف ايليا النبي والقديس جرجس، ويرون ان جرجس الخضر قديس استشهد على ايام ديو قليتيا نوس الامبراطور الروماني عام 303م. ويقولون: «ويكرمه ايضاً المسلمون وهم يعرفونه باسم الخضر.
الخضر في الاردن وفي الاردن العديد من المقامات التي تنسب الى الخضر منها في السلط وماحص والكرك وعجلون وبيت راس .. حيث يزور تلك المقامات ويتبركون بها كل من المسلمين والمسيحيين والدروز. وتوجد مقامات اخرى كثيرة جداً في مناطق من ارض فلسطين .. وكذلك في كل من سوريا ولبنان والعراق وايران .. وربما دول اخرى.