موضوع: التاسع من ذي الحجة .. ما أعظمه من يوم ! السبت ديسمبر 06, 2008 2:32 pm
التاسع من ذي الحجة.. ما أعظمه من يوم!
ماجد ساجع - هو يوم عرفة غدا ويكاد يكون أشهر أيام العام بأكمله فهو الركن الاعظم في الحج ويوم الطاعة لجميع المسلمين في مشارق الارض ومغاربها . وسميت عرفة بهذا الاسم كما جاء في أكثر من تفسير لأنها المكان الذي التقى فيه آدم وحواء بعد إهباطهما إلى الأرض إذ أهبط آدم إلى سيلان وحواء إلى جدة (المدينة الشهيرة حالياً) وهذا المكان محدد بحدود شرعية لا يجوز الوقوف خارجها ومن أهم هذه الحدود حد طبيعي هو وادي عرنة وهو وادي جاف يقع غرب عرفة وهو الحد الأساسي لها. ثم إن باقي المكان يتخذ شكل قوس واسع محدد بالجبال من جميع الجهات بينما تتميز أرضه بالانبساط. وهذا اليوم يمثل أهم أركان الحج في الإسلام حتى وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (الحج عرفة) وهذا أسلوب قصر وحصر وتخصيص للدلالة على أهمية هذا الركن. ويوم عرفة من الأيام الفاضلة تجاب فيه الدعوات وتقال العثرات ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات وهو يوم عظَّم الله أمره ورفع على الأيام قدره وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران. ومن فضائل يوم عرفة إنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً قال أي آية؟ قال : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة. وهو يوم أقسم الله به والعظيم لا يقسم إلا بعظيم فهو اليوم المشهود في قول القرآن : وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود : يوم القيامة واليوم المشهود : يوم عرفة والشاهد : يوم الجمعة). كما أن صيامه يكفر سنتين فقد ورد عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) . وهذا إنما يستحب لغير الحاج أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة. وقال الإمام النووي عن صوم أيام العشر: انه مستحب استحبابا شديدا . وورد عن يوم عرفة أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم. فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذّر ثم كلمهم قِبَلا قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ . ويوم عرفة يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف: ففي صحيح مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبراً) وجاء في الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله ينزل إلى السماء الدنيا عشية عرفة يباهي الملائكة بالواقفين فيها يقول: أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فج عميق . وذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : فقال : ( الشُّعْث: هو اغبرار الرأس، والغَبَرُ: هو التراب والغُبْرة: لونه) فإنه من المعلوم أن الحجيج عشية عرفة ينزل على قلوبهم من الإيمان والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعبير عنه لكن ليس هذا الذى في قلوبهم هو الذى يدنو إلى السماء الدنيا ويباهي الملائكة بالحجيج ) . ويؤكد علماء الشريعةان على المسلم أن يحرصَ على العمل الصالح في هذا اليوم العظيم من ذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ وصلاةٍ وصدقةٍ لعله أن يحظى من الله بالمغفرة والعتق من النار فقد ذكر ابنُ رجب - رحمه الله ? في اللطائف : أن العتقَ من النار عام لجميع المسلمين .وذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه: (زاد المعاد في هدي خير العباد ) فقال : أنه في يوم عرفة يدنو الرّبُّ تبارك والله عشيةَ مِن أهل الموقف ثم يُباهي بهم الملائكة فيقول: (مَا أَرَادَ هؤُلاءِ أُشْهِدُكُم أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم) وتحصلُ مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعةُ الإِجابة التي لاَ يَرُدُّ فيها سائل يسأل خيراً فيقربُون منه بدعائه والتضرع إليه في تلك الساعة ويقرُب منهم الله نوعين من القُرب أحدهما: قربُ الإِجابة المحققة في تلك الساعة والثاني: قربه الخاص من أهل عرفة ومباهاتُه بهم ملائكته فتستشعِرُ قلوبُ أهل الإِيمان بهذه الأمور فتزداد قوة إلى قوتها وفرحاً وسروراً وابتهاجاً ورجاء لفضل ربها وكرمه فبهذه الوجوه وغيرها فُضِّلَتْ وقفةُ يومِ الجمعة على غيرها . وذكر السعدي رحمه الله في تفسيره للآية الكريمة : وليال عشر من سورة الفجر فقال : في أيام عشر ذي الحجة الوقوف بعرفة الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله لعباده ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة وهذه أشياء معظمة مستحقة لأن يقسم الله بها قال اللّه الله: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ ). الآية. قال ابن عباس والشافعي والجمهور: هي أيامُ العشر. وقال النووي رحمه الله في كتابه (الاذكار ) : ( واعلم أنه يُستحبُّ الإِكثار من الأذكار في هذا العشر زيادةً على غيره ويُستحب من ذلك في يوم عرفة أكثر من باقي العشر ) أما من لم يتيسر له الحج فهو كما قال العلماء: من فاته في هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عَرَفَه ومن عجز عن المبيت بمزدلفة فليُبيِّت عزمه على طاعة الله وقد قرَّبه وأزلفه ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى من لم يصلْ إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من دعاه من حبل الوريد . وبالنسبة للحجيج فإن شعائر هذا اليوم تبدأ بعد أن يصلي الحجاج صلاة الفجر في منى فينتظرون إلى شروق الشمس ثم يسلكون بعدها طريقهم إلى عرفة وهم يرددون التلبية (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) ويقضون فيها النهار كله حتى غروب الشمس حيث يدعون الله ويذكرونه ويبتهلون إليه كثيرا. مقتدين في ذلك بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ويتخلل اليوم خطبة يلقيها أحد الخطباء ويستمعون إليها عند زوال الشمس (الوقت الذي قبل صلاة الظهر بخمس دقائق - وهو وقت انعدام الظلال) ثم يصلون خلفه الظهر والعصر جمعا وقصرا. بأذان واحد وإقامتين.