موضوع: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى الثلاثاء أغسطس 17, 2010 8:40 pm
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
***
( ابن تيمية الشيخ الإمام العالم، المفسر، الفقيه، المجتهد، الحافظ، المحدث، شيخ الإسلام، نادرة العصر، ذو التصانيف الباهرة، والذكاء المفرط ). الذهبي
-----
( إمام الأئمة المجتهد المطلق ). الشوكاني
----
( كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحداً لا يعرفه مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه ولا تكلم في علم من العلوم، سواء أكان من علوم الشرع أم غيرها إلا فاق فيه أهله، والمنسوبين إليه، وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف، وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين ). كمال الدين بن الزملكاني
-----
( صليت مرة الفجر خلف شيخ الإسلام بن تيمية فظل يذكر الله حتى انتصف النهار ثم التفت إلى وقال هذه غدوتي لو لم أتغذى غدوتي سقطت قوتى ).ابن القيم
----
( سمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير. وعني بالحديث وقرأ ونسخ، وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي ، ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه حتى فهم في النحو، وأقبل على التفسير إقبالاً كلياً، حتى حاز فيه قصب السبق، وأحكم أصول الفقه وغير ذلك. هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فُرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه ..
وقلّ كتاب من فنون العلم إلا وقف عليه، كأن الله قد خصه بسرعة الحفظ، وإبطاء النسيان لم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء - غالباً - إلا ويبقى على خاطره، إما بلفظه أو معناه، وكان العلم كأنه قد اختلط بلحمه ودمه وسائره). ابن عبد الهادي
***
هو أحمد تقي الدين أبو العباس بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني . وذكر مترجموه أقوالاً في سبب تلقيب العائلة بآل (تيمية) منها ما نقله ابن عبد الهادي رحمه الله : (أن جده محمداً كانت أمه تسمى (تيمية)، وكانت واعظة، فنسب إليها، وعرف بها. وقيل: إن جده محمد بن الخضر حج على درب تيماء، فرأى هناك طفلة، فلما رجع وجد امرأته قد ولدت بنتاً له فقال: يا تيمية، يا تيمية، فلقب بذلك) .
ولد رحمه الله يوم الاثنين، عاشر، وقيل: ثاني عشر من ربيع الأول سنة 661هـ. في حرّان . وفي سنة 667هـ أغار التتار على بلده، فاضطرت عائلته إلى ترك حران، متوجهين إلى دمشق ، وبها كان مستقر العائلة، حيث طلب العلم على أيدي علمائها منذ صغره، فنبغ ووصل إلى مصاف العلماء من حيث التأهل للتدريس والفتوى قبل أن يتم العشرين من عمره .
***
( إذا رأيتموني في ذلك الجانب ( أي في جانب العدو ) وعلى رأسي مصحف فاقتلوني ).
---
( وكذلك إذا صار لليهود دولة بالعراق وغيره ، تكون الرافضة من أعظم أعوانهم ، فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ، ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم ) ---
( الصلاة فيها دفع مكروه وهو الفحشاء والمنكر، وفيها تحصيل محبوب وهو ذكر الله، وحصول هذا المحبوب أكبر من دفع ذلك المكروه).
---
( الدنيا كلها ملعونة ، ملعون ما فيها ، إلا ما أشرقت عليه شمس الرسالة ، وأس بنيانه عليها ، ولا بقاء لأهل الأرض إلا مادامت آثار الرسل موجودة فيهم ، فإذا درست آثار الرسل من الأرض و انمحت بالكلية خرب الله العالم العلوي والسفلي وأقام القيامة ).
---
( كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم .. وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك ؛ فسببه مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم - والدعوة إلى غير الله ).
***
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تُشْكِل عليّ فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر ويَنْحَلّ إشْكال ما أشْكَل . قال : وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني ذلك مِن الذِّكْر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي .
---
ومن الناس من يزهد لطلب الراحة من تعب الدنيا ، ومنهم من يزهد لمسألة أهلها ، والسلامة من أذاهم ، ومنهم من يزهد في المال لطلب الراحة ، إلى أمثال هذه الأنواع التي لا يأمر الله بها ولا رسوله ، وإنما يأمر الله ورسوله أن يزهد فيما لا يحبه الله ورسوله ، ويرغب فيما يحبه الله ورسوله ، فيكون زهده هو الأعراض عما لا يأمر الله به ورسوله ، أمر إيجاب ولا أمر استحباب ، سواء كان محرما ، أو مكروها ، أو مباحا مستوي الطرفين في حق العبد ، ويكون مع ذلك مقبلا على ما أمر الله به ورسوله ، وإلا فترك المكروه بدون فعل المحبوب ليس متعين كذلك ، بل تزكو النفس ، فإن الحسنات إذا انتفت عنها السيئات زكت ، فبازكاة تطيب النفس من الخبائث ، وتعظم في الطاعات ، كما أن الزرع إذا أزيل عنه الدغل زكا وظهر وعظم .
---
الخشوع يتضمن معنيين ، أحدهما : التواضع والذل والثاني : السكون والطمأنينة ، وذلك مستلزم للين القلب المنافي للقسوة ، فخشوع القلب يتضمن عبوديته لله وطمأنينته أيضا ، ولهذا كان الخشوع في الصلاة يتضمن هذا ، وهذا : التواضع ، والسكون . وعن ابن عباس في قوله : " الذين هم في صلاتهم خاشعون " المؤمنون (2) قال: مخبتون أذلاء . وعن الحسن وقتادة : خائفون . وعن مقاتل متواضعون . وعن علي : الخشوع في القلب ، وأن تلين للمرء المسلم كنفك ، ولا تلتفت يمينا ويسارا وقال مجاهد : غض البصر وخفض الجناح ، وكان الرجل من العلماء إذقام إلى الصلاة يهاب الرحمن أن يشد بصره ، أو أن يحدث نفسه بشيء من أمر الدنياوعن عمرو بن دينار : ليس الخشوع الركوع والسجود ، ولكنه السكون وحب حسن الهيئة في الصلاة . وعن ابن سيرين وغيره : كان النبي وأصحابه يرفعون أبصارهم في الصلاة إلى السماء ، وينظرون يمينا وشمالا حتى نزلت هذه :" قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون" فجعلوا بعد ذلك أبصارهم حيث يسجدون ، وما رؤي أحد منهم بعد ذلك ينظر إلا إلى الأرض. وعن عطاء : هو أن تعبث بشيء من جسدك وأنت في الصلاة وأبصر النبي رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال ( لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ) وخشوع الجسد تبع لخشوع القلب ، إذا لم يكن الرجل مرائيا يظهر ما ليس في قلبه كما روى : تعوذوا بالله من خشوع النفاق ، وهو أن يرى الجسد خاشعا والقلب خاليا لا هيا . فهو سبحانه استبطأ المؤمنين بقوله" ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق " فدعاهم إلى خشوع القلب لذكره وما نزل من كتابه ، ونهاهم أن يكونوا كالذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم ، وهؤلاء هم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا).
توفي شيخ الإسلام رحمه الله ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة من سنة (728هـ) بقلعة دمشق التي كان محبوساً فيها، وأُذن للناس بالدخول فيها، ثم غُسل فيها وقد اجتمع الناس بالقلعة والطريق إلى جامع دمشق، وصُلي عليه بالقلعة، ثم وضعت جنازته في الجامع والجند يحفظونها من الناس من شدة الزحام، ثم صُلي عليه بعد صلاة الظهر، ثم حملت الجنازة، واشتد الزحام، فقد أغلق الناس حوانيتهم، ولم يتخلف عن الحضور إلا القليل من الناس، أو من أعجزه الزحام، وصار النعش على الرؤوس تارة يتقدم، وتارة يتأخر، وتارة يقف حتى يمر الناس، وخرج الناس من الجامع من أبوابه كلها وهي شديدة الزحام.
---
ولما توفي في السجن رثاه ابن الوردى رحمه الله بقصيدة بليغة يقول فيها:
هُمْ حسدوهُ لما لم ينالوا *** مناقبَهُ فقد مكروا وشاطوا
وكانوا عن طرائقهِ كسالى *** ولكنْ في أذاهُ لهم نشاطُ
وحبسُ الدرِّ في الأصدافِ فخرٌ *** وعندَ الشيخِ بالسجنِ اغتباطُ
بآلِ الهاشميّ لهُ اقتداءٌ *** فقد ذاقوا المنونَ ولمْ يواطُوا
بنو تيميَّةٍ كانوا فباتوا *** نجومَ العلمِ أدركها انهباطُ
ولكنْ يا ندامةَ حاسديهِ *** فشكُّ الشركِ كانَ بهِ يُماطُ
ويا فرحَ اليهودِ بما فعلتم *** فإنَّ الضدَّ يعجبُهُ الخباطُ
ألمْ يكُ فيكمُ رجلٌ رشيدٌ *** يرى سجنَ الإمامِ فيُستشاطُ
إمامٌ لا ولايةَ كانَ يرجو *** ولا وقفٌ عليهِ ولا رباطُ
ولا جاراكمُ في كسبِ مالٍ *** ولم يُعْهَد لهُ بكمُ اختلاطُ
ففيمَ سجنتموهُ وغظْتموهُ *** أما لجزا أذِيَّتِهِ اشتراطُ
وسجنُ الشيخِ لا يرضاهُ مثلي *** ففيهِ لقدرٍ مثلكمُ انحطاطُ
أما واللهِ لولا كتمُ سرّي *** وخوفُ الشرِّ لانحلَّ الرباطُ
وكنتُ أقولُ ما عندي ولكنْ *** بأهلِ العلمِ ما حَسُنَ اشتطاطُ
فما أحدٌ إلى الإنصافِ يدعو *** وكلٌّ في هواهُ لهُ انخراطُ
سيظهرُ قصدُكم يا حابسيهِ *** ونيتُكُمْ إذا نُصِبَ الصّراطُ
فها هو ماتَ عندكمُ استرحتمْ *** فعاطوا ما أردتم أنْ تعاطوا
وحُلُّوا واعقدوا منْ غير ردٍّ *** عليكمْ وانطوى ذاكَ البساطُ
---
رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية ناصر السنة وقامع البدعة والفتنة فقد فضح أهل الأهواء والشهوات وفضح المتصوفة والروافض وما زالت امتنا تنهل من علمه إلى يومنا هذا وإلى ماشاء الله فقد كان حجة في قوله وفهمه وسلامة عقيدته جمعنا الله وإياه في جنات النعيم مع الأنبياء والصالحين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.