البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: النحو في خدمة المعاني السبت فبراير 21, 2009 11:39 am | |
|
النحو فـي خدمة المعاني
كامل جميل ولويل - لقد بنى العرب قواعدهم النحوية واللغوية لتكون حافظةً للمعاني، وموضحةً لها، وليست الضمّة او الفتحة او الكسرة أشكالاً توضح، ولكنها جزء من المعاني، ولا تكتمل المعاني المطلوبة إلاّ بهذه الحركات، إن هذه الحركات من خصائص لغة العرب الجميلة المتميّزة عن غيرها، إنك تقرأ الإنجليزية والألمانية والفرنسية، فلا تجد هذه الحركات، هذه للعربيّة فقط، وأريد للقارئ أن يفكر في الجملتين الآتيتين ليعلم ما الفرق الذي يؤدي إليه اختلاف الحركة. قال سبحانه (إن الله بالغُ أمرِه''. لو قرأنا هذه الآية كما يلي: إنْ اللهَ بالغٌ أَمْرَه، أي بدل الضمّة على كلمة (بالغُ) وضعنا تنوين الضم (بالِغٌ)، فما المعنى الذي تغيّر، أو ما الفرق في المعنى بين الجملتَيْن؟ وقال سبحانه:''حتى إذا حضر أحدَهم الموتُ قال إني تبت الآن''، ولو قرأنا الآية بصورة أخرى على سبيل الخطأ أو على سبيل البحث عن المعنى فقلنا: حتى إذا حضرَ أحدُهم الموتَ قال إني تبتُ الآن! لو قرأناها خطاً كما بيّنت أي وضعت على كلمة (أحدَهم) الضمّة بدل الفتحة فما الذي ينتج من المعاني؟. لقد حدث تغيير في كلتا الحالتين، إذا قلت (بالغُ) أمره بالضم، فإنك تذكر صفةً من صفات الله الثابتة التي لا تتغير، فالله تعالى من صفاته الغفور الودود الرحيم وكذلك بلوغ أمره أي لا يوجد قدرة على الأرض تحول دون الله جل وعلا أن يبلغ أمره، ولكنك إذا قلتَ: بالغٌ أَمرَه، فنوّنت حرف الغين فإنك لا تعني ثبات الصفة، بل تعني فعلاً عادياً يذهب ويجيء، وتصبح هذه الصفة قابلةً لأن يقوم بها الإنسان، فتقول: هذا مصمم جداً وهو بالغٌ أمره، لقد رأيت تصميمه فرسّخ في ذهنك انه سيبلغ ما يريد. وأما الآية الثانية: ''حتى إذا حضر أحدَهم الموتُ قال إنيِ تبتُ الآن''، فمعناها أن الموت أحاط بأحد الناس فهو الآن ينازع، واقتربت منيته. غيّر الحركة واجعلها جملة عادية أيّ: حتى إذا حضر أحدُهم الموتَ لقد غَيّرتَ الحركتين فصارت أحدُهم بالرفع، والموتَ بالفتحة، لقد اختلف المعنى كثيراً، فإنّ كلمة (أحد) تدل أن إنساناً ذهب ليزور صديقه فوجده يحتضر أي ينازع أي يموت، ألم يختلف المعنى؟ إن قواعد لغتنا العربيّة متسعة جداً لأنها تؤدي معاني متسعة جداً، ولله الحمدُ والفضل.
منقول
| |
|