موضوع: مكتبات الآطفال .. ما أهميتها ؟ الأحد مارس 08, 2009 9:17 am
مكتبات الأطفال.. ما أهميتها؟
تمارا يوسف المراعبة - تتعدد مؤسسات المجتمع التي يمكنها أن تساهم في إحداث التغيير نحو الأفضل في ثقافة المجتمع، وحيث أن الكلمة المكتوبة أهم المميزات الإنسانية على وجه الإطلاق على مدى تاريخ الثقافة والحضارة البشرية، فان دور المكتبة العامة بين المؤسسات التي تحدث التغيير الثقافي المطلوب يكون بذلك دورا أساسيا . وحيث أن المكتبة هي المؤسسة التي تقتني الكتاب بشكل أساسي فإنها تصبح عنصرا محوريا في جميع المؤسسات الاجتماعية التي تسهم في إحداث التنمية الثقافية في المجتمع كالمنزل والمدرسة والجامعة وأجهزة الإعلام المختلفة والمقروءة والمسموعة، لذلك تعد مكتبة الطفل بوجه خاص من أهم المؤسسات التي تعمل على تكوين شخصية الطفل وصقل مواهبه وتنمية قدراته وتوجيهها التوجيه الأمثل بما تقدمه له من مصادر معلومات تناسب حاجاته ورغباته القرائية وميوله واستعداداته، من خلال الأنشطة والخدمات المكتبية المتنوعة كقراءة القصة وعرض المسرحيات والأفلام الهادفة وغيرها. فالطفولة تعتبر من أهم مراحل البناء الفكري وأفضل المراحل العمرية لتعليم واكتساب المهارات، علمية كانت أو معرفية.. لذا فكثير من المؤسسات التي تخطط لتلك المرحلة العمرية سواء كان الطفل بالمنزل أو المدرسة تركز على إكسابه مهارات من خلال الوسائط التربوية،وتمثل مكتبة الطفل إحدى هذه الوسائط التي عن طريقها يتم تربية وتنشئة الطفل.. فإذا أسسنا بناءه على أساس العلم والمعرفة فقد ضَمِنّا مستقبلاً مشرقاً وجنود فكر وقلم. هناك مراحل وخصائص وأبعاد متعددة لنمو الطفل. وخلال هذه المراحل يكون الطفل بحاجة إلى المأكل والملبس وهذه حاجة توفر قبل أن يولد؛ وتبقى مسألة الروح والعقل وهي أدب الطفل. وكتب الأطفال جزء من أدب الطفل فالكتب شكل من أشكال الأدب وعند اختيار الكتب للطفل فهناك معايير وضعها علماء المكتبات والمعلومات وهي ثابتة لا تتغير مع كتب الصغار والكبار وهذه المعايير هي أولا مدى الثقة بالشخص الذي ألف الكتاب ونشره أو ترجمه أو حاوره، يأتي بعدها الجوانب المعرفية التي يغطيها ذلك الكتاب. وهناك معايير وضعها التربويّون يجب أن تتوفر في كتب الأطفال، حيث يرون أن كتاب الطفل، شأنه شأن كتاب الكبار، ينقسم إلى شكل ومضمون؛ والشكل ببساطة يتضمن كل الأشكال المادية لمصادر المعلومات التي يتعامل معها الكبار، فهناك مصادر معلومات تقليدية مثل الكتاب، المرجع، ومصادر غير تقليدية كالأقراص الالكترونية، وهذه الأشكال نضع فيها المضمون وهو المعرفة البشرية التي تغطي المراحل المختلفة للطفل؛ لأن ما يناسب مرحلة قد لا يناسب المراحل الأخرى، كذلك لابد من مراعاة الفروق بين الجنسين ذكراً كان أم أنثى. وكنظرة عاجلة لحركة نشر كتب الأطفال في العالم نجد أن طفلنا العربي يعيش على هامش الاهتمامات، يستقي علمه غالباً من فلم كرتوني مصنوع بفكر ومكونات غريبة عن بيئته ومعتقده وثقافة مجتمعه ليولد جيل يعاني من العنف والمشكلات الاجتماعية الخطيرة.. وفي ضوء هذه الحقائق المحبطة تأتي الأرقام لتخبرنا بأبعاد المشكلة بشكل مقارن ومحزن، تقول الأرقام: الطفل الأمريكي: نصيبه من الكتب في العام 13260 كتاباً. الطفل الإنجليزي: نصيبه من الكتب في العام 3838 كتاباً. الطفل الفرنسي: نصيبه من الكتب في العام 2118 كتاباً. الطفل الإيطالي: نصيبه من الكتب في العام 1340 كتاباً. الطفل الروسي: نصيبه من الكتب في العام 1485 كتاباً في العام. أما الطفل العربي فلا نكاد نجد له رقما ولو هزيلا يمثل نصيبه في عالم الكتب فالمكتبة العربية شبه خالية من كتب الأطفال حيث بلغ عدد كتب الأطفال الصادرة في أحد الأعوام 322 كتاباً فقط، بالرغم من أن الاطفال يمثلون 42% من العدد الكلي للسكان في العالم العربي. وأخيرا، أذكر حادثة حصلت مع طبيب للأطفال، فقد قال :بينما أنا عائد يوماً من هولندا إلى بلجيكا بالقطار كان بجانبي سيدة هولندية بمعية ابنها الصغير وفجأة بدأ الصغير في البكاء ففتحت أمه حقيبة يدها وسلمت له كتاباً وراح يقرأ بإعجاب وارتياح وانقطع عن البكاء...واستغربت من هذه الحادثة؛ لأنني ظننت أن الهولندية ستسلم لابنها الحلوى فإذا بها تقدم له زاداً نفسياً لا ينضب معينه وهو الزاد الفكري الذي يحتاجه أطفالنا كثيراً.