موضوع: "اللوفر" يكشف عن أزياء القرون الوسطى .. الإثنين أغسطس 08, 2011 5:59 pm
«اللوفر» يكشف عن أزياء القرون الوسطى .. الأخضر للشباب و الأزرق حكر على النبلاء والأحمر عنوان الشجاعة
القرون الوسطى في واجهة الأحداث التاريخية الثقافية في متحف «اللوفر» الباريسي. معرض نادر، على الأرجح، يتمثل في انتقاء مجموعة قيّمة للغاية كانت لا تزال طي الكتمان، من المخطوطات، والأوراق، والقصاصات وبعض الأعمال النحتية، تشير بشكل خاص الى الكيفية التي كان الناس يلجأون إليها ويستخدمونها من أجل أن يكسو أجسادهم بأزياء ذلك العصر. واللافت، في هذا السياق، أن هذا المعرض الهام يتزامن مع نظيرين له، في الوقت عينه. أولهما وأكثرهما أهمية في مكتبة «مورغان» الشهيرة في ولاية نيويورك الأميركية، بعنوان «الأزياء المشرقة». والثاني في متحف «غيتي» الأميركي أيضاً بعنوان «الأزياء في القرون الوسطى، ويستمر حتى الحادي والعشرين من آب أغسطس الجاري. يدور المعرض المقام في متحف اللوفر حول ثلاثة محاور أساسية هي: الطرق والأساليب التي كانت تشغل بال الناس وأذواقهم في القرون الوسطى إزاء أفضل السبل وأكثر ملاءمة لتغطية أجسامهم بالأزياء المناسبة. يلاحظ، في هذا الإطار، أن التقاليد التي كانت سائدة، على هذا الصعيد، تدل على نحو قاطع أن الثياب وارتداءها كانا أمرين على علاقة وثيقة بالوضع الاجتماعي والثقافي، تحديداً في القرن الخامس عشر. ولدى تحليل مقتنيات المعرض، يؤكد متخصصون في ثقافة تلك المرحلة التي لم تكن لتخلو من التعقيد والذوق الرفيع، أن الارتقاء بالثياب وأزيائها كان يعبّر، أحياناً كثيرة، عن تطلعات الناس من كل الفئات والشرائح، الى تجاوز الطبقة والحالة الاجتماعية نحو وضع أكثر ميلاً الى الرفاهية للتماثل مع الأغنياء والميسورين وذوي الثقافة. على سبيل المثال، يبدو في المعروضات المشار إليها، أن النبلاء أو من يتقرّب منهم أو يدور في فلكهم أو يقلدهم في عاداتهم، كانوا يفضلون ارتداء المعاطف التي يتخلّلها الحرير، خصوصاً المستخرجة من السناجب. أما الفلاحون، وكانوا الأكثرية الساحقة في التركيبة الاجتماعية، فقد اعتادوا ارتداء الملابس التي كانت تتميز بالبساطة. ويتناول المحور الثاني أهمية الألوان التي كانت تستخدم في صبغ الملابس. وكان يطغى عليها اللون الأزرق لفئة النبلاء، والأخضر للشبان والشابات دلالة على الأمل والإحساس بالعنفوان، والأحمر والأخضر معاً دلالة على الشجاعة والإقدام واقتحام المخاطر وإثبات الذات. وغالباً ما كان يصار الى تجنب الثياب المخططة، التي كانت حكراً على الأغلب للسجناء والمحكومين بالإعدام والجلادين الموكلين بتنفيذ هذه العقوبة الرائجة في القرون الوسطى. ومع ذلك، كان الناس الذين يحيون على الهامش، من بينهم الفقراء والمعدمون والمهملون والمشردون، يرغبون تلقائياً في ارتداء الثياب المخططة دلالة على وضعهم الاجتماعي المتدني، من ناحية، واستدراراً لعطف الآخرين، من ناحية أخرى، وقناعتهم بما آلت إليه ظروفهم من ناحية ثالثة. وكانت الطبقة الوسطى تفضل ارتداء الثياب ذات الألوان الهادئة التي لا تخلو من وقار مزعوم. ويعالج المحور الثالث مكملات الثياب (الإكسسوارات بلغة اليوم)، من حلي على جميع أنواعها وأنماطها. درجت العادة في إيطاليا، مثلاً، على ارتداء الحلي الذهبية والفضية والبرونزية. كان التجار يقبلون على ارتداء الخواتم، وفقاً لما تشير إليه مقتنيات عدة في معرض اللوفر. المعرض المذكور هو الثاني من نوعه في سلسلة من المناسبات المماثلة يبلغ عددها أربعاً. وتتميز في مقاربة ثقافة القرون الوسطى من زاوية عملية لا علاقة لها بالدراسات النظرية والتاريخية. العين، في هذا السياق، هي المعيار في قراءة التاريخ.