فاتن الكوري - الزعفران.. نبات زنبقي من فصيلة السوسنيات والجزء الفعال فيه اعضاء التلقيح التي تسمى(السمات), موطنه الاصلي جنوب غرب آسيا. بدأت زراعة الزعفران في القرن العاشر ميلادي في بلاد فارس في دربينة واصفهان، وهنالك انواع اخرى من الزعفران تزرع في ديليشاني وسنغفور (مناطق جبلية في ايران)، وتؤكد بعض الدراسات أن أول من أدخل زراعة الزعفران إلى اسبانيا هم العرب ابان الفتح الإسلامي للأندلس والتي تعد في أيامنا هذه إحدى أكبر الدول المنتجة للزعفران في العالم. وكما عرفت أوروبا حرب الزعفران التي استمرت لمدة أربعة عشر اسبوعاً وقد نشبت هذه الحرب بعد قيام بعض النبلاء بالاستيلاء على شحنة من الزعفران.
خيوط الزعفران
ويستخرج الزعفران من زهرة صغيرة لونها موف يوجد في قلبها خيوط الزعفران عددها ثلاث تسمى وسمات ذات لون برتقالي مائل للحمرة يتم استخراجها بدقة متناهية وبأيدي اشخاص ذو خبرة وفن من حيث التقاطها وتجميعها وتعتبر زراعتها مكلفة ماديا وفنيا وتقنيا لذا اصبح سعرها باهظ الثمن خصوصا الانواع الفاخرة.وأكثر الدول انتاجاً للزعفران هي ايران واسبانيا حيث تنتج هاتان الدولتان 80% من الإنتاج العالمي للزعفران بالاضافة الى المغرب والهند وأذربيجان وإيطاليا وتركيا واليونان, أما أثمن أنواع الزعفران فهو الزعفران الكشميري لذلك يلجأ البعض إلى غش الزعفران الكشميري وذلك بمزجه بالزعفران متعدد المصادر الأقل جودةً وثمناً، كما تلجأ الشركات السيئة السمعة إلى مزج الزعفران بأزهار مشابهة كالعصفر وقد ذكرت بعض المصادر التاريخية أنه في القرن الخامس عشر في نورمبيرغ كانت عقوبة الشخص الذي يغش الزعفران تتمثل في دفنه وهو على قيد الحياة. كما ان عملية التجفيف للزعفران الطازج تفقده الكثير فكل (25) كيلو منه تصبح بعد التجفيف خمسة كيلو غرامات فقط. ويبلغ الإنتاج العالمي من الزعفران 300 طن سنوياً ويصل سعر الكيلو غرام الواحد من الزعفران إلى اكثر من اثنى عشر ألف دولار وذلك لأن انتاج كيلو غرام واحد من الزعفران الجاف يحتاج إلى 150 ألف زهرة كما أن انتاج كيلو غرام واحد يحتاج إلى مساحة 2000 متر مربع أي دونمين من الأرض.
التوازن الوراثي للزعفران
ولا تنتج ازهار الزعفران البذور وذلك لأن جميع أفراد الجنس «كروكوس» الذي تنتمي إليه النباتات ثنائية الكروموزومات باستثناء الزعفران حيث أنه نبات ثلاثي الكروموزومات لذلك فإن الزعفران غير متوازن من الناحية الوراثية وهذا هو سبب عقم هذا النبات لذلك فإن إكثاره يعتمد على الكورمات وهي عبارة عن أجزاء تنموا تحت الأرض تسمى ابصال وتعتبر الكورمات المخزن الرئيسي للنشويات في هذا النبات.
قاتل الصقيع
يصل ارتفاع هذا النبات إلى نحو 40 سنتيمتراً ويزدهر في مناخ حوض البحر الأبيض المتوسط ويستطيع هذا النبات إحتمال الصقيع لغاية عشرة درجات مئوية تحت الصفر ويعرف بأنه «قاتل الصقيع»، كما أنه يحتمل الثلوج القصيرة الأمد وفي المناطق ذات معدلات الأمطار التي تتجاوز الألف ميليمتر. اثبتت التحاليل الكيميائية ان الزعفران يحتوي على أكثر من 150 نوعاً من المركبات الكيميائية ويصنف الزعفران مخبرياً تبعاً لتراكيز ثلاثة مركبات أساسية فيه هي الكروسين وهو المركب المسؤول عن اللون والبيكرو كروسين وهي المادة المسؤولة عن عن مذاق الزعفران ومادة السافرانال وهو المركب المسؤول عن الرائحة وقد تم وضع مقاييس جودة عالمية لتقييم جودة الزعفران وتعرف هذه المقاييس بالإيزو 3632 ويتم قياس مدى تركيز صبغة الكروسين في الزعفران وذلك بتسليط حزم ضوئية أطوال موجاتها 440 نانوميتر وكلما ازداد معدل امتصاص الزعفران لتلك الموجات الضوئية كلما دل ذلك على ازدياد تركيز صبغة الكروسين وكلما دل ذلك على جودة الزعفران ويتم قياس مدىامتصاص الموجات الضوئية بواسطة أجهزة قياس وتحليل الطيف الضوئي وتتراوح قوة ألوان الزعفران بين 110 و250 درجة لونية وكلما ازدادت درجة التلون كلما دل ذلك على جودة المنتج.
طارد الأرواح
بالإضافة إلى احتواء الزعفران على الكروسين والبيكروكروسين والسافرانال فإنه يحتوي كذلك على كاروتين من النمطين آ وب ويستخدم الزعفران في الطب التكميلي والطب البديل لطرد الأرواح الشريرة المتسلطة من الجسد كما يستخدم كمقشع ويستخدم كذلك لعلاج الحمى القرمزية والربو والأرق والسرطان وكمضاد للكآبة. في أحدث دراسة نشرتها مجلة «الطب والبيولوجيا التجريبية» المتخصصة, أثبت باحثون في المكسيك أن بالإمكان استخدام الزعفران, كأحد التوابل والبهارات لإضفاء النكهة على الطعام, كعامل واق من السرطان أو في البرنامج العلاجي المخصص لهذا المرض. ووجد الباحثون بعد مراجعة مجموعة كبيرة من الدراسات المخبرية والأبحاث التي أجريت على الحيوانات, أن الزعفران لا يمنع فقط تشكل الأورام سرطانية جديدة، ولكنه قد يسبب تقلص وانكماش الأورام الموجودة, كما يزيد فعالية العلاج الكيماوي ويشجع آثاره المضادة للسرطان. حيث أنه يمنع ظهور الطفرات والتشوهات الجينية، وذلك بسبب محتواه العالي من المركبات التي تعرف بالكاروتينويد التي تشمل أيضا مادتي «لايكوبين» و»بيتاكاروتين» كعوامل وقاية وعلاج من السرطان. ويمكن للزعفران أن يتحلل بسرعة بوجود عاملي الضوء والأكسدة لذلك يجب تخزينه في الظلام في عبوات محكمة الإغلاق بحيث لا يتعرض محتواها للأوكسجين. و ثمة نوع من زنابق الكروكوس مشابه للزعفران لكنه نوع سام جداً وبخلاف الزعفران الحقيقي الذي يتميز بالعقم فإن هذا الكروكوس السام ينتج بذوراً شديدة السمية وتعزى سمية هذا النبات إلى مادة الكولشيسين وهي مادة قلوية شديدة السمية تعيق انقسام الخلايا، ويمكننا تمييز الزعفران الحقيقي من الزعفران السام من خلال عدد مياسم أزهار كل منهما، فزهرة الزعفران السام تحتوي على ستة مياسم أما زهرة الزعفران الحقيقي فتحتوي على ثلاثة مياسم فقط.