موضوع: جبال قبائل الجن وصحراء عين الثور الأربعاء ديسمبر 17, 2008 5:20 pm
جبال قبائل الجن وصحراء عين الثور
حسن حبيب الله - المشهد جعل باحثاً فرنسياً يترك عمله ليُنقب عن أجسام فضائية مدفونة.. حمرة شديدة ضاربة إلى السواد تكسو الصخور المتناثرة على سفوح جبال قلب الريشات ، مشهد أوحى للسكان الأصليين بأسطورة تتحدث عن ملحمة عظمى بين قبائل الجن صبغت دماؤها المكان. المنظر على الطبيعة غريب ، لكن الأغرب هو رؤية المنطقة من الفضاء الخارجي، بالصور التي التقطتها وكالة ناسا في أولى رحلاتها الفضائية، للجبال الواقعة شمال موريتانيا، حيث أدهشت الكثيرينً، ما جعل الباحث الفرنسي تيودور مونو (1902-2000) يترك أبحاثه حول فقمات ضفاف الأطلسي بالساحل الموريتاني، ليتوغل في أعماق الصحراء، ويمضي ثلاثة عقود من عمره يجوب أخاديد قلب الريشات وتضاريسه الوعرة برفقة مساعديه وهم يمتطون الجِمال بحثاً عن أجسام فضائية مطمورة في المكان! استند العالم الفرنسي في تحركاته إلى نظرية حاول العلماء أن يفسروا بها صورة ناسا الغامضة، وهي أن نيزكاً عملاقاً دكَّ المنطقة في عصور سابقة، وأحدث الانفجار الضخم دائرةً قطرها يزيد على 40 كيلومتراً. عُرفت هذه الدائرة لدى السكان الأصليين بـ قلب الريشات وسماها الجيولوجيون لاحقاً بـ هيكل الريشات erutcurtS tahciR وأحياناً بـarahaS eyesllub لشبهها بعين الثور. كما قدم باحثون نظرية أخرى تؤكد أن المنطقة ما هي إلاَّ فوهة لأكبر بركان خامل على وجه الأرض، وقد يثور في أية لحظة مستقبلاً. وتفترض نظرية ثالثة، أن عوامل التعرية أبدعت هذه المنحوتة العملاقة على مرتفعات الصخور الجيرية المعروفة بهضبة آدرار الشرقية. وتبرز الصورة الجوية لـ قلب الريشات شكلاً حلزونياً، بينما يرى الزائر من داخل الهيكل، إذا اتجه ببصره نحو الخارج، ثلاث دوائر مركزها على شكل عدسة، يحفها جرف عملاق، ولهذا سمي عين صحراء . المكان يشكل معرضاً جيولوجياً مفتوحاً، لما يحويه من مقاطع طبقات متعددة لمئات الأنواع من الصخور التي تمثل عصوراً مختلفة. على الطريق الوحيد الممتد بطول 071 كيلو متراً بين مدينة أطار عاصمة ولاية آدرار إلى قلب الريشات ، يمرّ المسافر بمدينتين تاريخيتين تعتبران مقصداً سياحياً مهماً في حد ذاته. الأولى هي مدينة شنقيط التاريخية، وقد أسست في منتصف القرن الثاني الهجري، وكانت من محطات تجارة الصحراء، ونقطة تجمع للحجاج من أنحاء المنطقة،إذ ينطلقون منها لأداء فريضة الحج. وقدعُرف سكان موريتانيا في المشرق العربي بـ الشناقطة ، نسبة إلى المدينة التي تنامى دورها الثقافي والديني لاحقاً، وباتت اليومَ مكتباتها الأهلية تستقطب الباحثين وعشاق المخطوطات. الثانية هي مدينة وادان التاريخية التي تأسست سنة ؟؟؟ للهجرة، ولا تزال مأهولة لغاية الآن، وإن تناقصت أعداد المقيمين فيها، وقد عرفت أوج ازدهارها عندما كانت محطة للقوافل التجارية في إفريقيا بين جنوب الصحراء الكبرى وشمالها قبل انتشار السفن البخارية، وأصبحت اليوم قبلة للسياح لما تحويه من بيوت أثرية، ولهذا السبب صنفتها اليونيسكو كتراث عالمي إلى جانب مدينة شنقيط. من هذه المدينة التاريخية تنطلق رحلات السفاري السياحية والعلمية إلى قلب الريشات على سيارات الدفع الرباعي، نظراً لوعورة الطريق التي تضطر أحياناً من يصرون على التوغل في تجاويف المنطقة إلى الاستعانة بأصحاب الجِمال، كما فعل الباحث مونو الذي لم تكشف أبحاثه غموض قلب الريشات .