البلد : نقاط : 200510 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: ما هو النكد ..؟ السبت فبراير 21, 2009 12:55 pm | |
|
ما هو النَّكَدُ ..؟
إبراهيم كشت - كلمة (النَّكَد) ليست مصطلحاً علمياً، غير أن لها في الأذهان معانيها، وصورها، وظلالها، وإيحاءاتها، وأبعادها، ووقعها غير المحمود، وفي ضوء ذلك فإن لهذه الكلمة مفهوماً سائداً مرسوم الحدود والمعالم والجوانب، وخير من تلجأ إليه ليَصِفَ لك جوهر النكد وشكله وتجلياته وألوانه، هـو من عاني من النكدين، فإذا انبرى هذا الشخص ليفسر لك النكد، فسيقول لك غالباً : إن النكد يظهر عادةً في سيماء الوجوه، فتكون ملامحها عبوسة كَشِرةً متجهِّمة، وعضلاتها وانسجتها وخيوط أعصابها مشدودة، فإن تحدّث النَكِدُ ارتجفت شفتاه، وربما علا صوته، وارتعدت جوارحه . تَراهُ يتخذ دائماً وضعاً نفسياً متحفزاً للدفاع والعدوان، ووضعاً عقلياً لا يرى إلا الجانب المعتم السلبي، ولا يشاهد من الناس إلا أخطاءهم . ولديه القدرة، وربما الرغبة، فـي تضخيم التوافه، وتكبير الصغائر، وتفسير الأمور على كل محمل سيء، ونبش الماضي للبحث عما يساعده في (تنمية وتطوير) نكده . إنه يعيش الكرهُ، فالكره والنكد صنوان، ورفيقا درب، يقتات كل منهما على الآخر . فإذا طَلبتَ من صاحبك هذا أن يزيدك من علمه في ماهية النكد وأنواعه وتجلياته، فسيقول لك : إن التعامل مع أهل النكد عسير، فمعظمهم سيء المعشر، يظل يقلّب الأمر ليجعَلَ من اليسير مُعقّداً، ومن البسيط مُركباً، ومن السَّهل صعباً، حتى تعافَ التعامل معه، وتجدَ في الانسحاب من مجادلته السلامة . إنه يعشق كثرة الإشارة إلى العيوب، وطول العتاب، وكثرة الانتقاد، ويرغب في أن يتخذ دور المعلم الواعظ، والموجِّه المتسلط، لا يكف عن اللوم، ولا يرعوي عن محاولة إفهام من حوله كيف يجب أن يحيوا، مع أنه في الحقيقية أكثر الناس حاجة للنُّصح، وأكثر الناس صلاحية لأن يكون (مادةً) وموضوعاً للانتقاد واللوم والعتاب . وإذا كانت العصافير تعشقُ الزقزقة في الصباح، والأطفال يحبّونَ الابتسام عند الاستيقاظ، والإيجابيون يتفاءلون باليوم الجديد عند شروق الشمس، فإن (النكدين) يمارسون عادة أبشع تجليّات نكدهم في الصباح، فحالهم عند الاستيقاظ كالوقود الذي يبحث عن أصغر شرر ليشتعل . ثم إن للنكد إشعاعاته الضارّة التي تلوث الأجواء، وتستطيع بث التشاحن والتناوش والعصبية والهياج في أي مجموعة، لمجرد وجود شخص واحد نكد بينهم، لا ترتاح نفسه إلا إذا أضفى نكَدهُ على الجوِّ من حوله، فكأنما لا يرضى إلاّ أن يكون حال المحيط الذي يعيش فيه، مواتياً ومطابقاً لحال النكد المعشعش في دخيلته . على أية حال، فإن في المدلول اللغوي لكلمة النَّكدَ إضاءاتٌ ولفتاتٌ رائعة . حيث تقول معاجم اللغة إن النَّكِدَ شخصٌ عَسِرٌ شؤوم، وإن نَكَدَ العيش يعني كدُره، وإننا إذا قلنا : (جاء فلانٌ نَكِدَاً) فهذا يعني أنه غير محمود المجيء ! وتقول القواميس كذلك أن النكِدَ هو قليل الخير ! والواضح أن النَّكَدَ في الحياة والسلوك، يحمل كل هذه المعاني اللغوية، لأن فيه كثيراً من العُسر والشؤم والكدر، وقلة الخير، وفيه الطَّلةُ غير المحمودة، وغير المرغوبة ! وفي الآية القرآنية الكريمة (والبلدُ الطيّبُ يخرجُ نباتهُ بإذن ربه، والذي خبُثَ لا يخرجُ إلا نَكِداً ..)، وقد قال القرطبي في تفسير معنى (نَكِدَاً) في الآية : (النَّكِدُ هو العَسِرُ الممتنعُ عن إِعطاء الخير .. ) .
منقول
| |
|