البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: قول بليغ أو غير بليغ ؟ الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 8:24 pm | |
|
قول بليغ أو غير بليغ؟
د. كامل جميل ولويل - تعارف أهل الادب والذوق الادبي ان يفهموا ان البلاغة هي القول المؤثر في النفوس، افرض انك سمعت صديقا ينصحك ويقول يجب ان يطيع الانسان ربه ولا يهتم بالافك ومن يدعو اليه وقارنت بين قول صديقك والجملة القرآنية الآتية: قال سبحانه «فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين» انك مع القرآن تتأثر وتعلم ان الله عز وجل يريد من استماعك تفاعل فؤادك مع القول، وتكون النتيجة ممتازة بهذا التفاعل، ثم يأمرك سبحانه ان تبتعد عن المشركين. كان لنا استاذ يحب المقارنة بين قولين: القول الجاهلي عن القتل والآية القرآنية الكريمة عن القتل، كان يقول: اشتهر العرب بقولهم: القتل أنفى للقتل، ثم يقول انظر لقوله تعالي: «ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب». لقد غطت الآية معاني كثيرة، فالمقصود من العقوبة بلوغ الحياة المطمئنة الوادعة، ولا يدرك الاثر الا انسان مفكر يستعمل عقله لفهم الاسباب ونتائجها. نِعم الاستاذ ونِعم تفكيره الذي يستند الى قول الحق جل وعلا. وأما في لغتنا العادية، فقد وجد من العرب من يجيد الذوق والتأثير من أهل الادب، ان القرآن الكريم اعجاز في لغته ومبناه ومعناه، ولكنا الان نتحدث عن نقاط نشعر فيها تذوق بعض الشعراء والأدباء للمعاني الجميلة، ولذلك نستأنس بذكر المتنبي في القرن الرابع الهجري ثم نستأنس بقول لبيد في عصر النبي (ص) وعصر ما قبله. مع المتنبي: لو قال احد لك من الرأي المفيد التالي وهو: ان الجاهل الفاسد الطبع يتصور المعنى بغير صورته ولا يدرك المعنى المقصود لعبارتك، انه يتخيل ان الخطأ صواب وان الصواب خطأ، هذا ما قاله احدهم لك، وقد جاءت هذه الفكرة في بيت شعر للمتنبي واظن ان كلماته لم تكن غامضة حتى نفسرها ولا كانت بعيدة عن اللفظ المتداول حتى تحتاج الى المنجد أو لسان العرب أو قاموس المحيط او أي معجم آخر لندرك المعاني، قال المتنبي: (من يك ذا فمٍ مريض: يجد مرا به الماء الزلالا) هذه الصورة الجميلة تؤدي اثرا ابلغ في النفس، وهذا النغم الموسيقي اطار لطيف لهذه الصورة، ولا اريد ان اعلق واكثر بل اترك لذوقك تقدير جمال العبارة هنا وهناك. مع لبيد: لقد آمن لبيد وترك قول الشعر لانه صدعت نفسه بالقرآن الكريم، قال يصف أهله وماله وما لديه من ودائع غير ماله وأهله: وما المال والاهلون الا ودائع: ولابد يوما ان ترد الودائع لقد سمع لبيد القرآن فرأى الاعجاز واللغة وسمع النبي يتكلم بحكم لا تخرج في معانيها عن القرآن ولكنها ليست معجزة وانما هى تفيض بالحكمة قال النبي (ص): من في الدنيا ضيف وما في يديه عارية والضيف مرتحل والعارية مؤداة» نعمت الحكمة ونعم القول.
| |
|