موضوع: الكون والإنسان وثورة العلم الأربعاء أكتوبر 08, 2008 10:34 am
الكون والإنسان وثورة العلم
محمد خليفة - يمر العالم اليوم بثورة علمية شاملة، تتمثّل في محاولة فهم العلماء كيف تكون الكون وكيف كان ميلاده. وبعد إطلاق التجربة العلمية لاكتشاف سرّ نشأة الكون، ارتفع صوت أحد العلماء يدوي عالياً في إشعاع ضوء الفرح، وفي قدسية عالية لقيمة الوجود الإنساني يردد ''يا من بالعلم تؤمنون، إنها ساعة اكتشاف أسرار فوق كل الأسرار الكونية في أعمق أعماق جوهر العقل، أيها الإنسان، إن العالم أمامك اليوم جديد في طبيعة المعرفة البشرية وفي فهم الكون ومعانيه وحضوره اللامتناهي في المتناهي المجرّد عن الزمان، وما يتحدد بزمان هذا الإنسان الذي يعيش على سطح هذا الكوكب الصغير للغاية ويُبحر في محيط أكوان عظمى ومليارات المجرّات وترليونات من النجوم في كون لا محدود''. وفي يوم الأربعاء 10/9/2008 بدأ العلماء بإطلاق أضخم تجربة علمية عن الكون، حيث تم إطلاق حزمة من جزيئات الذرة في نفق طوله 27 كيلومتراً، وعمقه 100 متر تحت الأرض، وبسرعة تساوي سرعة الضوء البالغة 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة. وسوف يتم إطلاق حزمة أخرى من الجزيئات في الاتجاه المعاكس لتحقيق التصادم بين الحزمتين في محاكاة للانفجار العظيم الذي يعتقد العلماء أنه حدث في البدء وأدّى إلى ظهور هذا الكون. وسوف تستمر التجربة عدّة أشهر أو سنوات، وبعدها سيتم تحليل النتائج للتأكد ما إذا كانت نظرية الانفجار العظيم صحيحة أم لا. وتقول هذه النظرية، إنه حدث، قبل 13 مليار عام، انفجار عظيم من ما يسميها العلماء ''نقطة فريدة شاذة'' ونتج عن هذا الانفجار تكوّن سحابة هائلة من الغبار وغاز الهيدروجين. وسرعان ما انقسمت هذه السحابة إلى أقسام كثيرة، وتكاثفت هذه الأقسام مكوّنة المجرّات والكواكب، ومنها كوكب الأرض. وأما غاز الهيدروجين فإن معظمه ذهب إلى الشمس وإلى الكواكب والنجوم المضيئة الأخرى، وأما الباقي منه فقد بدأ رحلة التحوّر والتغيّر حتى أوجد كل العناصر الموجودة والمعروفة. ومنذ ظهوره بدأ الكون رحلة التوسّع والتمدد وهو سيستمر على هذا الحال إلى أن يصل إلى أقصى حدّ في حجمه بعد (20) مليار سنة، وعندها سيتوقّف التمدد، وسيبدأ التقلّص تحت تأثير قوى الجاذبية، وبذلك تُعاد الدورة ولكن باتجاه معاكس هذه المرة. فبدل الانخفاض المستمر في درجات الحرارة الذي صاحب التمدد، سيكون في طور التقلّص ارتفاع مستمر في درجة الحرارة وستقترب المجرّات من بعضها إلى أن تتصادم وتنفجر، ومن ثم يدخل حطام الكون بفعل الجاذبية من جديد في النقطة الشاذة. ويسمّي العلماء الفترة بين ظهور الكون واختفائه ''نبضة'' ويقدرون مدة النبضة الواحدة ب (80) مليار سنة، أي في كل 80 مليار سنة يظهر كون ومن ثم يختفي. وقد يتساءل البعض، هل من المعقول أن يحدث ذلك للكون؟ وهنا لا بدّ من القول إن نظرية الانفجار العظيم هي أكثر النظريات قبولاً من قِبل العلماء مع فارق أن بعضهم يرى أن الانفجار حدث بحكمة إلهية، وبعضهم الآخر يقول، إنه جرى بحكم قوانين الضغط والجاذبية. فالضغط يولّد الانفجار، وقوانين الجذب هي التي تتحكم بهذا الكون وهي التي تمنع هروب واندثار المجرّات والكواكب. ومع إيماننا بأن الحكمة الإلهية موجودة في أدق تفاصيل هذا الكون، لكننا نرى أن البحث العلمي هو الطريق الوحيد الموصل إلى المعرفة الكونية. وللأسف، فإن أمتنا العربية والإسلامية والتي تحمل أكمل الرسالات، ما تزال تتوسّل بمفاهيم الغيب وتتنكب عن سبيل العلم وتتواكل ملقية عناء البحث العلمي على غيرها من الأمم وكأنها غير معنية بهذا الأمر. ولا شك أن الله سبحانه وتعالى قد حضّ المسلمين على العلم والتعلمّ. وهناك الكثير من الآيات القرآنية تبيّن فضل العلم وإنه بالعلم وحده يصل الإنسان إلى معرفة خالقه، ونذكر هنا قوله جلّ من قائل : ''يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان''. وقد أجمع المفسرون على أن كلمة ''سلطان'' تعني العلم لا شيء غيره، فالله سبحانه يدعو إلى اكتشاف كنه هذا الكون عن طريق العلم والمعرفة. لكن هل نصغي، نحن العرب والمسلمين، إلى هذا النداء الإلهي، فنبادر إلى الأخذ بسبيل العلم، أم أننا سنبقى على ما نحن عليه من الجهل والتواكل؟.