آب اللهاب.. يا أخي، اعلم أنك في عزّ الصيف، فلماذا تلبس رداء الشتاء، في مواجهة رداءة الحال؟! *** آب اللهاب.. وأنت تفكر بما بعد هذا الشهر.. أعرف هذا . وأنا أقرأ صفحة سهومك، فالذي تدركه بأن الشتاء القادم لن يكون فيه دفء ولا نار ولا وقود.. إذن فليكن ما قررت أن تفعله، عن سبق إصرار، في آب اللهاب، بأن تلبس الصاك ، وترتدي الصوف، وتضع البياض على رأسك، كي تتقمص هيئة الخلايا الشمسية لتخزن قرص الشمس في جسدك، وتعود في الشتاء القادم فينيقا حراريا، مكتفيا بذاتك.. *** فكّر كثيرا، ومجّ على سيجارتك.. تأمل بنظارتك، ونظرك، وبصيرتك، القادم من الأيام!! أرأيت.. الدنيا تغيرت كثيرا، وهذا الحرّ الشديد الذي يثير مرجل الروح، ويفتت كبد الجسد، ويثير ذكريات الصحراء، سيعيدنا إلى البدء الأول حينما لم تكن الأرض أرض ولا السماء سماء . تلك اللحظة أنت تفكر بها الآن، ويثيرك فيها هاجس الشتاء القادم، وأنت تعلم بأنه سيمضي العمر بين النار والبرد، وسيزداد عدد الفقراء، وسيتنامى الأسى، والحزن.. لكنه آب الذي يبقى؛ هو الشهر الوحيد الذي من الممكن أن يتم استثمار ناره لتكون دفئا نختزنه، ولو من باب الذكرى للشتاء القادم، ببرودته التي سيعز فيها الدفء، والوقود، وراحة البال.