د. كامل جميل ولويل - للحركات في اللغة العربية قيمة كبرى، فهي مؤثرة في توجيه المعاني كما تؤثر الألفاظ في اللغة، فالكلمات شَرِبَ وشُرِبَ وشُرْب وشِرب تتكون من الحروف الثلاثة ذاتها وهي الشين والراء والباء، وجاءت بنفس الترتيب، ولكن المعاني اختلفت كثيراً، وتنقلت ما بين فعل معلوم وفعل مجهول، أي ان شخصاً نعرفه شرب الماء، وان شخصاً ما شرب الماء ولا نعرف هذا الشخص، فعبر عن ذلك بالفعلين شرب وشُرب، ويستطيع المرء العربي ان يأخذ أي فعل او اسم فيغير حركاته فتبرز لديه كلمات متنوعة المعاني. السبب في ذلك ان الحركة في لغتنا العربية لها قيمة كبيرة في المعاني، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في عدة مواضع، قال سبحانه في سورة (الشعراء) 155 «قال هذه ناقة لها شِرب ولكم شِرب يوم معلوم» القصد من الآية النظر الى المعجزة تشرب هي ما تشربه المدينة بأهلها وكما تشرب دوابهم، اين يذهب هذا الماء، تلك معجزة، والله سبحانه اعلم بما يخلق، فالشِرب بكسر حرف الشين يعني كمية الماء الذي اشربه انا او انت، او يشربه غيرنا، واما الشُرب بضم الميم فهو العمل الذي نقوم به، نقول للمريض: الشُرب يكون على فترات، تدربه على طريقة الشُرب، وتقول للعطشان اشرب شُرباً متقطعاً ولا تشرب شُرباً متواصلا، وقد سمّى ذلك اهل النحو أي سموا طريقة تناول الشراب سموه (المصدر)، فالشِرب اسم دال على الكمية والشُرب بضم الميم يدل على الطريقة. ومثل ذلك في اثر الحركات الكلمتان: الوضوء بضم الواو، والوَضوء بفتح الواو، اما الوضوء بضم الواو فهي عملية التوضُؤ، أي غسل الوجه ثم غسل اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين، هذه العملية هذه الوضوء، ولكن الوضوء بفتح الواو فهي الكمية التي تحتاجها من الماء لتغسل او تمسح الاعضاء المذكورة سابقاً، قد تحتاج لتراً من الماء فهذا هو الوَضوء، تلك هي اسرار لغتنا العربية، ونَعمّا هي.