الوسواس الذي يقهر ..

البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970

الوسواس الذي يقهر..

د.عدنان الطوباسي - اذا كانت الحياه في بعض اركانها تقهر الانسان ....وتهز كيانه ...وتحيل ليله الى نهار ...ونهاره الى ليل ...فان هناك سلوكاً اخر في بعض الناس يفرض نفسه على البعض ويلازمه حتى يسيطر عليه ويتسلط على ملامح حياته وكيانه ونفسه فيشعر وينشغل بافكار وهموم وقضايا غير سارة ويصبح اسير القلق والتوتر والالم ....انه الوسواس القهري ...الذي يأتي متسلطا على افكار البعض من بني البشر فيصبح اسير هذا الوسواس ويتوه في عوالمه ويمضي مكبلا به ليظلل نفسه وحياته بالشك مرة والريبة مرة اخرى فيفقد لذة الحياة وبريق الامل وسعادة الدنيا ....
قالت لي احدهن انها ...كلما خرجت من البيت وغلقت الابواب ...قالت لنفسها بل وسوست لها نفسها ان الضوء لم تطفئه ..وبعض من النوافذ تشك في انها اغلقتها ...ولعل الصوبة ما زالت مشتعلة رغم انها تأكدت من اغلاقها ...فتعود مرة اخرى لتتخلص من هذا الوسواس الذي حيرها وقهرها لتجد ان كل شيء كان سالما وان ما وسوست به نفسها لم يكن الا مجرد وسواس اصابها .لتعود مرة اخرى لتغسل يديها اكثر من مرة..واحيانا تعود فتشك انها لم تغسل يديها وهكذا تمضي حالها الوسواس القهري تجسده صور وافكار ومخاوف واندفاعات متكررة غير مرغوب فيها وان نسبه حدوثه في المجتمعات تصل احيانا الى 5% كما تشير الدراسات .
وتكمن اعراضه في كثير من الافكار التي تتعلق احيانا بالدين والدنيا والوجود والصور التي تتكرر مع الانسان في الحياة... تصوره لصديق داهمته سيارة او حادث او وقع في نهر او حفرة او سقط من عماره شاهقة... كذلك فان البعض يصاب بالوسواس القهري نتيجة مخاوف من السكن او العمل وان يحدث له شيء هنا او هناك ...ويشار الى العديد من الخصائص التي تسيطر على المريض بالوسواس القهري مثل الشك الدائم وعدم التكيف في اماكن ومواقع او اشخاص وعدم المرونه وانه يهتم بادق التفاصيل ويحب النظام ويتشدد في موافقه ولديه بعض الافكار الاضطهادية وكثير الشكوى من الاخرين ...ومنهم من تكون طفولته قد تعرضت الى ضغوطات نفسية ومشاكل وصور مؤلمة شتى .
وتكمن اسباب الوسواس القهرس الى جانب الاسباب الوراثية فان هناك اسباباً فسيولوجيه واضطراب في تكوين شخصية الفرد ومنذ صغره .
ويقول الدكتور وائل ابو هندي في حديثه عن الوسواس القهري : بداية ظهور الاعراض غالبا ما تكون في العقد الثالث من العمر اي ما بين العشرين والثلاثين ،وان كانت تظهر في سنى المراهقة او حتى الطفولة في بعض الحالات ، ،وغالبا مايكون المسار تدريجيا ،بمعنى زيادة حدة الاعراض بمرور الوقت ،وان اختلفت مواضيع الوسواس والافعال القهري من فتره لاخرى ،فالذين يعانون من إعادة التحقق في فترة يتحولون الى مسرفين في غسيل ايديهم على امتداد المسار المرضي ،وفي نسبه تصل 85% من المرضى يكون المسار المرضى للوسواس القهري مستمرا مابين فترة اتقاد وانطفاء للاعراض وهناك حالات يكون فيها ذلك المسار النوبي تعبير عن اضطراب وجداني مستتر تكون النوبه الوسواسية فيه بمنزلة نوبة بديلة عن الاكتئاب ، ،الا ان المسار لا يعتمد نوعية الاعراض او محتوى الافكار التسلطية او الافعال القهرية لكن ذلك لا يمنع وجود علامات تشير الى مأل اسوأ في بعض الحالات مثل : 1- الاستسلام للافعال القهرية بدلا من مقاومتها .
2- وجود بعض الاقتناع او الاقتناع التام بالافكار الوسواسية بدلا من رفضها 3- ان تكون الافعال القهرية غريبة او شاذة .
4- وجود اضطراب شخصية كما يتضح من تاريخ حياة المريض قبل المرض خاصة اضطراب الشخصية الفصامية النوع 5- ان تكون تأثير اعراض الاضطراب في سن الطفولةه 6- ان يكون تأثير الاعراض في حياه المريض وادائه الوظيفي كبيرا الى الحد الذي يستدعي دخول المستشفى .
7- وجود تاريخ للوسواس القهري في عائلة المريض 8- ان يتأخر المريض في اللجوء الى الطبيب النفسي اما العلامات التي تشير الى مأل افضل فهي: -ان يظهر التاريخ الشخصي للفرد قبل المرض قدرا جيدا من التوافق والتكيف الوظيفي والاجتماعي لان ذلك يشير الى شخصيه متكيفة مع الحياة بطبيعتها -ان تتزامن بداية الاعراض مع حدث حياتي ذي تأثير في حياة المريض اي ان تكون هنالك زيادة الضغوط النفسية الحياتية او الكرب في الفترة التي تسبق او تصاحب بداية المرض ومن امثله ذلك الولادة او الاجهاض او الزواج او اصابات الرأس التي ينتج عنها ارتجاج في المخ او استخدام المخدارت لاول مرة -ان تكون الافكار التسلطية او الافعال القهرية عرضية في حياة المريض او بمعنى اخر ان يكون ظهورها مؤقتا او محدودا حيث المدة الزمنية ،حتى ان تكررت على نوبات .
-ان تكون مدة معاناه المريض من الاعراض قبل عرضه على الطبيب النفسي قصيرة لان هناك ما يشير الى استجابة افضل للعلاج كلما قصر عمر الاعراض .
يعالج الوسواس القهري بالاطمئنان والتقرب من الله « الا بذكر الله تطمئن النفوس « وبدعم الاسره وتشجيعها للمصاب والاستماع اليه والحوار معه.. وتحفيزه واشراكه مع الاصدقاء... وللمدرسة دور كبير في الاهتمام به ومشاركته بالانشطة وعلى حثه على مقاومة الافكار السلبية واشغال نفسه بالاعمال والانشطة والمطالعة ومساعدة الاخرين وممارسة الرياضة والمشي والاسترخاء ...وقبل هذا وذاك التوجه الى الله سبحانه وتعالى والاتكال عليه وطلب رحمته ورضوانه .

منقول