لعل أكثر ما نتداوله فيما بيننا خلال فصلي الخريف والشتاء هو الحديث عن أهمية تناول فيتامين جيم، خاصة عند الرشح أو نزلات البرد، ولكن حقيقة الأمر بأن دور فيتامين جيم في الوقاية أو في علاج الرشح و نزلات البرد فعليا محدود طبقا لما أشارت إليه الأبحاث واسعة النطاق، وقد أثبت دوره فعليا في حالات نقص الفيتامين فقط. وقد يصر البعض بأن لتناول جرعات كبيرة من فيتامين جيم فائدة جمة في تقليل أيام الرشح أو حدوث نزلات البرد، ولكن ذلك لم يثبت علميا لحد الآن، وقد يعود التحسن نظير الحالة الفردية، وليس على نطاق الشمولية التي نشهدها حاليا في بلدنا. ولكن ما يجري من دراسات حديثة حاليا هو دراسة دور فيتامين جيم في التحسين من وظيفة وكفاءة عمل الرئتين، خاصة لدى من يتناولون إحتياجاتهم اليومية من فيتامين جيم بشكل دوري مقارنة بهؤلاء الذين لا يتناولون إحتياجاتهم اليومية بشكل دوري، فتناول ما نحتاجه من فيتامين جيم يوميا يساعد على الحفاظ على صحة جهازنا التنفسي ويقي بدوره من مشاكل الأمراض التنفسية. ويعتبر فيتامين جيم مادة مضادة للأكسدة والتي تمنع بدورها تجمع مادة الجذور الحرة الناتجة عن عمليات الإستقلاب أو حرق الطاقة في الجسم. ويؤدي تجمع الجذور الحرة إلى العديد من التغبرات في الجسم، مثل عملية الشيخوخة، وأمراض السرطان والقلب، وإلتهابات المفاصل. ويتواجد فيتامين حيم في غالبية الفواكه والخضار. وتتصدر الحمضيات أعلى قائمة الفواكه الغنية بفيتامين جيم (مثل البرتقال والجريبفروت وعصائرهما)، يليها فاكهة الجوافة، البندورة، المانجا، الفراولة، البطيخ، الأناناس، والتوت بأنواعه، بينما يتصدر الفلفل بأنواعه (الأخضر والأصفر والأحمر) قائمة الخضار الغنية بفيتامين جيم، يليها البروكولي، والبطاطا الحلوة، والكوسا، والملفوف، والسبانخ. وتشير المعايير الدولية على وجود العديد من العوامل التي تؤثر على معدل ما نحتاج تناوله من فيتامبن جيم بالإعتماد على التالي: 1) المرحلة العمرية وتقدم العمر: إذ أن هنالك إختلافات بين إحتياجات الرضع والأطفال والمراهقين والبالغين وكبار السن. 2) نوع الجنس، إذ يحتاج الذكر كمية أعلى مما تحتاجه الأنثى لمواكبة إحتياجات الجسم. 3) مرحلة الحمل والرضاعة لدى النساء. 4) النمط الحياتي الضاغط، إذ يحتاج الأشخاص الذين يتعرضون للضغط والتوتر إلى كمية أعلى من الفيتامين وذلك لأن الجسم يفقد كميات كبيرة من فيتامين جيم عن طريق البول عند التعرض للضغوطات والتوتر. 5) التدخين: إذ يحتاج المدخنون والذين يتعرضون لدخان المدخنين إلى كميات أعلى نسبيا. 6) الحالة الصحية والمرضية. 7) الوراثة، خاصة إذا ما كانت حصى الكلى منتشرة في سجل العائلة الصحي. ويعتبر فيتامين جيم من الفيتامينات الذائبة في الماء والتي يحتاجها الجسم بصورة أساسية إذ لا يستطيع الجسم تصنيعه أو حتى تخزينه، بل يتخلص الجسم في العادة من الفائض منه عن طريق البول. لذلك يجب علينا أن نتناول إحتياجاتنا منه بشكل يومي وبصورة دائمة. ويلعب فيتامين جيم دور مهم في قدرتنا على التمتع بصحة جيدة إذ يدخل في تركيب بروتين الكولاجين الضروري لصحة الجلد، والأنسجة والأربطة التي تربط أعضاء جسمنا ببعضها البعض، وهو ضروري لصحة الأوعية الدموية حتى لا تخدش بسهولة ، وهو ضروري أيضا لصحة اللثة حتى لا تنزف بسهولة، كما أنه يساعد على إلتئام الجروح بسرعة. وبشكل عام توصي منظمة الصحة العالمية بتناول ما يقارب عن 45 ملغم يوميا لدي البالغين، بينما توصي الأكاديميه الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة بتناول ما يقارب 60 الى 95 ملغم يوميا لنفس المرحلة العمرية. والجدير بالذكر بأنه يمكن لأي شخص منا أن يلبي إحتياجات جسمه من فيتامين جيم عن طريق تناول الخضار والفواكه ومراعاة التنويع في مصادرها بشكل يومي وضمن النظام الغذائي المتوازن، وبمعدل خمس حصص في اليوم الواحد (وتعادل الحصة الواحدة حبة فاكهة متوسطة الحجم، نصف كوب من عصير الفواكه أو الخضار المطبوخة، وكوب من الخضار النية). وهنالك بعض الحالات التي يصعب الحصول فيها على ما نحتاجه من فيتامين جيم عند تناول المصادر الغذائية منه فقط، وذلك لأن فيتامين جيم يتأثر بالحرارة، ويتأثربالضوء، ويتأثر بالهواء. كما قد تستدعي الحاجة إلى وصف بعض المكملات الغذائية في بعض الحالات المرضية أو الحياتية حسب ظروف الشخص. ويجب التنويه بأنه يجب تناول كميات أكبر من الماء والسوائل مع المكملات الغذائية لفيتامين جيم لأنها تزيد من التبول. كما ويجدر بي الإشارة إلى توخي الحذر وإستشارة الأخصائي عند تناول مكملات فيتامين جيم مع بعض الأدوية، كالأسبرين، والمسكنات، وأدوية ضغط الدم، وبعض أدوية السرطان (السايكلوسبورين)، بعض أدوية القلب (النايترات)، وبعض المضادات الحيوية (التتراسايكلين)، والوورفارين. وغالبا ما تقتصر أعراض نقص فيتامين جيم لدى البالغين على الشعور بالتعب والضعف ، وآلام في المفاصل والعضلات، وخشونة شعر الرأس، وجفاف الجلد، ونزيف الدم من الأنف. ويؤدي نقص فيتامين جيم في مراحل متقدمة إلى داء الأسقربوط والذي يتميز بفقر الدم ، نزيف اللثة، والتأخر في إلتئام الجروح. ويمكن لنقص فيتامين جيم المزمن أن يؤدي إلى زيادة في وزن الجسم نظرا لضعف قدرة الجسم على حرق الطعام والقيام بعمليات الإستقلاب، إلا أن الأبحاث جارية بهذا الخصوص. وبالرغم من أننا نعتبر بأن حالات التسمم من فيتامين جيم نادرة جدا، ألا أنه تشيع لدينا ظاهرة تناول جرعات كبيرة من فيتامين جيم (خاصة تلك المعنية يتناول 1000 ملغم فما فوق)، خاصة في فصل الشتاء، ولكني أوصي بتوخي الحذر في تناول هذه الجرعات لما قد تتسبب به من مشاكل في الجهاز الهضمي، مثل عسر الهضم (خاصة عند تناول الفيتامين بدون طعام وعلى معدة فارغة)، والإسهالات. وسرعان ما تختفي هذه الأعراض عند تقليل الجرعة المتناولة (إذا كانت فوق 2000 ملغم يوميا). ومن المشاكل الأخرى التي يمكن أن تتسبب فيها الجرعات الكبيرة هو تفاقم حالة الكلية، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من تواجد الحصى والحجارة فيها.