البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: شئ من اللغة - مع الحرفين على وفي هداية وضلالا الجمعة فبراير 26, 2010 3:00 pm | |
|
شيء من اللغة - مع الحرفيْن على وفي هداية وضلالاً
د. كامل جميل ولويل - من السهل ان تجد الحرف (على) في الجمل المعبرة عن شؤون الحياة العادية، تقول: الكتاب على المقعد، أي فوق المقعد، ومثل ذلك في السهولة استعمال في، تقول: المفتاح في الدُرج أي المفتاح في داخل الدرج. الحرف على يدل على العلو والحرف في يدل على الداخل.
ولكن استعمال هذين الحرفين في الاشياء المعنوية له منحى آخر، وله اتجاه آخر، ولكنه في كثير من المواضع لا تتقطع صلته بالاستعمال المادي الذي سبق ذكره.
تأمل قوله تعالى «وانا او اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين» سبأ 24، لقد ضمت الآية الحرفين (على) و(في)، جاءت كلمة (على) مع الهداية، وجاءت كلمة (في) مع الضلال، فماذا يقصد بذلك؟ والمعاني هنا تتجلى كما يلي: لما كان صوت القوة والحق مع صاحب الحق أي مع المُحِق، فإنه يكون واعيا لما يطلبه وواعيا لهدفه ويشعر بالقوة، وتظهر له الامور على طبيعتها اكثر من غيره، لما كان ذلك جاء الحرف (على) معه، لأن هذا الحرف يدل على العلو والظهور والاستعلاء، واما صاحب الباطل فكأنه منغمس في الظلام، لا يدري أي اتجاهه، وهو يتخبط يمينا وشمالا، ولذلك صلح للموضع الحرف (في) الذي يدل على الانغماس والجو المظلم الذي يحيط بالضال.
وقد ورد الحرف (في) وكأنه بمعنى على في آية واحدة من سورة طه، قال جل وعلا: «ولأُصلبنكم في جذوع النخل» 71ظن بعض القراء والمفسرين انها تحمل معنى (على) وهنا تهديد لهم من فرعون، لقد آمن السحرةُ دفعةً واحدة، فهددهم فرعون بانه سيصلبهم في جذوع النخل، وظن قوم انها بمعنى (على)، ولكن رد على ذلك لغويون وعلماء، قالوا: من اين للمصلوب العلو والارتفاع، ومن الذي يعلق المصلوب في اعلى النخل، فالتعليق في وسط النخل لتثبيت المصلوب من الخشب، وزاد آخرون قولا آخر فيه نكهة البلاغة، قالوا، كيف يصلب الإنسان فكلمة صلب مقترنة بالمسامير والدسر، وهي تغوص في اللحم ليكون جسم ذلك الإنسان المصلوب ملتصقاً بالخشب، بل لحمه اختلط بالخشب، فكان مجيء (في) في هذه العبارة مجيئا فذا، وضعف اللفظة في محلها كاللؤلؤة في القلادة، ولو جاء الحرف على بدل الحرف في لما ادت ذلك المعنى الرهيب المقزز الوحشي.
| |
|