البلد : نقاط : 200500 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: الأطفال اللقطاء .. بين القبول والرفض الأربعاء أغسطس 25, 2010 4:09 pm | |
|
الاطفال اللقطاء.. بين القبول والرفض
ياسين الجيلاني - لا شك، ان قضية الاطفال اللقطاء - مجهولي النسب - او غير الشرعيين، في دول العالم الغربي، امر طبيعي وظاهرة لا تثير في النفس ما يكدرها، فهناك التشريعات البشرية التي اجازت ضروبا عدة من الشذوذ الجنسي، ففي الولايات المتحدة واوروبا، اصبحت مهنة البغاء حرفة، وتعطى بها المرأة إذناً وترخيصاً، يجعل صاحبته ضمن اصحاب الحرف، ويعطيها حقوقها المدنية كاملة!. في هذا التصريح دلالة قوية، ان التشريع البشري، تشريع قاصر ناقص، وان واضعيه - سواء أكانوا افراداً أم حكومات ام برلمانات - يحصرون انفسهم في المصلحة المادية وحدها، غافلين عن مقتضيات الدين والاخلاق، وهم دائماً محبوسون في اطار النفعية التي تحقق المصالح دون القيم، غير عابئين بالعالم الكبير والانسانية الرحبة. فالعالم هناك قوامه - اخر الامر - افراد هم يشرعون ليومهم وحاضرهم المحدود، ذاهلين عن غدهم، جاهلين ما تأتي به الايام، وهم فوق ذلك بشر، فيهم ضعف الانسان وقصوره وشهواته (انه كان ظلوماً جهولا). فلا عجب.. ان تأتي تشريعاتهم البشرية ضيقة النظرة، سطحية الفكرة، مادية المنزع وقتية العلاج، موضعية الاتجاه.. ولا عجب، ان ترى المشرع البشري في تلك الدول، كثيراً ما يحل تبعاً للهوى وارضاء لمشاعر الرأي العام. مع ما يعلم في ذلك من الخطر الكبير والشر المستطير. انهم لا يتعاملون مع الانسان من حيث هو الانسان، ذو فطرة عامة شاملة، وذو قيم اخلاقية وروحية، ومبادئ تسعى الى تحقيقها الانسانية في سيرها الدائب نحو الكمال، وضد العنف للمرأة والى ضرورة التركيز على جانب الوقاية من هذه القضية قبل وقوعها وتوعية المجتمع بمخاطرها وسلبياتها. اليوم.. بدأت مشكلة الاطفال اللقطاء تنمو في مجتمعنا، وباتت تصيب اعماق حياتنا الاجتماعية في شتى مناحيها، وهذه المشكلة وان ظهرت في العاصمة اولاً، ولكنها تخطت حدودها الضيقة لتمتد الى بقية المدن والقرى والاغوار. وربما يكون من اسبابها بين الشباب، ما يتمثل في العنوسة والبطالة والفقر، وضعف الوازع الديني وانتشار الكحول والمخدرات ورواج الزواج العرفي وزواج المتعة وزواج المسيار، اضافة الى انتشار العاملات في المنازل او في استقدام العاملات الآسيويات في المدن الصناعية، وان كان آخر مسبباتها تلك التي ادخلت عنوة الى بلادنا، كمراكز التدليك والمساج في الفنادق وفي الاحياء الراقية، هؤلاء الذين يعملون في الغالب دون ضوابط مهينة او رقابة خلقية كافية. واننا لنعجب ما نسمعه كل يوم، او ما نطاله في صحفنا المحلية من حوادث رمي الاطفال حديثي الولادة الشرعيين وغير الشرعيين، او بالقائهم او بقتلهم فور ولادتهم، بطرق بشعة يشمئز لها ضمير المواطن وانسانية.. ونعجب من هؤلاء الذين سلكوا طريق الضلالة والفجور مسالك عدة في تزيين افعالهم: خشية العار والفضيحة والاحتراز منهما، ومنها التنصل من مسؤولية الامومة والابوية. ومن العجب ان هؤلاء نسوا ان من حق اولئك الاطفال، العيش في كنف الاسرة وحنان الوالدين، وهو حق إلهي وانساني في آن واحد. لقد بيّن القرآن الكريم ضلالة هؤلاء الذين استحلوا ما يجب ان يحرم، وحرموا ما يجب ان يحل، فقال تعالى: ''قد خسر الذين قتلوا اولادهم سفهاً بغير علم، وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله، قد ضلوا وما كانوا مهتدين''.. سورة الانعام: 140. ان تحريم الحلال قرين الشرك، وان الله حرّم على الناس جميعاً الزنا واعاضهم عنها بالزواج الشرعي الحلال، وان الله اذ حرّم الزنا حرم كل مقدماته ودواعيهو من خلوة آثمة واختلاط عابث، تكون ثمرته اطفالاً غير شرعيين. ان الدين حرّم كل علاقة جنسية تقوم على الزواج غير الشرعي، وحرّم كل قول او عمل يفتح نافذة على علاقة محرمة، وهذا سر نهي القرآن عن الزنا بهذا التعبير المعجز: (ولا تقربوا الزنا، انه كان فاحشة وساء سبيلاً).. سورة الاسراء: 32. فلم يكتفِ بالنهي على تحريم الزنا ومحاربته لما يؤدي اليه من اطفال لقطاء، ومن اختلاط الانساب، والجناية على النسل، وانحلال الأسر، وتفكك الروابط، وانتشار الأمراض المعدية كالأيدز، وطغيان الشهوات وانهيار القيم الانسانية كافة. ومهما اختلفت الزوايا التي ينظر فيها الى قضية اللقطاء، ومهما تعددت الاراء وتباينت المواقف فإن القضاء على هذه الظاهرة ممكن، فبالاضافة الى جهود وزارة التنمية الاجتماعية، والمجلس الوطني لشؤون الاسرة والمؤسسات الاخرى ذات العلاقة، للحد من هذه القضية والنوعية بمخاطرها وسلبياتها على المجتمع بشكل عام، فإن الحل الامثل يأتي من نفس المواطن ووجدانه، وعليه تقع التبعة الخلقية امام ضميره وامام الله وامام الناس، كما تقع التبعة الجنائية امام القانون.. وبعبارة اخرى، لا بد من الضمير الحي الذي يوقف الفرد عند حدود الحلال، ويردعه عن اقتراف الحرام، ذلك الضمير لا ينمو غرسه الا في تربة الايمان بالله والدار الاخرة، وصدق رسول الله اذ قال: (اذا اراد الله بامرئ خيراً جعل له واعظاً من نفسه). فاطفالنا هم فلذات قلوبنا، هم بذور اليوم ومناط الرجاء وهم رجال المستقبل وقادته.
منقول
| |
|