موضوع: مئوية مولد الشاعر التونسي ( ابو القاسم الشابي ) الأربعاء أبريل 29, 2009 1:06 pm
مئوية مولد الشاعر التونسي (ابو القاسم الشابي)
اذا الشعب يوما اراد الحياة ... فلا بد ان يستجيب القدر من لا يعرف الشاعر (ابو القاسم الشابي)؟! انه الشهير بقصيدته المعروفة جدا ''ارادة الحياة'' التي درسناها طلابا في كتب اللغة العربية من المحيط الى الخليج وهي القصيدة الوطنية العالمية التي غناها مشاهير الطرب العربي قديما مثل سعاد محمد، حليم الرومي (والد المطربة ماجدة الرومي) ولطيفة التونسية وصوفيا صادق وغيرهم من المطربين حتى ان الموسيقار الكبير رياض السنباطي كان قد لحن هذه الاغنية لسعاد محمد المطربة السورية العريقة ومن مطلع هذه القصيدة او الاغنية نستذكر معا ما يلي : اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ولابد لليل ان ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها واندثر ومن لا يحب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر يقول الحبيب الاسود وهو ناقد تونسي عن ابو القاسم الشابي انه لو لم يكتب الشابي غير هذه القصيدة لكفته مجدا اوفخرا وعزة وشموخا ولو لم يكتبها ما كان شاعر الثورة والمقاومة وعنوان الالق السرمدي النابع من ارادة الشعوب وتوق الجماهير الى الحرية والكرامة ولو كتبها شاعر غيرها لرفعته الى مقام النبوغ والعبقرية ومنحته بيرق الشعر وصولجان التميز. وفي عام 1933 كتب ابو القاسم الشابي هذه القصيدة الشهيرة وكان عمره 24 عاما في ظروف سياسية واجتماعية وثقافية كان فيها الوطن العربي الكبير خاضعا لنير الاستعمار الاجنبي وكانت تونس المحتلة من قبل فرنسا تشهد بروز طلائع من الشباب المثقف والمصلح والمناضل والمؤمن بضرورة ثورة الشعب ضد العدو الجاثم فوق ارضه والمستغل لمقدراته والمهيمن على ارادته غير ان وعي الشباب كان عادة ما يصطدم بحالة جمود فكري ترى ان الاستعمار الاجنبي قضاء وقدر وان مواجهته تعني التمرد على الارادة الالهية ورغم ان الشاعر الشابي كتب العديد من قصائد المقاومة والنضال الا ان هذه القصيدة ظلت وما زالت الاوسع انتشارا ورواجا لارتفاعها فوق المكان والزمان (انسانية عالمية) لتكون صوت الثائرين في كل مكان من اجل الحرية ومن اجل يقين انتصار الشعوب اذا ما توافرت الارادة والاصرار على العيش بكرامة. وفي تونس قديما اصبح البيتان الاولان من قصيدة ارادة الحياة شعارا للمقاومة التونسية ضد المستعمر الفرنسي يهتف بهما السياسيون والعمال والطلاب وعامة الشعب وكذلك على السنة الجماهير العربية ايام المواجهات والصراعات مع المحتل الاجنبي وخلال المظاهرات والمسيرات واستشهاد القادة والزعماء والمناضلين وفي خطبهم وحواراتهم واحاديثهم. وفي تونس فقد اضيف هذان البيتان الى نشيد الثورة التونسية (حماة الحمى) الذي كتبه الشاعر والاديب المصري مصطفى صادق الرافعي والان اصبح النشيد الرسمي للجمهورية التونسية ابو القاسم الشابي الشاعر المتمرد ازال الحدود والحواجز ما بين الشرق العربي والمغرب العربي بقصائده التي جعلت منها جسرا ثقافيا للشعوب العربية لتترجم احساسا واحدا بحب الحياة بلغة قوية واضحة واحدة. وهذا الشاعر صاحب الديوان الوحيد (اغاني الحياة) ورغم صغر سنة وضعفه بالمرض وبالفقر وعيشه حياة الريف والفلاحين كان جبارا صلبا رائعا في احساسيه والدفقات الغالية التي وهبها لابناء العروبة في كل مكان اذ يقول : سأعيش رغم الداء والاعداء كالنسر فوق القمة الشماء لا يطفىء اللهب المؤجج في دمي موج الاسى وعواصف الارزاء وكان ابو القاسم الشابي والذي عاش في الفترة 1909 -1934 شاعرا وطنيا ورومانسيا تأثر بالشعر المهجري وبالذات بجبران خليل جبران وبالشعراء العرب في مصر الذين اسسوا مدرسة ابولو الشعرية وبالشعر الفرنسي والغربي ايضا ومن ابيات بعض قصائده الرومانسية نذكر مثلا خلقت طليقا كطيف النسيم وحرا كنور الضحى في سماه بمجد الحياة والشوق غنيت فلم تفهم الاعاصير قصدي وتغزلت بالربيع وبالفجر فماذا ستفعل الريح بعدي ومن دراسة اخرى للناقد نفسه (الحبيب الاسود ) بمناسبة احتفال تونس (بمئوية مولد الشابي ) نورد بعض الافكار الهامة التي ذكرها عن الشاعر العظيم شاعر تونس الخالد : كأن ابيات الشابي ملك شخصي لكل فرد منا ابياته ما زالت ساطعة وجديدة نستمد منها روحا صافية وعزيمة لا تلين تتضمن ارفع ورقة نقدية في تونس صورة الشاعر في اعلان استثنائي ورمزي عن قيمة الشعر والشعراء ولا عجب في خلود شعره وهو الذي تعمق في دواخل الذات الانسانية كاشفا عن رهافتها ورقتها وضعفها وعن حلمها البسيط في حياة يسودها الحب والعدل والجمال.