في مدينة اللد ولعائلة متوسطة الحال ،مكونة من عشرة يعيلهم اب يعمل ببيع الخضار، ولد الفنان اسماعيل شموط .. وبدأ بالرسم منذ صغره وكانت رسومه الأولى للطبيعة الجميلة، وقد لاقى التشجيع والتوجيه من معلم الفنون في مدرسته داود زلاطيمو - الذي علمه أصول الرسم بأقلام الرصاص والأحبار الصينية والألوان المائية والطباشير - ومزاولة هواية النحت على أحجار الحوّار الكلسي. وياتي الفيلم الوثائقي جداريات السيرة والمسيرة الفلسطينية ليعرض فيه المخرج الفلسطيني الشاب بلال شموط رؤية جديدة لتوصيل رسالة والده الراحل احد رواد الفن التشكيلي الفلسطيني باستخدام لوحاته الفنية في طرح القضية الفلسطينية. وقال شموط بعد عرض الافتتاح لفيلمه في قصر الثقافة في رام الله بالضفة الغربية المحتلة مساء الخميس في الذكرى السنوية الثانية لرحيل والده الفنان اسماعيل ''بعد ست سنوات من العمل يرى هذا الفيلم النور لاوصل الى اكبر عدد من الجمهور الرسالة التي اراد والدي ايصالها في معرضه الدائم /جداريات السيرة والمسيرة الفلسطينية/''. يروي الفيلم على مدار خمس وسبعين دقيقة سيرة ومسيرة الفنانين شموط الذي رحل عن ستة وسبعين عاما وزوجته الفنانة التشكيلية تمام عبر تسع عشرة جدارية رسم منها اسماعيل احد عشرا والباقي لزوجته مساحة الواحدة منها متران في متر ونصف المتر تقريبا عبر تعليق على الاحداث التي واكبت النكبة 1948 وما تلاها من احدث بصوت الزوجين شموط. وقال المخرج شموط ''كل لوحة من الجداريات الضخمة تروي مجموعة من القصص وساعدني كبر اللوحات على ابراز هذه القصص التي ترويها''. واضاف ''تمكنت من تركيب النص المكتوب الذي وضعه والدي حول معرضه بطريقة تجمع بين الرواية المحكية ورسم فني جميل يروي قصة مأساة''. وتعود قصة رسم الجداريات التسع عشرة الى تلك الزيارة التي قام بها الزوجان شموط عام سبعة وتسعين بعد ما يقرب من خمسين عاما الى مسقط رأسيهما في اللد ويافا والذي يشير الفيلم الى انهما اجبرا على الرحيل عنهما مثل مئات الالاف من الفلسطينيين بعد حرب عام 1948. وقال شموط الابن ''لقد وضع والدي هذه الجداريات التي استغرق العمل بها اربع سنوات وعرضت في اماكن عديدة في عهدة مؤسسة التعاون الى حين افتتاح متحف وطني في القدس توضع فيه''. ويعتبر اسماعيل شموط المولود في اللد عام 1930 من رواد الفن التشكيلي الفلسطيني والذي قدم عبر الاف اللوحات على مدار نصف قرن تعريفا بالقضية الفلسطينية. وعلى وقع سرد بصوت الفنان اسماعيل وزوجته للاحداث التي شهدتها الاراضي الفلسطينية منذ النكبة 1948 الى الوقت الحاضر يتابع الجمهور عرضا للوحات فنية جميلة تعكس كل قصة يرويها الفنانان. وتعرض اللوحات حياة الفلسطينيين في اللد ويافا وبيوتها وبحرها وناسها . ويروي اسماعيل في الفيلم على وقع عرض للوحات تعكس ما يقول ''كنا نبحث عن بعض الماء بين الصخور والبعض يبحث عنه في جذور النباتات لقد تمكنا من ايجاد بعض الماء بين الضخور وتمكنت ان اخبيء بعضها تحت قميصي لاوصله لوالداي اللذين كانا صائمين واذا بامراة حامل تحاول ان تمتص الماء من قميصي المبلل''. ويظهر هذا المشهد في لوحة فنية. ويضيف اسماعيل ان شقيقه توفيق الذي كان عمره سنتين توفي بينما كانت العائلة في طريقها الى رام الله قبل ان تقرر المغادرة الى خان يونس في رحلة استغرقت اسبوعين بعد ان لم تكن تحتاج الى ساعتين في وقت سابق. ويتنقل شموط في لوحاته وسرده الى جانب سرد زوجته من مرحلة الى أخرى وهو يتحدث بالصوت وشهادة الريشة والالوان لما جرى من تشتت في مخيمات اللجوء وما تلاها من هزيمة عام 1967 . ويتخلل الفيلم ثلاث اغنيات تقدمها المطربة الفلسطينية امل مرقص من الناصرة تتناسب وما يعرض في الفيلم ومنها قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش /وطني ليس حقيبة وانا لست مسافرا/. وتقول الفنانة تمام في الفيلم على خلفية لوحة يقف فيها حصان عربي اصيل ابيض اللون وسط منحدرات ملونة بالوان كثيرة ''لا تتركوا الحصان وحيدا'' وبهذه المناسبة، اقام المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة معرضاً فنياً بعنوان ''ما زلنا معاً'' يضم أعمالاً للفنان الفلسطيني الراحل اسماعيل شموط وزوجته الفنانة تمام الأكحل في الثالث من تموز . رويترز