موضوع: كيف تجعل التوفير عادة ؟ الجمعة أغسطس 08, 2008 9:09 am
كيف تجعل التوفير عادة؟
لطيفة الحاج - اقض وقتاً أقصر في الشعور بالعوز فتقليب الكتالوجات والتسكّع في المولات يجعلك تظن بأنك تحتاج لأمور كثيرة منذ أن فتحت عيني على قيمة المال وأهميته في الحياة، وأنا أحاول جاهدة الادخار من مصروفي المدرسي، وأذكر أنني وبعد أن يئست من الحصّالات ذات الأقفال والمفاتيح، ابتعت حصالة على شكل جرة صغيرة غير قابلة للفتح أو القفل، وهي خالية من الفتحات إلا من فتحة تسمح بمرور العملات النقدية معدنية كانت أم ورقية، ولا يمكن استخراج المال من هذه الحصالة إلا بتحطيمها، لكن حتى هذا الاختراع الذكي لم يجد معي نفعاً، وكنت أستخدم طرقي الخاصة في استخراج المال عندما أحتاج إليه من دون الحاجة إلى تحطيم الحصالة. وأعترف اليوم بفشلي المخزي في ادخار مبلغ يؤمّن مستقبلي، مؤمنة بالعبارة التي تقول: ''اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب''، وكانت هذه العبارة صحيحة قبل أن يصبح لي راتب شهري وقبل أن أصبح مسؤولة عن نفسي، فالمال كان يأتي من الغيب، لأن الذين تبنوني''مالياً'' كانوائ أشخاصاً عدة، أما اليوم وبعد أن تقلّصوا إلى شخص واحد هو أنا أصبح مؤشر الجيب يصل إلى البقعة الحمراء قبل نهاية الشهر، والغيب متوقف عن الإتيان بأي شيء، فترعبني الفكرة ويطوقني الشعور بالذنب، وأقر بأني قد تماديت في الغيب، وأني في الشهر المقبل سأبدأ بالادخار، لكن هلال الشهر القادم يهل ولا ادخار أقوم به ولا هم يحزنون. وقد وقعت في يدي مقالة بعنوان طرق لجعل التوفير عادة بقلم: أندريا كومبيس، نشرت في وول ستريت جورنال أون لاين بتاريخ ؟ مايو ؟؟؟؟ تعرض طرقاً لجعل الادخار أو التوفير عادة لمن يرغب بذلك. تشير كشوف حسابات نصف العاملين في أمريكا إلى أن مجموع مدخراتهم لا يزيد على خمسة وعشرين ألف دولار، في حين أنه يمكن لحساباتهم أن تبدو أفضل مما هي عليه، وقد حان الوقت لأن يقوم المستهلكون بتخطي وتجاهل شعارات السياسيين والاقتصاديين الذين ينادون بضرورة تحمل المستهلك جزءاً من عبء اقتصاد البلد، ومقاومة الإعلانات التي تغلفنا بفكرة أننا في حاجة إلى أشياء كثيرة. الشيء الوحيد الذي نحتاج إليه جميعاً هو الأمن المالي، ولتحقيق ذلك علينا أن نفكر بـ''اقتصادية''، يرتبط معنى التفكير باقتصادية لدى البعض بتجاهل الاحتياجات الأساسية، وقد يصل إلى حرمان''الذات''، وهذا ما يجعل الفكرة صعبة التطبيق. كيف يمكن أن ندخر المال من دون التقتير على أنفسنا؟ كيف نصبح مقتصدين من دون الشعور بالبؤس، وكيف نحافظ على هذه العادات حتى عندما يكون اقتصاد الدولة أفضل ما يكون؟. تقول كاثلين غرني، العالمة النفسية والرئيس التنفيذي لمؤسسة نفسية مالية: ''توقع الشعور بعدم الارتياح، تابع المسير حتى وإن شعرت بعدم الارتياح، لأن الثمار التي ستجنيها تستحق العناء، وحال انتهاء المشكلات الاقتصادية التي نعاني منها، ستكون قد أمّنت على مستقبلك المالي واكتسبت عادات مالية جيدة، اقض وقتاً أقصر في الشعور بالعوز، فتقليب الكتالوجات والتسكّع في المولات يجعلك تظن بأنك تحتاج لأمور كثيرة''.ئ وتضيف غرني: ''قد تحتاج حقاً إلى بعض الأمور وتقوم بالحصول عليها، لكن الرسالة المهمة التي يجب أن تفهمها هي أن غالبية الأمور التي تبتاعها أنت في الحقيقة لا تحتاج إليها، الحل هنا هو أن تشغل نفسك بأمور تمنحك شعوراً جيدا، كأن تدعو صديقاً لزيارتك، أو أن تسير في حديقة جميلة. أعد تدريب عقلك، حرمان أنفسنا من المتع اللحظية يصبح مستحيلاً ما لم نفكر في أن المستقبل يحمل لنا مفاجآت أفضل، عندما تدور في عقلك فكرة أنا أستحق ذلك، إذاً سأبتاعه، قم بعقد مقارنة بين بطاقة ائتمانك الصغيرة وما يمكن أن تجلبه لك من ديون، وحساب التوفير الذي سيكون مأمناً لك في المستقبل. انظر حولك، هل أنت راضٍ وسعيد بما تبتاعه؟ إذا لم تكن كذلك، حوّل ما تنفقه إلى أشياء تحقق لك الرضا والسعادة على المدى الطويل. قيّم نقاط ضعفك، يقول جاري بافون، عالم السيكولوجيا المالية في جاكسونفيل: ''كيف سيميزك كونك مقتصداً؟ عرّف احتياجاتك وما تريد استبداله وتغييره في نفسك، ثم حدد هدفاً واسع إليه، كأن تتوقف عن شراء أية أدوات عالية التقنية لمدة ستة أشهر''. قم بالمقايضة، استبدل المتع التي تكلفك الكثير بالمتع الصغيرة والمجانية، اقض ليلة في المنزل وشاهد فيلماً برفقة بعض الأصدقاء، سيفاجئك عدد الأشخاص الذين يشاركونك الرغبة في توفير بعض المال. حدد أهدافك، قم بعمل لقاء عائلي أسبوعي لمناقشة الخطط المالية - ولا تسمّيها ميزانيات - للأشهر المقبلة أو حتى السنوات المقبلة، قد يؤثر هذا على تحديد وجهتك لقضاء العطلة السنوية، لكن فكّر في تخلّصك من الشعور بالذنب، لأنك تملك مبلغاً جيداً هو حصيلة توفيرك المثمر، وفي النهاية، ما يبقى هو الذكريات الجميلة التي لا يشوبها شعور بالخوف من ديون متراكمة. قاوم أطفالك، سيصعب عليهم مقاومة توقعاتهم وآمالهم التي يبنونها عليك، ماذا تفعل في هذه الحالة؟ ابق متماسكاً، في المرة المقبلة حينما يصرّون على الحصول على آخر لعبة فيديو، ذكّرهم بما ينتظرهم في الرحلة العائلية المقبلة، اعرض عليهم الخيارات، لكن تذكر ألا تغالي فيها، احصرها في حدود المعقول وبأقل التكاليف. أعد التفكير في المكافآت، عندما تعتزم في المرة المقبلة شراء شيء ما لأنك تستحقه، اسأل نفسك هل هناك ما تستحقه أكثر؟ كأن تقضي وقتاً في المنزل مع أبنائك، أو أن تتجول برفقة صديقك أو زوجتك. تقول غرني: لقد تكيّفت مع فكرة أن إنفاق المال على الملابس أو المطاعم هي طريقة لمكافأة ذاتك، لكن فكّر في ماهية المكافأة الحقيقية التي يرغب فيها كل من يعمل بكد وجهد في النهاية.