موضوع: بداية النهاية لـ ( ويكيبيديا ) ؟ الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 6:32 pm
بدايـة النهايـة لـ(ويكيبيديـا) ؟
وليد الشوبكي - بخدمتها الجديدة''نول'' (KNOL) تدخل''غوغل'' غمار المنافسة ضد الموسوعة الإنترنتية''ويكيبيديا'' ، وتثير المخاوف مجددا لدى منافسيها وشركائها حول توغلها في كل ما يتعلق بالمعلومات، إنشاء وحفظا واسترجاعا. أتاحت''غوغل'' أواخر تموز الماضي خدمة''نول'' لجموع المستخدمين بعد أن كانت محصورة منذ أواخر ؟؟؟؟ بعدد محدود من المستخدمين دعتهم الشركة لاختبار آخر إصداراتها. وتُعرّف''غوغل'' ''نول'' (Knol) بأنه وحدة المعرفة (من اللفظة الإنكليزية''knowledge'' ). وهو أيضا اسم المشروع الذي يهدف لإنتاج المعرفة، ويماثل في بعض أوجهه الموسوعة الإنترنتية''ويكيبيديا'' . لكن ثمة فارقا جوهريا بين''نول'' وaويكيبيديا'' ، إذ يركز المشروع الجديد على أهمية''حق المؤلف'' . صحيح أن كلا من''نول'' وaويكيبيديا'' تدعوان الأفراد للمشاركة بما يعرفون بكتابة مقالات في الموسوعتين، لكن''نول'' تظهر اسم المؤلف، وتمنحه السيطرة على ما يكتب، فلا يمكن تعديل مقاله إلا برغبته. ويختلف هذا عن''ويكيبيديا'' التي يستطيع أي زائر للموقع أن يعدل ما شاء من صفحاتها. كما أن''نول'' تتيح للمؤلفين أن يختاروا أن تظهر إعلانات''غوغل'' النصية بجوار مقالاتهم (تُسمى''نولات'' knols)، ومن ثم يحصلون على قسط من عوائد تلك الإعلانات (بالشراكة مع''غوغل'' ). وتشجع''غوغل'' المستخدمين على ذكر مؤهلاتهم وشهاداتهم التي تجعلهم أهلاً للكتابة عن موضوعات بعينها.. ويبدو أن ثمة فكرتين مركزيتين خلف مشروع''نول'' . الأولى أن''هناك الكثير من المعرفة التي لم تُدوّن بعد، أو إن كانت دُونت فليس ممكنا الوصول إليها'' ، بحسب ما قال سدرِك دوبون، رئيس مشروع''نول'' على المدونة الرسمية لـ''غوغل'' (googleblog.blogspot.com). ولا تكاد هذه الملاحظة تحتاج لتفسير أكثر. وتكفي الإشارة للنجاح الهائل لموسوعة''ويكيبيديا'' الإنترنتية والتي تضاف إليها آلاف الصفحات يوميا (سواء اتفقنا أو اختلفنا على جودة ما تحويه تلك الصفحات). ويقول دوبون أيضا إنه ورفاقه في''غوغل'' لاحظوا أن جُلّ المعرفة الإنسانية المتوفرة لا يزال محفوظا في الرؤوس، وليس متاحا للجميع. والمقصود أن المعرفة طالما ظلت مغلقة في الرؤوس، فإن محرك بحث''غوغل'' لا يستطيع تصنيفها وإدراجها في نتائج البحث! ومن ثم كان''نول'' الذي يهدف لاجتذاب المعارف خارج ضيق الجماجم، وإلى رَحَب الفضاء الإلكتروني ومتصفحات الإنترنت. والفكرة المركزية الثانية خلف''نول'' أنه يسعى لإنجاز ما أنجزته''ويكيبيديا'' ، ولكن مع الحذر من نقائصها. ولعل''كعب أخيل'' في الموسوعة الإنترنتية ويكيبيديا يكمن في صعوبة التوثق من محتواها، لأنها لا تُظهر اسم مؤلفي مقالاتها ولا مؤهلاتهم. أما''نول'' فيُميل الميزان مجددا لصالح المؤلف. فهذا المشروع يدعو الأفراد للكتابة عما يعرفون. ورغم أن''نول'' يتيح التأليف الجماعي والتعليق والتعديل، إلا أن كل ذلك يتم بقرار من المؤلف. ونتيجة ذلك نظريا، لأن المشروع لا يزال في مهده، أن''نول'' سيتحاشى أزمة المصداقية التي لازمت''ويكيبيديا'' منذ البداية. صحيح أن دراسة من مجلة''نيتشر'' (Nature) العلمية أظهرت في أواخر العام ؟؟؟؟ أن ؟؟ في المئة من مقالات''ويكيبيديا'' تكافئ في دقتها دقة مقالات موسوعة المعارف البريطانية الشهيرة (Encyclopedia Britannica)، لكن ذلك لم يغير الانطباع الشائع بأن محتوى الموسوعة الإنترنتية غير دقيق في أغلبه، أو في أحسن الأحوال لا يمكن التحقق من صحته. aالنولات'' .. وقود جديد لمحركات البحث وقد أثار مشروع''غوغل'' الجديد أسئلة عدة، لعل أهمها:''لماذا تقدم''غوغل'' على إنشاء موسوعة إنترنتية، فتتحول من وسيلة لتصنيف واسترجاع المعلومات، عبر محركها البحثي، إلى مقدم للمعرفة؟'' وثمة إجابة مبدئية بأن زيادة حجم شبكة الإنترنت، وما يتوافر عليها من معارف، يصب في المحصلة في مصلحة محركات البحث، وفي مقدمتها''غوغل'' . فالمزيد من الصفحات التي تحوي معلومات قيمة يعني المزيد من نتائج البحث، ومن ثمّ المزيد من الإعلانات التي تقدمها محركات البحث مع صفحات النتائج. ثم إن''غوغل'' ستضيف إعلانات لمقالات (أو نولات) الموسوعة الجديدة. ولكن يبدو أن تلك الإجابة لم تبدد قلق المقدمين التقليديين للمحتوى المعلوماتي. فقد ذكرت رئيسة موقع إنترنتي لوصفات الطعام لصحيفة''نيويورك تايمز'' في العاشر من آب الماضي أن الخدمة الجديدة تمثل تعارضا في المصالح، إذ إنها تجتذب القراء إلى منافسين لشركاء''غوغل'' . فقد بنت''غوغل'' شبكة واسعة من الشراكات مع مقدمي المحتوى (كمواقع الصحف والمواقع الإخبارية)، وكذا المواقع المتخصصة، للشركات والأفراد. وتقدم''غوغل'' الإعلانات عبر هذه المواقع، وتقتسم عوائدها مع شركائها. الآن، ومع إنشاء الموسوعة الإنترنتية الجديدة''نول'' ، تقدم''غوغل'' بديلا للمحتوى المعلوماتي ينافس شركاءها التقليديين. ولم يكن ما بدا تعارضا في المصالح السبب الوحيد للقلق. فقد حذر البعض من أن تنال مقالات (أو نولات) الموسوعة الجديدة معاملة تفضيلية على محرك البحث غوغل. وقد أكدت''غوغل'' مرارا أن محركها البحثي يتعامل مع صفحات''نول'' كما يتعامل مع بقية صفحات الإنترنت. ولكن دان سَليفان، من موقع SearchEngineWatch.com المتخصص في متابعة محركات البحث أشار إلى أن برمجية محرك البحث لدى''غوغل'' ربما لا تمنح ميزة لموسوعة''نول'' ، لكن مجرد استضافة الموسوعة على نطاق google.com (فعنوانها knol.google.com) يعطيها مصداقية لدى محركات البحث لا تتوفر بالمواقع البادئة حديثا. وهذا في رأي سليفان يسهم في تقدم صفحات''نول'' في نتائج محركات البحث بدرجة لم تكن ممكنة لو استخدمت عنوان knol.com. تجريب مستمر لإنتاج المعرفة من المبكر الحكم إذا ما كانت''نول'' ستصرف عن''غوغل'' شركاءها. لكن الواضح أن''نول'' أسلوب تجريبي جديد لإنتاج المعرفة، يسعى لتحاشي نقاط ضعف الأساليب السابقة عليه، لكنه لا يخلو من مثالب. بالأساس، تسعى موسوعة''نول'' ، كسابقتها''ويكيبيديا، إلى الاستفادة من المعرفة أو الذكاء الجمعي لجموع مستخدمي الإنترنت. لكن''غوغل'' ، كدأبها، تستخدم الحافز المالي لاجتذاب المؤلفين لمقالات موسوعتها. ويتسق هذا المنحى مع خط''غوغل'' الذي اتبعته منذ قدمت برنامجها للإعلانات''آد سنس'' (AdSense). في هذا البرنامج يستطيع أي مقدم للمحتوى المعلوماتي (أكان ذلك مدونة شخصية أو موقع صحيفة واسعة الانتشار)، فتضع''غوغل'' إعلانات زبائنها من الشركات الكبيرة على تلك المواقع، وتقتسم العوائد مع المواقع التي تستضيف تلك الإعلانات. الآن تتبع''غوغل'' الأسلوب ذاته، ولكن في ميدان جديد. فكلما اجتذبت''نولة'' أو مقالة على''نول'' زوارا كثرا، وروابط من مواقع أخرى، كلما ارتفع تقييمها لدى محركات البحث، فتأتي في صدارة النتائج، ما يرشحها للمزيد من الإعلانات. بيد أن الحافز المادي في ميدان الموسوعات الإنترنتية قد يؤتي أثرا مختلفا. فدافع الربحية (عبر الإعلانات المصاحبة للمقالات) قد يجعل المؤلفين أقل رغبة في إضافة روابط لمصادر خارجية أو لمقالات أخرى على الموسوعة (كما يحدث على''ويكيبيديا'' )، فيُقصرون الروابط الخارجية (hyperlinks) على مقالات من تأليفهم، سعيا لترويج مقالاتهم وزيادة مردودها الإعلاني. وهذا قد يؤثر سلبا على جودة وaموسوعية'' المقالات. ومن أوجه الاختلاف أيضا في موسوعة''نول'' مفهومها حول تراكم المعرفة. ففي''ويكيبيديا'' ، التراكم المعرفي يحدث في المقال الواحد، عبر مشاركات وتعديلات عشرات أو مئات، أو ربما ألوف، المستخدمين. فيشبه الأمر تعاقب أجيال من الفنانين على تحسين تمثال واحد. أما في''نول'' ، فالتراكم يحدث عبر إتاحة رؤى متعددة للموضوع الواحد، بحسب كل مؤلف، وكأنما كل نحات يضع رؤيته في تمثاله الخاص. وينطلق هذا من توكيد''غوغل'' على حق المؤلف، اتباعا للتقليد المعروف في النشر الأكاديمي. فبدلا من نسخة واحدة (متجددة) للـ''حقيقة'' على''ويكيبيديا'' ، ستتوافر نسخ عديدة على''نول'' . وإذ يختلف الأسلوب تختلف النتائج. فبعد مضي عام من انطلاق''نول'' ستتعدد المقالات حول الموضوع الواحد، خاصة ما يثير منها الجدل أكثر من غيره. فمثلا، لو بحثت عن موضوع''استنساخ'' ، فربما تجد عشرات''النولات'' التي تتناول التقنية الطبية من أوجه مختلفة، وربما متعارضة: الديني والأخلاقي والعلمي والطبي والاقتصادي وغيرها. أما على''ويكيبيديا'' فستظلل هناك دوما مقالة واحدة. وربما تكون''نول'' أقرب لطبيعة تراكم المعرفة الإنسانية عموما. ففي دراسة العلوم مثلا، من المهم أن يتعرف المرء الى نظريات''نيوتن'' ، حتى لو ثبت أن نظريات أينشتاين أصح منها وأدق. فالجديد في المعرفة الإنسانية لا يلغي القديم، وإنما يزيحه قليلا ليتبوأ الصدارة بديلا عنه، ولو إلى حين. ويختلف هذا عن طريقة عمل''ويكيبيديا'' ، التي يستطيع أي زائر عابر بنقرة على زر''eteleD'' أن يمحو جهد أجيال عدة ممن سبقوه.