البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: الإجهاضات المتكررة ، مشكلة تبحث عن حل الأحد نوفمبر 08, 2009 6:39 pm | |
|
الاجهاضات المتكررة، مشكلة تبحث عن حل
د. كميل موسى فرام - الرحم هو المسكن الآمن لفترة حضانة بداية الحياة لأي منا، حيث يتواجد أمن محمي داخل تجويف الحوض محاطاً بعظام الحوض، وفي ظروف حياة الأنثى الطبيعية فإن التجويف الرحمي لا يتعدى بمساحته عددا محدداً من الميليميترات، بل أن جدران الرحم تكون متلاصقة إلى حدٍ ما، والجدران تتكون من عضلات قوية مرتبة ترتيباً تشريحياً، يتغير طولاً وحجماً حسب الظروف الوظيفية للرحم، يرافقه في ذلك تغير في مستوى التغذية الدموية اللازمة للرحم حسب ظروف وظيفية، وتتكون بطانته من طبقة نسيجية تتجدد شهرياً، حسب المتغيرات الهرمونية، من أجل المحافظة على النسل واستمرارية الحياة، حيث أن هذا الرحم الصغير، يكبر حجماً لاحتضان الجنين بمراحله المختلفة حتى الولادة0 ولمجرد حدوث الحمل (وهو الحدث الأجمل والأحلى في سر الحياة الزوجية) يبدأ الزوجان بالتحضير لاستقبال عضو العائلة الجديد بعد توفير الظروف المثالية لرعايته طيلة فترة الحمل، وترتسم ملامح السعادة على الأفراد بالعائلة، وإذا ما حدث طارئ لهذا الحمل وتسبب بفقدانه (إجهاض) فهذا يعني أن وفاة حدثت بالعائلة، بما تشكله هذه الوفاة من آلم وحسرة، والإجهاض بكل معانيه وأسبابه أمر مؤسف للعائلة، مهما كان عدد أفرادها، وإنني أحارب فكرة تبناها البعض أحياناً بأن حملاً معيناَ يحتاج لرعاية وحرص أكثر من غيره، فكل ولادة للعائلة هو حدث سعيد، ويضفي بهجة أخرى على العائلة والمجتمع0 مع الأسف لا يوجد حتى الساعة تفسير لماذا يحصل الإجهاض، ومتى يتحول الحمل إلى حالة إجهاض، ولكن هناك جهودا تبذل لمعرفة السبب إن أمكن من أجل تفادي حصول الإجهاض في الحمولات القادمة، وسوف يتم التركيز في مقالتي هذه على مشكلة الاجهاضات المتكررة التي تعاني منها بعض العائلات محاولاً إضافة لمسة أمل وبارقة تفاؤل للمستقبل وهو جهدٌ متواضع أتمنى أن يفيد0 معدل حدوث الإجهاض المتكرر قبل الحديث عن معدل حدوث الإجهاض المتكرر لا بد من التنويه أن مفتاح الحل لهذه المعضلة هو تحديد التوقيت المناسب للبحث عن مسببات المشكلة، بشكل متدرج وعلمي بعيداً عن العواطف والمعتقدات الاجتماعية خصوصاً أن كل حمل لأي سيدة قد ينتهي بالإجهاض، وقد يتكرر هذا الحدث المؤسف على المستوى العائلي لمرات عدة متتابعة أو متقطعة، وليس هناك من غرابة أن تكمل السيدة بعد ذلك حملها القادم دون عوائق ومنغصات وبدون علاجات محددة أو خطة علاجية معينة ولذلك لا يجب أن يكون هذا الحمل عذراً مشروعاً لها بعدم البحث عن السبب الذي تسبب بالإجهاض السابق والمساعدة على تجنب ذلك مستقبلاً ما أمكن خصوصاً أن عمر السيدة واقترابها من سن الأربعين قد يكون لوحده ناقوس خطر لعدم المقدرة على الحمل والانجاب0 و من المعروف أن معدل حدوث الإجهاض للمرة الأولى في الحمل في العينة العشوائية قد يصل إلى حوالي 20% بغض النظر عن طبيعة الإجهاض وظروفه0 على أن أبين هنا أن هذا المعدل قد تم حسابه بنسبة معدلات الحمل بعد فوات اليوم الأول لتاريخ الدورة الشهرية المتوقع ، وكذلك فان هناك من الحمل نسبة غير معروفة لدينا وغير محددة حتى تاريخه تنتهي دون أن يكون هناك إثبات للحمل، والجهود المبذولة في المجتمعات المختلفة لتفادي هذه المشكلة، هي أقل من الطموح المتوقع لحجم وتأثير هذه المشكلة. إن إمكانية حدوث إجهاض آخر لأي سيدة يزداد طردياً حسب عدد الاجهاضات السابقة بدون معرفة السبب، وتقل هذه النسبة بعد الحمل الذي ينتهي بالولادة، والمتعارف عليه عالمياً وضمن جميع الدراسات العلمية التي نشرت حتى الآن أن معدل حدوث الإجهاض لأي سيدة يرتفع بتقدم عمر المرأة، خصوصاً بعد بلوغها سن الخامسة والثلاثين من العمر أو يزيد، ومنطقياً فان ذلك يرتبط بزيادة نسبة التشوهات الخلقية والجينية والتي ترتبط بنوعية البويضة التي تنتج في تلك الفترة العمرية، حيث أن جودة البويضات تقل مع تقدم العمر وعلى النساء الاعتراف بسنوات العمر لو أردنا الحمل والإنجاب، والتذكر دائماً أن الإنجاب في بداية الحياة الزوجية وفي عمر معين وحتى بداية العقد الثالث هو العمر الأنسب لهذا الحدث الاجمل0 ويجب التفريق بين معدل حدوث الإجهاض ومسببات حدوث الإجهاض فعدم الخلط بين هذين المفهومين هو الخطوة الأولى على سلم التشخيص والحل فيما بعد، حيث أن التعريف المتعارف عليه علمياَ للإجهاض المتكرر موضوع هذه المقالة العلمية هو تتابع حدوث الإجهاض لثلاث مرات متتالية أو أكثر، مع التأكد بوجود الحمل لفترة زمنية0 مسببات حدوث الإجهاض المتكرر هناك قاعدة منطقية أن يكون السبب الأوجه للإجهاض المتكرر وجود عوامل جينية تتعلق بالجنين ذاته أو عوامل تتعلق بالسيدة الحامل نفسها، أو في الزوجين مجتمعين خصوصاً في مجتمعاتنا التي ما زالت تشهد باطراد زواج الأقارب ولأسباب اجتماعية، يكون أحد ثمارها مع كل أسف زيادة نسبة التشوهات الخلقية وارتفاع معدل حالات الإجهاض المتكرر، ولن أدعي أنني في استعراض ذلك سأكون قادراً للإجابة على المسبب لكل حالات الإجهاض المتكرر هذه، ولكنه اجتهاد متواضع قد يفيد البعض على الأقل، بل ورسالة تحذيرية لمن يقرأ الأحرف بين السطور. مسببات التي تتعلق بالجنين فهي مسببات تتعلق بصورة أساسية بالتكوين الجيني (الكروموسومي) للجنين، علماً أن نسبة ولادة الأطفال ذوي التشوهات الجينية هي نسبة ضئيلة لما هو متوقع وتفسير ذلك علمياً ومنطقياً يعود أن معظم الأجنة ذوي التشوهات الجينية، تنتهي فترة نموهم بأيامهم الأولى داخل الرحم لعدم المقدرة على الاستمرارية، ويستثنى من ذلك بعض التشوهات الجينية المتعلقة بالكروموسومات الجنسية (X,Y) والتي تؤدي إلى ولادة أطفال يعانون من متلازمة طبية بأعراض معينة كالطفل المنغولي على سبيل المثال0 وأما المسببات التي تتعلق بالأم الحامل: فيمكن بحث هذه المشكلة من عدة أركان وزوايا، تتقاطع جميعها بتوفير البيئة غير المناسبة لنمو الجنين داخل الرحم، والنتيجة الحتمية لذلك حدوث الإجهاض وذلك حدث مؤسف في حياة السيدة بكل المعاني والنتائج0 وسوف اذكر تالياً قائمة من الأسباب، تزيد في معظمها من نسبة حدوث الإجهاض ( ولا أدعي هنا أنها السبب المباشر لذلك تحديداً) ومنها: -التدخين وآثاره السلبية عموماً - تناول الكحول بمختلف أشكاله وكمياته -التعرض للأجواء الشعاعية أو المواد الكيماوية -تناول العقاقير العلاجية التي قد تسبب تشوهات خلقية غير أن هناك أسبابا أخرى قد تساهم أو تسبب لمثل هذه الأمر المؤسف سأتناولها تالياً ببعض التفصيل غير أنني أريد التأكيد على حقيقة أساسية سأكررها مراراً بأن السبب الأوجه لحدوث الإجهاض يتعلق أساساً بتكوين الجنين الجيني، والتي نعجز عن تشخيصها وتحديدها بدقة أحياناً، لأنني مقتنع أن الزوجة التي تنشد الحمل، وتحلم بأن تكون أماً لطفل سليم، سوف توفر أنسب الظروف لضمان النجاح والابتعاد عن معيقات وصعوبات الحمل بشكل عام0 التقييم السريري هو الخطوة الأهم لمحاولة الوصول إلى السبب، فلا بد من سرد وتحليل السيرة المرضية وبالتحديد العوامل ذات العلاقة بالحمل والإجهاض، ولكلا الطرفين (الزوج والزوجة)، ثم تبدأ بعد ذلك مرحلة الفحوصات الشعاعية والمخبرية والتحليلية والعملية، ولا نفاجئ أن انزعاج الزوجين أحياناً يجعلهم يستعجلون الأمر بعد الإجهاض الأول أو الثاني على أبعد تحديد. على العموم إن إجراء الفحص السريري اللازم والمقرون بنتائج الفحوصات الأخرى سيساعد بالكشف عن السبب الأرجح بحدود 50% من الحالات على أبعد تقدير، ويبقى النصف الآخر من الحالات دون تشخيص طبي ولن أقول بعجزٍ طبي عن التشخيص، لأن نسبة لا بأس بها من هؤلاء سوف تحمل وتلد دون التدخل الطبي المساعد أو أية مشاكل. الفحوصات الهرمونية فوجود الخلل الهرموني خصوصاً في النصف الثاني من الدورة الشهرية يعتبر عاملاً مهماً ومساعداً لأن بناء جدار بطانة الرحم شهرياً يحتاج لإنتاج هرمون البروجيستيرون والاستروجين من الجسم الأصفر الذي يتكون بعد انفجار البويضة المكتملة النضوج والمحتوى، وجاهزيتها للتلقيح والبناء الصحيح في الزمن والشكل لبطانة الرحم، فيجعل من الرحم بيئة مناسبة لاستقبال البويضة الملقحة، وإن لم تجهز هذه البيئة ضمن الفترة الزمنية المناسبة ولأي سبب كان، وتحديداً لخلل هرموني معين، فإن النتيجة تتراوح بين الفشل في الحمل أو إجهاض محتم قد يتكرر عنوان هذه المقالة ويكون السبب الأوجه هو الخلل بهرمون البروجيستيرون الذي يشكل أحد ذراعي الهرمونات الأنثوية الأساسية للحمل والولادة.. ويمكننا تشخيص حالة نقص هرمون البروجيستيرون وتأثيره السلبي على ضعف بطانة الرحم عندما: ** يكون هناك نقص في الإنتاج الطبيعي لهذا الهرمون داخل جسم السيدة ولأي سبب كان كضعف المبيض، أو وجود خلل تكويني بالمبيض، أو خلل باستجابة المبيض لهرمون النضوج للبويضة (هرمون التفجير). ** يكون هناك خلل بإنتاج هرمون البروجيستيرون بعد عدة أسابيع من بداية الحمل مما يتطلب تناول مثبتات الحمل الهرمونية من أجل استمرارية الحمل لمرحلة إنتاج هذه الهرمونات من الخلاصة المرافقة للجنين صاحبة هذه الوظيفة الحساسة بعد الأسبوع العاشر من الحمل، وهذا الخلل الوظيفي ينتج من خلل تشريحي وفسيولوجي بإنتاج هرمون التحريض الوظيفي أو نتيجة خلل بتكوين الرحم وبطانته بالتحديد أو أن ذلك مرتبط بخلل تكويني بالجنين ذاته. هنا لن تفيد العلاجات الهرمونية بمنع الإجهاض وفي تقديري الشخصي المتواضع أن التمادي لمحاولة تثبيت هذا الحمل المهدد بأي ثمن ووسيلة، وبتعريض السيدة الحامل لجرعات كبيرة من الهرمونات فيه من الخطورة والسلبية ما يفوق بكثير الفائدة المتوقعة من مثل هذه الهرمونات. ** يكون هناك خلل بوظيفة الخلاصة بإنتاج هرمون البروجيستيرون حيث كمية الإنتاج لا تكفي للاستمرارية بالحمل في مراحله المختلفة، وهذا الخلل وضعف الإنتاج قد يتسبب من اختلال بحجم الخلاصة، أو خلل بالخلاصة ذاتها لإنتاج النوعية الجيدة من الهرمون التي تناسب الحمل. إن أخذ خزعة من بطانة الرحم تحت التخدير العام في النصف الثاني من الدورة الشهرية هو الاختبار الذهبي لتشخيص هذا الخلل الهرموني وتأثيره على نمو بطانة الرحم، ويفضل أخذ الخزعة بعد إجراء التنظير الرحمي في الوقت المناسب والتأكد من مشاهدة خريطة البطانة الرحمية السليمة والصحيحة، والخلل الهرموني سيتوافق بالتأكيد مع ضعف مستوى الهرمون (البروجيستيرون) ونوعيته في الدم عند مقارنة هذه النسبة مع النتيجة والتي يفضل أخذها في النصف الثاني من الدورة الشهرية وفي اليوم الحادي والعشرين على وجه التقريب لو أمكن، فمجرد تشخيص وجود هذا الخلل الكمي أو النوعي للهرمون يعتبر مفتاحاً للحل، وسيمكن الطبيب المعالج من وصف الجرعات العلاجية المناسبة في التوقيت المناسب، مع التذكير أن هناك احتمالية قائمة لوجود الخلل الجيني التركيبي في الجنين والتي تحتل رأس القائمة دائماً في حالات الإجهاض المتكرر عموماً، وللتذكير فإن تشخيص الخلل الهرموني يحتاج أيضاً لفحص مستوى الهرمونات بالدم خلال مراحل الدورة الشهرية، وتصحيح الخلل الهرموني يحتاج لجهد بسيط ودقيق. خلل الكروموسومات هناك على الأقل ما نسبته 50% من الاجهاضات المنظورة المؤكدة الحمل في الثلث الأول، تكون بسبب خلل كروموسومي جيني تركيبي حيث أن جميع الدراسات العالمية تتفق في هذا القول وهذه النسبة خصوصاً إذا أجري الفحص النسيجي التشريحي اللازم للجنين بعد الإجهاض مباشرة وهنا لا بد من التوضيح أن عدم خضوع الأنسجة للفحص النسيجي يعتبر جريمة ليس لها ما يبررها إطلاقاً. أما النسبة الأكبر ضمن هذه الفئة من الاجهاضات فقد ثبت بالدليل القطعي العلمي النسيجي التشريحي، أنها ضمن فئة الخلل الثلاثي الكروموسوم، وبحكم العمر في أكثر الأحيان أو أن يكون بسبب عامل السن في الرجل أيضاً أو عامل التكوين الجيني لأي من الزوجين وتكون تلك الصفة الوراثية متنحية غير ظاهرة وعليه فإن خطوة مهمة من خطة التشخيص تتضمن إجراء فحص الكروموسومات للزوجين لأن ما نسبته 5% من هذه الحالات ينتج بسبب وجود خلل عند الزوجين يؤثر بتكوين الجنين الجيني بنسب وراثية متفاوتة ولمجرد تشخيصها فقد يفتح الباب لخيارات الحل، فهذا الفحص يشكل ضرورة في تسلسل الفحوصات لحالات الإجهاض المتكرر الغير معروفة السبب، على أن أذكر هنا أن التقدم العلمي والتكنولوجي اليوم قد يكفل المعالجة الصحيحة في التوقيت المناسب وحتى لا نترك الأمر لعامل الصدفة والزمن دون الوضوح بالصورة والسبب. فأخذ عينة من الدم لكلا الزوجين لفحص الكروموسومات هي خطوة أساسية ومهمة ولا يسمح بتجاهلها تحت أي ظرف، وفوائدها عديدة لا تحصى، والطبيب مطالب بتوضيح الفائدة منها وعملها تحت أي ظرف . الأسباب المناعية من المعروف أن هناك أسباباً مناعية تسبب الإجهاض المتكرر، وليكن واضحاً ومعلوماً وبكل أسف أن تأثير العديد من هذه الأمراض المناعية على حدوث ميكانيكية الإجهاض لم يفسر حتى الساعة لنتمكن من وصف العلاج المناسب ومعظم النظريات التي تبحث هذا الأمر قد ثبت خطأها أو عدم اكتمال تفسيرها. ويمكن تقسيم الأسباب المناعية التي تتسبب في حدوث الإجهاض المتكرر إلى مجموعتين: ** فتضم المجموعة الأولى المناعة الذاتية للسيدة، وفيها يقوم الجهاز المناعي بجسم السيدة بمهاجمة الأعضاء الذاتية أو النسيجية للسيدة، ** أو أن الجهاز المناعي للسيدة يهاجم الأنسجة التي يعتبرها غريبة لفشله بالتعرف عليها. فالجهاز المناعي الذي يعمل على مدار الساعة منذ لحظة الولادة وطول العمر ينتج أجساماً مناعية لمحاربة أي أجسام دخيلة وهو ما يعني نظرياً قدرته على التفريق بين الأجسام الغريبة أو الذاتية، ولمجرد حدوث خللٍ بشيفرته الوظيفية فإنه يكون أجساماً مناعية عشوائياً حتى ضد أنسجة الجسم ذاته وهو ما يعرف بمرض المناعة الذاتية، والدراسات العلمية المتوفرة حتى اليوم تبرهن أن 10 من حالات الإجهاض المتكرر سببها خلل وظيفي بجهاز المناعة الذاتية للسيدة الحامل، ونحن اليوم نستطيع إجراء العديد من الفحوصات المخبرية لإثبات صحة هذا الزعم من عدمه والتي تشخص العديد من الأمراض المناعية وأشهرها في هذا المجال المتلازمة الثلاثية: ** التي تربط بين حدوث الإجهاض المتكرر، ** وحدوث التجلطات الدموية، ** وتزامن حدوث نقص تركيز الصفائح الدموية. مع التأكيد بعدم ضرورة وجود جميع هذه النتائج مجتمعة في كل الحالات. إن العديد من المدارس العلاجية والمراكز البحثية توصي باستخدام جرعات الأسبرين المخففة، واستخدام جرعات محددة من هرمون الكورتيزون لتثبيط وظيفة الجهاز المناعي مع الحذر الشديد لاستخدامه، وإعطاء السيدة جرعات مختلفة من العقاقير العلاجية التي تمنع حدوث التجلطات الدموية المتهمة في منع التروية الدموية اللازمة للجنين، بل والأحدث في هذا المجال اليوم هو إعطاء جرعات وريدية من الأجسام الوقائية التي تمنع تكون الأجسام مناعية. وهناك قائمة للأمراض المناعية ذات العلاقة بالاجهاضات المتكررة و معروفة في الغالب للطبيب والمختبر وهي تتحدد بواسطة عينة من الدم وبالرغم من اختلاف مسبباتها وأعراضها إلا أنها تشترك في غالبها بالعقاقير العلاجية السالفة الذكر والتي توصف بصورة عشوائية أحياناً. الأمراض المزمنة هناك ارتباط مؤكد بتكرار حدوث الإجهاض مع العديد من الأمراض المزمنة والخارجة على نطاق السيطرة، فإصابة السيدة بمرض السكري مثلاً وعدم انتظام مستوى سكر الدم، أو وجود خلل في وظيفة الغدة الدرقية أو خلل مزمن في وظيفة الجهاز البولي، فكل هذه الأمراض وما شابهها قد تؤدي لحدوث إجهاضات متكررة لا يمكن تفاديها بغير معالجة السبب في الدرجة الأولى ويجب وضعها بعين الاعتبار عند رسم الخطة العلاجية والتأكيد أن عدم الربط وعدم التفكير في مثل هذه الأمور عند الشروع بتحليل أعراض وأمور الإجهاض المتكرر. والفحوصات الخاصة لأي من هذه الأمراض ستحدد مدى تأثير كل منها. الحالة النفسية إن وصيتي لكل سيدة حامل ولكل زوجين يطمعان بحمل سلس أن لا يجعلا من الحمل عامل أرقٍ لأي منهم وشماعة لأي ظرف، لأن ذلك سيتسبب بخلل في الجهاز الهرموني وينعكس سلباً على تطور الحمل بكل فصوله، فهاجس تعرض الحمل للإجهاض واحتمالية الإجهاض في الحمل القادم يجب أن يلغى من قاموس العناية بالحمل مع اليقين أن الحمل قد يتعرض لمطب الإجهاض في لحظة ما وحدوث ذلك ليس نهاية العالم وليس من المقبول أن يسكن الخوف في القلوب والعقول. بل ويجب أن يكون التدخل العائلي محدوداً أو معدوماً ما أمكن لأن ذلك من شأنه التأثير سلباً. عامل الرحم: تكوين الرحم التشريحي إن وجود خلل بتكوين الرحم ووظيفته يعتبر سبباً أساسياً لحدوث الإجهاض المتكرر ولا بد من تصنيفه على قمة الهرم السببي بأولية أولى للتشخيص، لأن الرحم هو العضو الأساسي بجسم السيدة المعني بالحمل بل وتنحصر وظيفته تحديداً للحمل فقط لا غير، فوجوده في منطقة الحوض بجسم السيدة، وطبيعة التركيب النسيجي والتغذية الدموية، كلها حكمة ربانية لا نعرف سرها حتى الساعة ولن نعرفها، وهي كذلك تتغير شكلاً وحجماً حسب المرحلة من الحمل التي من المفروض حكماً أن تنتهي بالولادة لأن الجنين يحتاج لبيئة سليمة للنمو وتغذية سليمة تتغير حسب مراحل الطريق، وأي خلل في كلا الأمرين مهما كان سببه، قد يؤدي لحدوث الإجهاض، وقد تبين أن حوالي 15% من حالات الإجهاض المتكرر بأنها تقع ضمن هذه الفئة من الخلل الوظيفي للرحم، وبعبارة أكثر صراحة ودقة بأن الخلل في الرحم هو السبب المباشر لحدوث الإجهاض، ويمكننا تلخيص أنواع الخلل الوظيفي للرحم: ** خلل تكويني منذ مراحل التكون والتطور داخل رحم الأم. ** خلل بالوظيفة التشريحية للرحم و/أو عنقه. **خلل بالدورة الدموية الخاصة بتغذية الرحم أثناء فترة الحمل أو بدو الحمل. **خلل وظيفي بعنق الرحم للمحافظة على الحمل خلال شهور الحمل، وهي الوظيفة الفسيولوجية الوحيدة لعنق الرحم، ويكون هذا الخلل إما خللاً خلقياً أو مكتسباً. **وجود بطانة الرحم الهاجرة خارج تجويف الرحم ولأي سبب كان. والتقييم الصحيح للجهاز التناسلي في هذه المرحلة قد يكون مفتاح الحل المنشود، وإجراء فحصاً معيناً من القائمة التالية لا يغني عن باقي الفحوصات فلكل واحد دلالته وتوقيت معين لإجرائه، وعليه فأريد هنا التركيز على الفحوصات التالية: ** الفحص بجهاز التصوير التلفزيوني ويفضل إجراء الفحص عن طريق المهبل لضمان دقة التشخيص ووضوح الصورة، والتي تحدد الشكل والحجم والطبيعة التشريحية للمبيض والرحم على حدٍ سواء. ** إجراء الصورة الشعاعية الملونة للرحم لتشخيص أي خللٍ تكويني داخل تجويف الرحم ويفضل إجراء هذه الصورة بعد انتهاء الدورة الشهرية مباشرة. ** إجراء التنظير الرحمي للتعرف على التضاريس الطبيعية للرحم وبطانته، وأخذ خزعة من بطانته لدراسة الوضع النسيجي والتشريحي. ** إجراء التنظير البطني لمشاهدة الصورة التشريحية والتركيبية للرحم والمبيضين و البوقين وكافة أعضاء تجويف الحوض والذي لا يمكن مشاهدته بالفحص التلفزيوني البطني أو المهبلي أو الشعاعي. ** تقييم عنق الرحم واحتمالية وجود خلل فيه سواء بواسطة الفحص التلفزيوني المهبلي أو السريري أو بواسطة موسعات عنق الرحم المعروفة باسم موسعات هيجر. عامل المبيض: خلل الصفة الوظيفية أريد التوضيح بداية أن للمبيض وظيفتين أساسيتين في الحياة البشرية، الأولى بإعطائه بيضة أو أكثر أحياناً وسليمة للحمل شهرياً طيلة سنوات الحيض، والثانية مسؤوليته عن إفراز الهرمونات الأنثوية الضرورية للأنوثة والضرورية للمحافظة على الحمل بالشكل الصحيح المناسب، ولمجرد حدوث خلل وظيفي أو فسيولوجي بالمعادلة الهرمونية الوظيفية للمبيض ، سيتسبب ذلك بكوارث حياتية أحدها على الأقل موضوع هذه المقالة، خصوصاً عندما يشخص المبيض بأنه من النوع المتحوصل والذي يفرز شهرياً أعداداً ضعيفة من البويضات التي لا تصل في معظمها لمرحلة النضوج بالوقت المناسب، ويصاحبها خللاً وظيفياً في أغلب الأحيان. وتوضيح العامل الهرموني يحتاج لمعرفة نسبة الهرمونات الوظيفية ذات العلاقة بالمراحل المختلفة بواسطة عينة من الدم تؤخذ على مراحل تتحدد كل منها بيوم البداية للدورة الشهرية. الخاتمة الإجهاض بشكل عام والمتكرر بالتحديد مشكلة عائلية مثل العقم تماماً، مشكلة لكلا الزوجين، وعليه فلا بد من حضور الزوجين معاً في كل مراحل التقييم والعلاج، ومن المنطق أن زيادة التوعية والثقافة، والسيطرة على عامل الخوف، قد تكون سبباً كافياً لعلاج هذه الحالات، وليس من الضرورة في كل ما ذكرت وشرحت أن نتوصل للسبب الأساسي للإجهاض، بل ومن الثابت علمياً أن نصف هذه الحالات لا تشخص أسبابها ونصف هذه الحالات أيضاً يحصل عندها الحمل بدون أية مشاكل، وتحت الإشراف الطبي المتواصل ويجب أن يعلم الجميع أن الطبيب يبذل الجهد لإنجاح الحمل ويتمنى ذلك لجميع مراجعيه، ولكنه لا يضمن ذلك. بقي أن أذكر معلومة قد تكون جواباً لسؤال البعض عن الفترة الزمنية اللازمة والتي تستطيع المرأة أن تحمل بعدها في حالات الإجهاض لأبين أنها تستطيع الحمل في الدورة الشهرية التالية لحدوث الإجهاض ما لم يكن هناك أسباباً تمنع ذلك.
اختصاصي النسائية والتوليد والعقم اختصاصي جراحة الأورام النسائية مستشفى الجامعة الأردنية وكلية الطب
| |
|