موضوع: لماذا دهان الحجر وتزفيت الأسطح ؟ السبت أكتوبر 09, 2010 11:42 am
لماذا دهان الحجر وتزفيت الأسطح؟
د. أيّوب أبو ديّة
يوجد خطأ شائع في بلادنا يتمثل في أن تزفيت الأسطح أو دهان الواجهات الحجرية من الخارج قبل حلول فصل الشتاء يمنع العفن من النمو على الجدران والسقوف من الداخل. فكيف نبرر قولنا هذا؟ نحن نعلم أن مواد القطران أو الاسفلت أو السليكون الشفاف تمنع دخول المياه من خلالها، فهل تمنع في الوقت نفسه نمو العفن وتكاثره في داخل الأبنية؟ لا شك في أن التزفيت يمنع دخول مياه الأمطار عبر السطح إلى الداخل، ولا شك كذلك في أنه يزيد من كفاءَة السطح الحرارية قليلاً، لأنه يمنع السقف الخرساني من أن يكون رطباً في فصل الشتاء، وهذا العمل بحد ذاته يزيد من كفاءَة السطح الحرارية لأن الماء موصل جيد للحرارة، فإذا ترطب السطح بفعل مياه الأمطار فإنه يعمل على نفاذ كميات أكبر من الحرارة إلى الخارج في فصل الشتاء. كذلك فإن التزفيت على الأسطح سوف يساهم في عبور مقادير أكبر من الطاقة الحرارية إلى الداخل في فصل الصيف الحار، وذلك بحكم لون الزفتة الأسود الذي يمتص قدرا عظيما من حرارة أشعة الشمس. وبالرغم من ذلك كله، فإننا نشجع على تزفيت الأسطح في جميع الأحوال حماية للعقدات من الضرر بفعل تسرب المياه من خلالها. ولكن نمو العفن وتكاثره على الأسطح الداخلية مسألة لا علاقة لها بما سلف، إذ إن نمو العفن ناجم عن تكاثف بخار الماء الداخلي على السطح البارد وليس نتيجة تسرب مياه الأمطار من الخارج إلى داخل البناء. ونقصد ببخار الماء الداخلي بخار الماء الناجم عن نشاطات الإنسان في داخل منزله، مثل التنفس وإفرازات العرق والغسيل وتجفيف الثياب والطبخ وحرق وقود المدافئ، التي تعمل على الغاز أو مشتقات النفط، كما ينجم بخار الماء الداخلي عن نتح نباتات الزينة الداخلية وعن الاستحمام وما إلى ذلك. ولولا تكاثف بخار الماء لما استطاع العفن النمو والتكاثر على الجدران أو السقوف. ولا شك في أنه كلما زاد عدد سكان المنزل ازدادت كمية بخار الماء الناتجة وازداد بالتالي الضرر. وهذا ما يلاحظه المتزوجون حديثاً، إذ أنهم لا يشكون من العفن في بيوتهم إلا بعد قدوم الأولاد وازدياد عدد سكان المنزل، وذلك عندما تتضاعف الانشطة الداخلية مثل الغسيل وتجفيف ثياب الطفل وغلي الماء والحليب وما إلى ذلك. هذه الأنشطة جميعها تزيد من رطوبة الهواء الداخلي وتؤدي إلى غزارة تكاثف بخار الماء على الأسطح الباردة، بدءَاً من زجاج النوافذ فالجدران فالسقوف، لينتقل تكاثف بخار الماء بعدها إلى داخل الخزانات إذا ازداد بخار الماء كثيراً. وعندما يحدث تكاثف بخار الماء على سطح السقف من الداخل نتيجة برودة ذاك السطح بفعل ملامسته للجو الخارجي البارد، وبفعل ضعف مقاومته للحرارة نتيجة رداءَة عزله حرارياً، فإن العفن ينمو ويتكاثر على السطح الرطب بفعل قطرات المياه المتكاثفة التي تزود العفن بما يحتاج إليه من مياه. ولا بد من وجود سطح يقبل امتصاص الماء المتكاثف حتى ينمو العفن، فالسطح المشبع بالماء يزوّد العفن بالرطوبة المطلوبة لنموه وتكاثره بشكل دائم. لذلك فإننا لا نشاهد العفن ينمو على سطح السيراميك مثلاً، لأن السيراميك لا يمتص الماء، فعندما يتكاثف البخار على سطحه في الحمام أو في المطبخ، فإن قطرات الماء تنساب على سطحه إلى أسفل. ولكن يمكن مشاهدة نمو العفن على الحلول الاسمنتية بين بلاطة وأخرى، وسبب ذلك طبعاً هو امتصاص الاسمنت الأبيض (الروبة) لقطرات الماء، حيث يصبح رطباً ويوفر المياه للعفن كي ينمو ويتكاثر. وبناءً عليه، فإن دهان الحجر من الخارج بمادة تمنع نش الماء من خلال الحجر لن يمنع نمو العفن من الداخل، لأن تكاثف بخار الماء يتم على السطح الداخلي للجدار، تماماً كما يحدث عند تزفيت السطح، فإن تزفيت السطح لا يمنع العفن من النمو والتكاثر على السطح من الداخل. وبالتالي فإن المبالغ التي تنفق على هذه الإجراءات لا تفيد صاحب البناء في التخلص من الرطوبة الداخلية ونمو العفن على الإطلاق، بل هي مصاريف إضافية يتم انفاقها بلا مبرر، والأولى أن يتم إنفاقها على عزل البناء عزلاً حرارياً جيداً.
السبت أكتوبر 09, 2010 11:42 am