البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: شيء من اللغة .. الراسخون في العلم -2- السبت يناير 28, 2012 12:01 pm | |
|
شيء من اللغة.. الراسخون في العلم – 2-
د. كامل جميل ولويل- يتعلق التأويل بمعرفة الحقائق، وهذا تأويل لا يعلمه ولا يحيط به الا الله جل وعلا، ولكن نجد في آيات التأويل نوعاً آخر وهو ذلك التأويل الذي يتعلق بالتفسير والبيان والتعبير عن الأشياء، لقد روي عن ابن عباس قوله "انا من الراسخين في العلم، أي انه يعلم بعض الامور بتأويلها وان كان خلق كثير لا يستطيعون معرفتها. وقد روي عنه في مختلف كتب التفسير انه استطاع ان يعرف عدد أهل الكهف، لأنه فهم من حرف الواو ان العدد قد تم وان ما بعد ذلك جملة استئناف "ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم"، وينطبق هذا التأويل على شروح الآيات القرآنية وتفسيرها، كقوله تعالى "وكم من قرية اهلكناها انهم لا يرجعون"، فالاجتهاد في شرح هذه الآية وتأويلها الى هذا الوجه او ذاك هو تأويل، ورد الآيات التي لم تتضح معانيها الى الآيات المحكمات هو تأويل، ومجمل الفكرة عند المفسرين ان الراسخين في العلم يعلمون تأويله ثم يقولون آمنا به، ويقولون كل من عند ربنا، وعلى هذا الفهم نتحسس الوقفة الصحيحة في تلاوة الآية، اين الوقفة التي تخدم المعنيين السابقيْن؟ هل نقف عند والراسخون في العلم؟ ام نقف في التلاوة عند: يقولون آمنا به؟ ام نقف عند لفظ الجلالة (الله). ان لكل موقف اثراً في المعنى والاعراب، وهو شيء مذهل في تراكيب هذه اللغة القرآنية العظيمة، افرض انك قرأت "وما يعلم تأويله الا الله" يكون المعنى عندئذ ان هذا التأويل يتعلق بمعرفة الحقائق، والله عز وجل متفرد في الاحاطة بهذه الحقائق، فتكون الجملة (والراسخون في العلم يقولون آمنا به) الراسخون هي المبتدأ، والجملة الفعلية: يقولون آمنا به، هي الخبر، أي آمنا بالمحكم والمتشابه. واذا وقفنا على عبارة والراسخون في العلم أي اذا تليت الآية بهذه الصورة "وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم" وقفنا على كلمة (العلم) فاننا هنا نمدح الراسخين في العلم لأنهم عرفوا شيئاً من البيان والتفسير في تأويل مسألة ما من هذا المسائل الواردة في كتاب الله جل وعلا. الوقف على لفظ الجلالة له معنى، والوقف بعد كلمة العلم له معنى آخر، وقد تبين أن للوقف اثرا مباشراً في توجيه المعاني، وهذا وارد كثيراً في كتاب الله وفي موضوعاتنا ومقالاتنا العادية، وان شئت اقرأ ما قاله لقمان الحكيم لولده "يا بني لا تشرك بالله" و"ان الشرك لظلم عظيم" ثم غير الوقف ليصبح "يا بني لا تُشرك" و"بالله ان الشرك لظلم عظيم" الا تلاحظ ان الثانية قَسَم؟
| |
|