البلد : نقاط : 200480 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: هاجس الخوف من الموت الأربعاء فبراير 22, 2012 3:12 pm | |
|
هاجس الخوف من الموت
د.محمد عبد الكريم الشوبكي* - إن ظاهرة الخوف من الموت واسعة الإنتشار ، وهي ظاهرة صحية طبيعية لمطابقتها واقع لا محالة قادم ، ولكن حياد الخوف عن الطبيعي ليصبح هاجساً مرضياً يؤثر سلباً على حياة الشخص في مزاجه وأفكاره وسلوكياته وبالتالي إعاقة أو تدهور حياته الشخصية والنفسية والإجتماعية والعملية ، يستدعي التدخل العلاجي بسبب دخوله في مرض الرهاب النفسي. فيفقد إستمتاعه بالحياة ، ويعيش في ديمومة الخوف ، والترقب الشديد ويزداد تدفق الأردنالين مؤدياً إلى أعراض جسدياً متنوعة أكثرها الشعور بالإختناق ، وتسارع القلب ، والتعرق ، والرجفان ، والدوخة ، والإعياء ، وجفاف الفم ، وإضطراب القدرة على التفكير ، وغرابة الإحساس بالواقع . ويبدأ بسؤ تفسير هذه الأعراض الجسدية بانها مقدمة الموت اوالإحتضار (فتسارع القلب والإختناق - توقف أداءهما) ، (والشعور بالدوخة، والبرودة، والإعياء، والتعرق،وعدم القدرة على التفكير، أو الحديث، وجفاف الفم، والإحساس بالإنفصال عن الواقع -بداية فناء الجسد). وبذلك يتفاقم القلق وكذلك الأعراض النفسجسمانية والدخول في الحلقة المفرغة فمزيد من الرهبة كل ذلك رغم ان المريض يعلم ان ما يحدث معه أمر غير منطقي ويبدو أن الأسباب النفسية الكامنة تعود إلى أمور متعددة .فلعل حقيقة ان الموت غير معلوم الوقت والمكان ، لا إرادي ، خارج عن سيطرة الإنسان غير قابل للتدخل أو التحكم ، ولكون الوعي مدركا لهذه الحقائق وأن العقل الباطن بغرائزه يجذبنا تجاه الحياة تحصل المشادة النفسية وعدم الإتزان العاطفي والسلوكي وبالتالي الخوف الشديد . أنه الرهبة من الموت أمر حتمي كونه (مبهم) في ماهيته وما بعد الفناء . وانه الخوف من فقدان الذات الجسدية والنفسية وفقدان العالم والوجود (رهاب الإنفصال) ، مع رفض الإنسان بكل وجوده النفسي الجسدي والإجتماعي وما أكتسب أن يكون لا شيء (رهاب الفقدان) وهذا شأن النفس البشرية . ويبدو لي أن عوامل أخرى ساهمت كثيراً في نشؤ هذه الحالات المرضية وتفاقمها في العالم أهمها تلاشي الصورة الطبيعية للموت (الأكثر قبولاً ورحمة والأقل رهبه) ، تلك الصورة التقليدية حيث الإحتضار، والوداع ، والوصايا ، والصلوات ، والحزن ..... الخ . واستبدلت بصورة مشوهه ومرعبة في أذهان الناس لتُنصّل العالم من الخلق فأصبحت أكثر حالات الموت أنتشاراً غير طبيعية عن طريق العنف والحروب الحديثة بحصادها بشكل بشع وبكم وسرعة هائلة الأرواح ، والموت بالإنفجارات وإطلاق النار ، والإرهاب ، وحوادث السير و الالآت والجرائم ، والإنتحار ، وعزّز من ذلك وسائل التكنولوجيا من أخبار صحفية ، ومشاهد فضائية ، وإنترنت في نشر هكذا صورة بشعة من الموت كل ذلك غير الصورة التقليدية الطبيعية للموت بصورة مرعبة بشعة أخذت طابع الرهاب ترسخت في أذهان الناس ، مما أدى إلى ظهور وتفاقم أمراض نفسية متعددة بخصوص الموت مثل (رهاب الموت) ووسواس (الخوف من الموت) وتبعيات (نوبات الفزع) و الخوف من الموت .
*مستشار الأمراض النفسية والعصبية.
| |
|