موضوع: قرأت لك - الدبلوماسية الأحد مارس 07, 2010 7:41 pm
قرأت لك - الدبلوماسية
الدبلوماسية قديمة قدم التاريخ حيث كانت بشكل بدائي ليست بفن ولا بعلم كما في عصرنا الحاضر.. فان لكل عصر من العصور دبلوماسييه الذين يمثلون روحه وحاجاته. ففي القديم وعندما تبلورت قليلاً فكرة الدبلوماسية كانت الامبراطورية البيزنطية تخصص مناطق راقية لسكن الدبلوماسيين (السفراء) وتحظر على الجمهور الاتصال بهم. وكان قياصرة الروس يأمرون بزج أي دبلوماسي اجنبي في اعماق السجن اذا ما اظهر شيئاً من الفضول!! وفي البندقية حرم على مواطني الجمهورية التحدث الى الدبلوماسيين الاجانب، والا كان جزاء المخالفة الموت.. وفي انجلترا هدد (كرومويل) بطرد أي عضو من اعضاء البرلمان يضبط متلبساً بالحديث الى أي اجنبي. لكن الدبلوماسية تطورت مع الايام مع نضوج العمل الدبلوماسي.. وتغيرت معاملة الدول للدبلوماسيين وزاد احترامهم وحصانتهم العالية رغم ان ذلك لم يقض على ما قد يتعرض له الدبلوماسي من بعض المضايقات. وساد مفهوم الدبلوماسية الحديث منذ اوائل القرن (1)) تقريباً وهو ما يعني الوصف للبعثات التي تتبادل الدول ايفادها للتفاوض والتحدث باسم الحكومة والتعبير عن ارادتها، والدفاع عن وجهة نظرها لدى حكومة اخرى.. وتتألف البعثة الدبلوماسية من عدد من الموظفين يطلق على كل منهم "الممثل الدبلوماسي" وينقسم رؤساء البعثات الدبلوماسية الى ثلاث طبقات: السفراء، الوزراء، المفوضين ثم القائمين بالاعمال، ويعتمدون لدى وزراء الخارجية، كما يستعين رئيس البعثة الدبلوماسية بعدد من الموظفين الدبلوماسيين، من درجة مستشار وسكرتير اول وسكرتير ثان وسكرتير ثالث وملحق.. ويوجد الى جانب هؤلاء الموظفين الذين يكونون من موظفي وزارة الخارجية عدد من الموظفين الفنيين والملحقين العسكريين والتجاريين والثقافيين والعماليين، الذين ينتدبون عن الوزارات الاخرى للعمل في البعثات الدبلوماسية في الخارج. هذا وقد جرى العرف الدبلوماسي على ان تحصل الدولة مقدما على موافقة الدولة الاخرى على شخص رئيس البعثة الذي تعتزم اعتماده لديها.. واذا اخل الممثل الدبلوماسي بواجبات وظيفية جاز للدولة التي هو معتمد لديها ان تعتبره "شخصاً غير مرغوب فيه" وأن تطلب من حكومته سحبه، واذا كان تبادل العلاقات الدبلوماسية بين دولتين على مستوى سفراء سميت البعثة الدبلوماسية "سفارة"، واذا كان على مستوى وزراء مفوضين سميت "مفوضية. وقد تلجأ بعض الدول الى قطع العلاقات الدبلوماسية للاحتجاج او اظهار الاستياء من تصرف معين او كخطوة سابقة على الحرب وذلك بسحب افراد بعثتها.
(صفات الدبلوماسي)
في كتابه (فن الدبلوماسية) يقول المؤلف تشارلز روتر عن طرق اختيار الدبلوماسيين في عدد من دول العالم ومنها امريكا مثلا اذ يوضح ان الشخص الذي يرشح للعمل الدبلوماسي هناك لا بد ان تكون لديه القدرة على الابتكار والشخصية الجذابة القادرة على تكوين الصداقات وان يتوافر لديه الذكاء المقترن بالاخلاص والتواضع وحاصلا على درجة جامعية هذا ويجري للمتقدمين لهذا العمل او المهمة اختبارا تحريريا في اللغات الحديثة والقدرات العامة والناجحون في هذا الاختيار تجرى لهم مقابلة خاصة تتراوح مدتها بين ساعة وساعتين للفرد الواحد منهم توجه لهم فيها اسئلة تبدو بريئة وسهلة في ظاهرها مثلاً لماذا ترغب في العمل في السلك السياسي او ما الانجازات التي حققتها الولايات المتحدة خلال السنوات العشر الاخيرة وينطلق المرشح مستفيضا في اجابته لكنه يفاجا بعد ربع ساعة تقريبا بمن يذكره بانه ناقض نفسه مرتين ويقول احد رجال الخارجية الاميركية انه لا يعنينا الا يعرف المتقدم للمسابقة الدبلوماسية هذه الاجابة على الاسئلة الموجهة اليه فنحن انفسنا كثيرا ما لا نعرفها ولكن ما يعنينا هو كيف يتصرف عندما لا يعرف جوابا لسؤال ما وفي بريطانيا لا يكفي ان يكون المتقدم حائزا على درجة جامعية فحسب بل يجب ان يكون قد حصل على درجته هذه بمرتبة الشرف الاولى او الثانية ثم تعقد للمتقدمين اختبارات تستمر عدة اسابيع مقسمة على ثلاث مراحل المرحلة الاولى هي الاختبار التحريري وفيها يواجه المتقدم أي سؤال قد يخطر او لا يخطر ببال المرء مثل هل تعتقد ان الحياة السياسية في بريطانيا تفتقر الى المثالثة او ما الحقائق التي تستهدفها نظريات علم النفس ثم تاتي بعد ذلك المرحلة الثانية التي يسلم فيها الناجحون في المرحلة الاولى حقيبة ممتلئة بالتقارير والرسائل والبرقيات التي تدور حول مشكلة خيالية قريبة الشبه الى حد كبير من المشاكل الحاضرة ويطلب منه دراسة هذه المعلومات ورسم خطة عمل لحل المشكلة وليس الغرض من ذلك هو معرفة قدرته على استيعاب هذا الخليط المتنافر من المعلومات والاحصائيات والوصول الى جوهر المشكلة ثم عرض خلاصة ذلك بوضوح ودقة فحسب بل معرفة قدرته ايضا على ايجاد امثل الحلول على ضوء الامكانات المتوافرة ثم يعقد بعد ذلك اختبارا شخصيا للذين يجتازون بنجاح المرحلة الثانية. اما فرنسا فتعد من اكثر الدول حرصا على توخي الدقة والعناية في اختيار دبلوماسييها حيث تقوم نخبة من الاساتذة باستعراض اقصى مهاراتها في وضع اسئلة شديدة التعقيد للمتقدمين في اللغة الانجليزية والالمانية والتاريخ والجغرافيا والقانون الدولي والفلسفة وفي معلومة خاصة يقول مؤلف كتاب فن الدبلوماسية تشارلز روتر لعل الولايات المتحدة الامريكية هي الدولة الوحيدة التي يستطيع فيها أي شخص مهما كانت دراسته او مهنته ان يكون سفيرا بشرط واحد هو ان يكون مليونيرا اذ ليس عليه سوى ان ينتظر حتى يحين موعد انتخابات الرئاسة ثم يعلن عن رغبته في خدمة قضية الولايات المتحدة الامريكية في الخارج ويتبع ذلك بالتبرع بمبلغ كبير من المال لتمويل الحملة الانتخابية لمرشح الحزب الذي يناصره فاذا ما نجح هذا المرشح فغالبا ما ينال هذا الشخص جائزته ويتحقق امله ومن البديهي ان الحزب الذي يفشل في الانتخابات يشن حملة استنكار شديدة على الحزب الناجح ويتهمه بانه يعرض مصالح البلاد في الخارج للخطر لانه يبيع الوظائف الدبلوماسية في المزاد وتخضع مثل هذه التعيينات لتصديق مجلس الشيوخ الذي له الحق في الاعتراض عليها جميعا.
الأحد مارس 07, 2010 7:41 pm