البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: أهيم شوقاً الإثنين أغسطس 24, 2009 11:19 am | |
|
أهيم شوقاً
(خاطرة)
"أهيم شوقاً" ... كلمة كنت أسمعها في أغاني الغرام ... ولم أكن أعي معناها ولا حتى كنت أدرك ما يقصدون بها لم أكن أحس بشيء يشدني لدرجة الهيام ... أو حتى على الأقل ليدفعني أن أسهر ليلة وأنا أفكر فيه . فما هو حالي اليوم ؟ لأول مرة من بعد غربة عن هذا الشعور ... أجرب ما كان قد ذكر في أشعارهم وقصصهم وأعي ما كنت دوماً أراه غريباً عني ... فمنذ عرفت تلك الفتاة ... تغير لون الشمس .. وطالت ليالي السهر .. وبعدت عني ساعات نومي الطويلة .. لتصبح من الندرة ما يعد مع نجوم الليل
أغفو ليلاً ... وأنا بعيد كل البعد عن الغفو .. لأنني اسرح فقط في عينيها ... أعيد معها مسلسل ذكرياتي القديمة في حارات دمشق القديمة ... وإذكر كل حجر كان يعانق تلك البيوت التي لطالما ذوبتني أعود بذاكرتي إلى الطفولة ... لأذكر حبات الثلج المتاسقطة على معطفي ... المتراكمة على حافة نافذتي ... المحملة بريح الصبا , أذكر معها أيام الدراسة ... وكيف كنت أسهر الليالي معانقاً الكتاب .... لأحظى في نهاية العام بخيبة كبيرة ... لأن نتائجي لم تكن ترضي غروري ... مع أنها كانت تلقى المديح من الناس حولي تمر بذاكرتي أعوام لم يكن فيها شيء مميز ليذكرني بها ... فكانت مثل الضيف الثقيل الذي يحل علينا دون رغبة منا باستقباله ... ولكننا مجبرون على التبسم الكاذب في وجهه ... وتقبل فكاهاته السمجة .... فما أصعب تلك الأيام
أعوام مرت ... ولم أكن معها غير جسد بلا روح ... أو أن روحي كانت معلقة بشيء أخر لم يترآى لي قبل أن أراكي ... فمعك فقط تعلمت كيف أحول أيامي إلى دفاتر يوميات ... كيف أجزء ساعاتي إلى دقائق تنطق كل دقيقة منها بحروف اسمك ... فتحيي بقلبي كل ذرة حنان إليك هذا حالي اليوم ... بعيد عنك .... دروبي الضائعة تتلاقى في كل خطوة مع دروبك ... صدف بحتة لم تترخ في تاريخ عاشق قط ... ولم يكتب عنها سقراط في رواياته ... ولا شكسبير في أعماله المسرحية ... ولم تتكلم عنها نبوئات الفراعنة ولا كتب الغرب غريب ما أحس به ... طويلة هي الساعات التي أشتاق لكي خلالها ... وأطول منها احساسي بقرب عينيكي مني فتختلط مشاعري دونما أن أحس بهذا الضياع فيها ... وتعبر أفكاري بحار البعد بيننا لتلقاكي وأنتي تفكرين بي
أعود لأذكر ... لحظة كنا في لقائنا الأول ... الذي لم يكن فعلاً لقائنا الأول ... ولكنه بالنسبة لي يوم تلاقت عينانا بأول نظرة حب ... كنت أراك قبلها كوردة بيضاء في حقول الملك ... يحرم على عامة الشعب الاقتراب منها ولكن منظرها الخلاب يغري الناظر اليها بقطفها والهروب من حراس القصر ... هذه أنتي يا أميرتي قبل ذاك اليوم ... كنت أحس حين أراك بأن موج البحر أقوى ... وأن قصص الخيال ممكن أن تحقق في عينيكي ... وبعد ذاك اليوم ... أدركت أنك أنت البحر نفسه .. وأن تلك الأساطير نسجت لتحكي عن جمال نفس تلك العيون ذلك اليوم ... يوم ربطتنا معاً عقدة الأيام ... وصار ما بيننا مشروعاً وأحلامنا أزهرت على غصون ربيعينا الأول .. يوم جلست بقربك للمرة الاولى ... ونظرت إليكي نظرة النشوة الأولى ... ونسجت من ضفائر شعرك أوتار قيثارة ... وعزف عليها مقطوعتي الأولى .... كنت تزرعين التفاح الأحمر على خديكي خجلاً ... وأنا أقطف منه قطفتي الأولى .... أدركت بعدها أنك أنتي آخر حب في حياتي .. وأدركت أنك أنتي ... لم تكوني سوى محبوبتي الأولى يوم جلسنا قبل رحيلي ... وكنت أركن رأسي بين ذراعيكي ... وتداعب أناملك الذهبية خصال شعري ... وتستبيح مشاعري أخر دمعة في عيني ... ودموع عينيك تغرق قميصي ... تطهر معها قلبي الحزين على فراق عينيكي ... تدفعني إلى أحضانك بجنون عاشق لم يعرف قبلك ما عرفه فيكي ... تدهي بأفكاري بأن ألغي دواعي سفري ... لأبقى بقرب عينيك ....وأعيش بدفئهما
قبل أيام ... وجدت نفسي أركن سيارتي على طرف الشاطىء ... وأنزل قدماي العاريتين في رماله لأترك لأمواج البحر أن تضرب بهما كيفما تشاء ... ونسيت نفسي أين أنا ... وسرحت في بحار شوقي إليك .. قضيت ساعتين .. أظنهما كانتا بين كحل الليل وشقشقة الضياء ... وعندما صحوت من حلمي الغريب هذا ... وعرفت أين أنا ... ضحكت ضحكة ملؤها الحزن ... فها أنا أجرب ما كنت لا افهمه من قبل ... ها أنا أجرب ما معنى " أهيم شوقاً" ... فهل أستطيع أن أنكر ؟!!
عبد الله موفق محمود جدعان
| |
|