موضوع: على ضفتيك ذاكرة وبطولات يرويها التاريخ الأربعاء يناير 07, 2009 6:39 pm
على ضفتيك ذاكرة وبطولات يرويها التاريخ
جميل حمد - على ضفتيه نبض الاردن وفلسطين معا ،فهو النهر المقدس في مائه نزل المسيح ، منتصف الليل فتعمد. والعمادة تعني التوبة والتطهر من الخطايا ،ولا خطايا ليسوع ،انما هي خطايا عالم ،صار اكثر جنونا وآن له ان يبرأ من كبائره وموبقاته وأعظمها ''ذنب غزة ''وفقراء العالم . وعلى ضفاف نهر الأردن ، اختزنت الذاكرة معارك مفصلية دامية ،كانت الغلبة فيها للعدو عدديا ، ولكن الكثرة لا تصنع نصرا، كما اثبتت معركة اليرموك وملحمة الكرامة .. صباح فجر في آذار1968 ،يغتر المعتدي بقوته وقد اخذته العزة بنصر سابق وابواق اعلامية تروج لجيش لا يقهر ،فيجتاز نهر الاردن من عدة محاور الى ''الكرامة '' ولكنها كما مرتفعات البلقاء ابت الا ان تظل شامخة لا تدنسها اقام الغزاة،او حتى جثث قتلاهم التي تركتها اسرائيل في ارض المعركة في سابقة لم تعرفها غطرسة القوة . وفي الوثائق ''عمدوا هناك في الماء الحي ''فمن يشرب منه يرتوي . والماء يستعيد الماء وسيرة التاريخ ،فمن ضفة نهر الاردن الشرقية والكرامة الى ''اليرموك'' وجحافل خالد بن الوليد ترفض هدنة عرضها الروم لـ ''ثلاثة ايام ''وحينها لم تكن قواته تتجاوز 46 الفا فيما جيوش الروم تبلغ 250 الفا .. الجغرافيا تقول ''هو نهر الاردن يمر في بلاد الشام ،طوله 360 كم يتكون من ثلاثة روافد هي الحاصباني القادم من لبنان واللدان وبانياس القادمين من سوريا حيث يصب في بحيرة طبرية بعد اختراق سهل الحولة ، يصب فيه روافد اليرموك والزرقاء وجالوت، يصب النهر في بحيرة البحر الميت المعروفة بملوحتها العالية .وهو يفصل بين الاردن وفلسطين .
نهر بضفتيه ، لا يجتازه عدو الا خائفا ومهزوما، وهكذا كان حين تقدمت مجموعات من جيش الروم باتجاه المسلمين في الجابية، وخشي المسلمون أن يحاصروا بقوات الروم المقيمة في الأردن وفلسطين والأخرى القادمة من إنطاكية؛ فيقطعوا خطوط إمداداتهم، ويحولوا ببينهم وبين منطقة شمال الأردن والبلقاء التي تربطهم بالحجاز؛ ولهذا قررت الجيوش الإسلامية الانسحاب من الجابية إلى اليرموك. وذات اثنين من عام '' 636''م زكت نفوس المرابطين على اليرموك بالنصر ، حين وقف أبو عبيدة يخطب الجند'' وقال لهم يا عباد الله انصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم، يا معشر المسلمين اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر، ومرضاة للرب'' وقال '' أشرعوا الرماح.. والزموا الصمت إلا من ذكر الله حتى آمركم''. وانتصب معاذ بن جبل محدقا في السماء ،وبشائر فرح تعلو سيماءه . وعلى رسله ،صمت قليلا ، وتأنى وعب الهواء ملء رئتيه ،فشخصت اليه عيون جنده ، ورفاقه وهو يقول '' إن رحمة الله- والله- لا تُنال، وجنته لا تدخل بالأماني، ولا يؤتي الله المغفرة والرحمة الواسعة إلا الصادقين المصدّقين بما وعدهم الله (عز وجل)، أنتم- إن شاء الله- منصورون، فأطيعوا الله ورسوله، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين. كان احد الجند، يجاور خالد بن الوليد ،والسهل فسيح في اتساعه ،والصوت يتبعه صداه فرأى ما لم يره في حياته، فندت عنه قولة الخائف'' ما أكثر الروم وأقل المسلمين!.. اجفله احتشاد الروم بكثرتها ،وسنابك خيلهم تثير الغبار وتصهل وتقبل جارفة كالسيل، وراياتها على مرمى البصر ،ولكن الكثرة لا ترهب من آمن فتيقن.. سمعه خالد ،وتوجه له بخطاب النصر فقال : ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال، أبالروم تخوّفني؟! ولا يستبين النصر في ساعته او اوانه ، فللتاريخ مجراه ويطول احيانا ومقتلة هنا واخرى هناك ليست الا روافد في نهر الزمان العظيم، وهكذا انكشفت ميمنة خالد وكذلك ميسرته امام جند الروم ، ولكنه القلب حين يثبت كالطود عاليا ،فقد ثبت ولم ينكشف جنده ،فخلفه ابو عبيدة بهمته حاثا على الصبر ، ويجىء صوته مجلجلا ..رابطوا واصبروا.. ويظهر خالد بين جنده ،حاملا البشارة ''فالشدة، الشدة فوالذي نفسي بيده ليعطينكم الله الظفر عليهم الساعة''. التاريخ يقول :احدى الهاويات سميت بـــــ ''الواقوصة''؛ لأن الروم وقصوا فيها، ''سقطوا فيها ''بعشرات الالوف .وفي ''الواقوصة ''تغير مجرى التاريخ ، وتاكيدا سيسجل قرننا اعدادا لا تحصى من ''واقوصات قبل ان يحل السلام ويتطهر العالم من الخطايا..ويرحل هرقل ويصف الجغرافي العربي فرحان رويلي (1179-1229) نهر الاردن بقوله: ''هما أردنان ، الأردن الكبير، والأردن الصغير. فأما الكبير فهو نهر يصب إلى بحيرة طبريا، وبينه وبين طبرية لمن عبر البحيرة في زورق اثنا عشر ميلاً. تجتمع فيه المياه من جبال وعيون. فيجري في هذا النهر فتسقى أكثر ضياع جند الأردن، مما يلي ساحل الشام وطريق صور. ثم تنصب تلك المياه إلى البحيرة التي عند طبرية، هذا النهر، أعني الأردن الكبير، بينه وبين طبرية، البيحرة. وأما الأردن الصغير فهو نهر يأخذ من بحيرة طبرية ويمر عند الجنوب في وسط الغور فيسقي ضياع الغور، وأكثر مستغلتهم، السكر. وعلى هذا النهر قرب طبرية، قنطرة عظيمة ذات طاقات كثيرة تزيد على العشرين ويجتمع هذا النهر ونهر اليرموك فيصيران نهراً واحداً فيسقي ضياع الغور وضياع البثينة، ثم يمر حتى يصب في البحيرة المنتنة في طرف الغور الغربي''. ... وحسب الإنجيل ، فقد تعمد به يسوع على يد يوحنا المعمدان في وادي الخرار على الضفة الشرقية. وعرف منذ القدم باسم نهر الأردن ومعنى الأردن هو المياه السريعة التدفق بحسب اللغة اليونانية القديمة. وقد اعتقد بعض المؤرخون أن مجموعات من المقدونيين والحثيين تعايشت حول هذا النهر بعد أن نزحت من الجنوب الغربي من آسيا الصغرى ومن تساليا وذلك قبل العصر الهليني وأطلقت على النهر اسمه . ويذهب المؤرخ الروماني ''تاسيتوس'' في التاريخ ، والاسطورة بعيدا قائلا ان ''جبل الشيخ في الجولان بسورية هو والد نهر الأردن والذي يغذيه'' وفي القرن الرابع للميلاد كانت تقام في مغارة تقع على أحد جانبي جبل الشيخ عرفت باسم ''مغارة رأس النبع'' بالقرب من بلدة بانياس السورية تقام مراسم وثنية في يوم عيد معين كانت ترمى فيه ضحية مذبوحة وكانت هذه الضحية تختفي بطريقة عجيبة بقوة الشيطان ،ويجتاز هذا النهر المستنقعات ويشكل بحيرة الحولة ثم يحيرة طبريا . له اسمان نهر الشريعة ونهر الاردن كما يذكر الدمشقي توفي عام 1327 ''ثم نهر الأردن، وهو الشريعة، نهر غزير الماء ينبعث من بانياس ويمتد إلى الحولة وينصب إلى تلك البحيرة أنهر وعيون. ثم يمتد في الخيطة إلى جسر يعقوب. ثم يخرج إلى الغور. وتخرج من حمامات طبرية مياه ساخنة مالحة هي من العجائب في سخونتها. ثم نهر يصب في بحيرة طبرية. ويخرج من الحمة إلى قرية يقال لها ''جدر'' وفي هذه العين منافع كثيرة لأمراض كثيرة في الناس... ونهر الشريعة كأنه في الاعتبار فلك دائرة يطلع من أول الغور من بحيرة ''قدس'' ويتوسط بحيرة طبرية، ويغور في بحيرة زغر''. ويأبى نهر الاردن ، بعمادة الماء والدم ،ووشائج العناق ،والنبض الواحد ، ان يكون كما ارادت له بريطانيا في اذار 1921 حين قررت ان يكون النهر حدودا بين أراضي إمارة شرق الأردن والانتداب على فلسطين التي خضعت لرعاية بريطانية بأمر من عصبة الأمم.
الأربعاء يناير 07, 2009 6:39 pm