موضوع: عُشر مادة الوراثة البشرية مكونة من فيروسات الأحد أكتوبر 12, 2008 9:44 am
عُشر مادة الوراثة البشرية مكونة من فيروسات
على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية عمل العلماء على مقارنة المادة الوراثية لعشرات الكائنات الحية مستكشفين تاريخ الحياة من داخلها. ومما اكتشفوه مثلا ان حوالي 8% من المادة الوراثية البشرية مكونة من فيروسات تطفلت على اسلاف الانسان منذ ملايين السنين. ويقول العلماء إن آلاف الفيروسات الارتجاعية والتي يرمز لها HERVs لازمت مراحل تطور الفقاريات على مدى ال 550 مليون سنة الماضية، واحدثها كان الفيروس HERV-K311 الذي دمج نفسه بالمادة الوراثية قبل اقل من 200 ألف سنة، أي بعد فترة طويلة من ظهور الإنسان والشمبانزي من أسلافهما القديمة. في العامين الماضيين عمل باحثون في مختبر فرنسي وآخر اميركي وبشكل مستقل على اعادة تكوين الفيروس الارتجاعي HERV-K من اجزاء له وجدت في المادة الوراثية البشرية، وتوصلوا الى تنشيطه بحيث امكنه دخول الخلايا التي يتطفل عليها والتكاثر بداخلها. وعلى حد قول د. بول بينياسز، اختصاصي الفيروسات في جامعة روكفلر وفي مركز ابحاث آرون ديموند للايدز، ومدير المختبر الاميركي، لقد كان امرا مثيرا تعرف هذا السجل الاحفوري في المادة الوراثية لكائنات حية معاصرة، واستطاعتنا تحديده، وتحليله، واعادة تكوينه. ويقول العلماء إن الفيروسات الارتجاعية تختلف عن الفيروسات التقليدية في كونها تدمج نفسها في المادة الوراثية للحيوان الذي تتطفل عليه وتصبح جزءا دائما من تركيبها. ويقولون إن العالم يعيش حاليا عصر وباء خطير لفيروس ارتجاعي، وهو فيروس HIV المسبب للايدز. فهذا الفيروس يهاجم نظام المناعة في الجسم، بخاصة الخلايا الليمفية ويتكاثر فيها ما دامت حية، ويتحلل بمجرد موتها. بالمقابل فإن فيروسات HERVs تعمل بشكل افضل، اذ تهاجم الخلايا التناسلية الأم المنتجة للحيوانات المنوية والبويضات، وتصبح بالتالي جزءاً من المادة الوراثية للعائلة، لتنتقل من الآباء إلى الأبناء فالأحفاد. ويبدو ان جميع الفيروسات الارتجاعية التي اندمجت مع المادة الوراثية للانسان تعرضت لطفرات افقدتها فاعليتها، وافقدتها ايضا القدرة على الانتقال الى خلايا اخرى في الجسم والتطفل عليها. ومعظم هذه الفيروسات اندمج في مناطق من الكروموسومات تقع بين الجينات بحيث لم تعد تشكل ازعاجاً لأي شيء في الجسم، كما تجزأ بعضها الآخر. وبالمقابل، فإن اجزاء من فيروسات HERVs قليلة اندمجت مع جينات الإنسان واصبح لها وظيفة جديدة. وفي أنواع أخرى من الكائنات الحية، تطورت هذه الفيروسات الى ادوات دفاع ذاتي ضد ابناء عمها من الفيروسات، وهذا ما لاحظه العلماء في بعض انواع الاغنام التي تصاب احيانا بأورام في الرئة والأنف نتيجة الاصابة بفيروسات ارتجاعية معينة.
الأحد أكتوبر 12, 2008 9:44 am