موضوع: هل نأكل لتغذية عواطفنا أم نأكل للجوع ؟ الثلاثاء يناير 13, 2009 6:30 pm
هل نأكل لتغذية عواطفنا أم نأكل للجوع؟
تتيانا الكور - يلجأ العديد منا إلى تناول أطعمة معينة بسبب عواطفنا، فقد يلجأ البعض إلى تناول الحلويات والشوكولاتة عند التوتر والزعل، بينما يجد البعض الآخر ملجأ في تناول الوجبات السريعة أو الدسمة منها وعالية الملوحة عند الشعور بالفرح، وهناك البعض الذي يبادر إلى تناول البذورات، والمكسرات، والبشار والشيبس، و حتى الساندويشات عند الشعور بالملل أو بالوحدة. فهل أنت من النوع الذي يأكل عند التوتر؟ وهل تعتبر الطعام وسيلة الراحة التي تجعلك تشعر بالإرتياح؟ وهل غالبا ما تلجأ إلى تناول الطعام لتهدئة النفس؟ فلماذا نأكل؟ هل لتغذية عواطفنا أم لسد رمق جوعنا؟ فبالرغم من أننا نعتبر الطعام الركن الأساسي لتغذية أجسامنا وعقولنا، وقدرتنا على القيام بواجباتنا اليومية والعمل والتيقظ العقلي، ألا أنه بات الوسيلة التي نتغلب بواستطهاعلى إضطراب عواطفنا عند الشعور بالملل، والتعب، والتوتر، أو عند محاولة السيطرة على عواطفنا نظير التعرض لظروف معينة. وترتكز مفاهيم التغذية العاطفية والسلوك التغذوي العاطفي على ممارسة إستهلاك كميات كبيرة من الطعام بسبب العاطفة وليس بسبب الجوع. وقد أشارت الدراسات الحديثة إلى نسبة ما يقارب عن 75% من حالات زيادة الوزن كانت بسبب التغذية العاطفية، أو اللجوء لتناول الطعام عاطفيا. وقد أشارت الدراسات إلى عدة أسباب لهذا السلوك التغذوي العاطفي، منها ما هو بسبب ما يولده شعور الطعام من متعة حقيقية وقدرة على التعامل مع هيجان العاطفة وتعديل المزاج، ومنها بسبب الملل والضجر نتيجة الوحدة أو الإنعزال، ومنها لأسباب إجتماعية (خاصة عند التواجد في جلسات لا نشعر فيها بأننا ننسجم وحديث المجموعة، أو نشعربنقص في ثقة النفس أو ثقة شكل الجسم، أو حتى نقص في القدرة على المناقشة وتبادل أطراف الحديث، أو حتى لا نستطيع تحمل بعض الملاحظات والتعليقات فنلجأ إلى تناول الطعام لتعبئة فجوة الفراغ أو النقص أو لتهدئة الإضطراب العاطفي عند الجلوس مع المجموعة). ومن الأسباب الأخرى هي التأثر بأشخاص معينين، مثل تأثر الأطفال بتقليد أصحابهم أو تقليد نجم سينمائي في فيلم معين، أو مشهد معين. وقد يكون التأثر نظير ظروف عائلية في المنزل مثل تقليد الأطفال لسلوك أمهاتهم وآبائهم أو أقربائهم. وتعزى أسباب أخرى نظير سعي الأفراد وراء التقبل الإجتماعي، فيشيع لدى العديد من طلبة مدارسنا وجامعاتنا جلسات النهم والتي يندفع ويجبر فيها الجميع إلى إستهلاك كميات كبيرة من المشروبات الغازية، والشيبس والحلويات خلال الجلسة، فيكون سبب تناول الطعام هو الإندفاع العاطفي الساعي وراء تقبل المجموعة للفرد وليس بهدف الجوع مثلا. وتنبع أسباب أخرى من دافع الفضول المقرون بتواجد الطعام أمام الشخص، أو في البيئة المحيطة، فغالبا ما يلجأ الأفراد إلى الذهاب إلى المطبخ، أو غرفة الصالون، أو أي مكان آخر من أجل تناول ما قد يكون فيها. وأثبتت دراسات أخرى بعض الأسباب التي تعود إلى الشعوربإرتياح من مشاعر معينة أو ألم معين عند تناول الطعام، فيصبح بذلك الطعام سبيل الراحة والسيطرة على عوارض المشاعر والألم. فمثلا هناك بعض المراهقات أو النساء اللواتي يلجأن لتناول الطعام من أجل قمع الشعور بعدم الإرتياح في الحياة العملية، أو الحياة الزوجية. ولربما هنالك أسباب أخرى لم يتطرق لها العلم، وقد تتمثل بحالات فردية. فإذا كنت تأكل بسبب العاطفة، فهل من أضرار؟ وهل من حلول؟ واقع الأمر بأن جميعنا نمر بمرحلة ما في حياتنا والتي نلجأ فيها لتغذية عواطفنا، وهذا رد فعل طبيعي لأي شخص حسب ظروفه، ولا يوجد أي خطأ في ذلك على الإطلاق، ليس كما يعتقد العديد منا، بل ويهاجم العديد منا بعضنا البعض مع الإصرار بالإتهامات حول ما تم أو يتم تناوله، مما قد يخلق ردة فعل عكسية وسلبية. فتغذية العاطفة تعود بأضرار زيادة الوزن أولا عند عدم مواجهتها فقط، وزيادة الوزن قد تتسبب في تفاقم الحالة الصحية حسب حالة الشخص مع تواجد إستعداد وراثي وجانب مرضي كالسكري، وضغط الدم، إلخ.... فالحل الأمثل هو الإعتراف بأننا نتناول الطعام تحت تأثيرالعاطفة، خاصة الإعتراف لذاتنا ولأنفسنا، ثم محاورة الذات، مع إشراك إختصاصيين في الموضوع إن لزم الأمر، حول الدوافع التي تسببت في تناول مثل هذه الأطعمة، فإنني أنصح بالبدء بتسجيل جميع ما يؤكل، مع تسجيل الوقت والسبب لتناول وجبة معينة، أو طعام ما، فمعرفة الأسباب الداعية إلى تناول الطعام، مع تحديد الدوافع المسببة لذلك تجعلان من السهل السيطرة على سلوكنا التغذوي العاطفي، فمع تحديد الأسباب، يمكننا إيجاد إستراتيجيات معينة والتي تساعدنا على إدراك الموقف وتعلمنا كيفية التعامل مع الظروف الخاصة أو المعينة. فالتغذية سلاح ذو حدين، حد لتغذية جوعنا، وحد لتغذية عواطفنا، فلندرك ذلك ونعمل على التحلي بروح الإيجابية والتعلم المستمر نحو تعديل سلوكنا الغذائي العاطفي.