البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: إنا وجدناه صابراً السبت أبريل 16, 2011 9:23 am | |
|
إنا وجدناه صابراً
د.كامل جميل ولويل - مَنْ هذا الذي وجده سبحانه صابراً؟ من هذا الذي نال الثناء من ربه؟ من هذا العبد الصابر الأواب؟ لقد نال أيوب كما في سورة (ص) ثلاثة اشياء من عطاء الله يتمناها كل مؤمن وكل مسلم، نال الشفاء العاجل بالاغتسال من عين من ماء بارد، وذلك بطريق الاعجاز والمعجزة، قال له سبحانه (ارْكُضْ) أي اضرب (بِرِجْلِكَ)، فنبع الماء من بين رجليه، وهو ماء بارد يشفي ويسقي، وكلمة اركض تتميز عن كلمة اضرب بأن الركض يرافقه الدّسّ بها في التربة، ومن هذه الملاحظة اللغوية قولهم ركض الفرس أي دخلت حوافره في التربة، وإذ ضرب ايوب الارض قال له سبحانه «هَـذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ»، ونال ايوب بالاعجاز والمعجزة ايضاً شيئاً اخر، قال سبحانه «وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ»، لقد هلك ابناؤه وهو مريض فأحياهم الله تعالى له، ووهبه ابناءً آخرين مثلهم، فكلمة الأهل تنطبق اول ما تنطبق على الابناء، ألم يقل نوح (ع) «إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي»، وأما الزوجة التي عادت اليه وكان قد أقسم ان يضربها، قال له تعالى: لا تحنث، خذ حزمة من الحشائش والاعشاب يختلط رطبها بيابسها واضربها، فتكون قد بررت بيمينك وعادت أسرة ايوب افضل مما كانت بفضل الله عز وجل. لماذا أكرم الله تعالى ايوب؟ لقد اجتمع لدى ايوب صفتان عظيمتان الاولى صفة الصبر، والثانية الرجوع الى الله في جميع الملمات صغيرها وكبيرها، فإنه ما اجتمعت هاتان الصفتان في عبد صالح إلا كان نصيب من حفظ الله له وعونه، ولقد شهد سبحانه لايوب بانه عبده قال سبحانه «وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ» لقد أضيفت العبودية لله، وهذا تشريف يفوق أي تشريف، كان رسول الله (محمد) صلى الله عليه وسلم يكثر من القول: أنا عبدالله ورسوله، ونحن في الاسلام لا نفرق بين احد من الرسل، وليس هناك كتاب جمع خصائل الانبياء الجميلة إلا القرآن الكريم، ولنتابع مع ايوب (ع)، قال وهو يدعو الله كلاماً ادبياً ناعماً مهذباً، قال «أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ»، والله عز وجل يقول: «قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ» ولكنه الادب، ينسب الشر للشيطان، او الى المرض والضر إذ يقول في سورة الانبياء «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ»، في كلتا الآيتين يظهر ادب النبي (ع) وهذا تعليم لنا الان ألا نذكر او ننسب السوء لله، بل لانفسنا ولحالنا ولمرضنا وللشيطان، ولعل من المفيد ان ننظر لكلمة النصب فقد جاءت باحوال مختلفة هي نُصْب ونُصُب ونَصْب، وكلها تلتقي في معنى واحد هو البلاء والتعب والشر، ونقول: الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا، اللهم انك عفو تحب العفو فاعفُ عنا.
| |
|