الثامن والعشرون من شهر رمضان 1360 هجري - مي زيادة .. فراشة تحترق
كاتب الموضوع
رسالة
البلد : نقاط : 200500 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
موضوع: الثامن والعشرون من شهر رمضان 1360 هجري - مي زيادة .. فراشة تحترق الأحد سبتمبر 28, 2008 10:36 pm
الثامن والعشرون من شهر رمضان 1360 هجري - مي زيادة.. فراشة تحترق
مثل الصالون الأدبي للكاتبة اللبنانية الأصل مي زيادة الملتقى الذي يجمع كبار الأدباء والفنانين والمفكرين في القاهرة والعالم العربي، وفي تلك السنوات في العقد الثاني من القرن العشرين لم يكن من الإعتيادي أن تحظى المرأة بفرصة الظهور في الأوساط الأدبية عدا اضطلاعها بدور كالذي لعبته مي في الحياة الثقافية في تلك الفترة. ولدت مي زيادة في مدينة الناصرة في فلسطين سنة 1304 هجري (1886 م) وتلقت مي تعليمها الابتدائي والإعدادي في تلك المدينة، وذلك قبل أن تذهب إلى لبنان وتلحتق بمدرسة الراهبات في منطقة كسروان في العاصمة بيروت، حيث أتقنت اللغتين الإنجليزية والفرنسية وقرأت الأدب العالمي الذي أخذها بعيدا عن الناس والزملاء، وأصبحت تحلم بعالم آخر، ولقيت التجشيع من والدها الذي كان يعمل في الصحافة، ويحتل مكانا مرموقا في الحياة الثقافية اللبنانية. هاجرت مي مع والدها إلى القاهرة سنة 1911 حيث افتتح هناك جريدة المحروسة ،وفي مصر تعرفت مي التي عاشت في مجتمع غربي الطابع على الأدب العربي، وتشربت من اللغة العربية وأتقنت الكتابة بها وشهدت المحروسة إبداعات مي وقدمتها إلى نخبة من المثقفين المصريين، الذين رأوا في أدبها تجربة مهمة وذلك لسعة أفقها الثقافي وانفتاحها، وبدأت مي تحصل على الاعتراف من قبل الجمهور مع ترجماتها عن الفرنسية التي أسهمت في تقديم أدب مغاير في الحياة الثقافية المصرية. قدمت مي في السنة الأولى لإقامتها في مصر ديوانها الشعري الأول الذي كتبته باللغة الفرنسية أزاهير حلم ، وتعرفت مي على القاهرة في السنوات التالية وأقامت العديد من العلاقات الطيبة مع نجوم الحياة الأدبية، وفي سنة 1914 ومن عمق ثقافتها الفرنسية قررت مي أن تستضيف في منزلها صالونا ثقافيا يستضيف حوارا مفتوحا في مواضيع التراث والفكر وتناقش الإبداعات الجديدة التي تصدر في العالم العربي والمهجر. من أشهر من حضروا في صالون مي عباس محمود العقاد الذي ربطته بها علاقة وثيقة بمي وسرت الكثير من الشائعات حول حب من طرف واحد حركه دائما لدعمها، وكذلك أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد، والكاتب البليغ ومصطفى صادق الرافعي صاحب وحي القلم، وعميد الأدب العربي طه حسين والدكتور محمد حسين هيكل والشيخ مصطفى عبد الرازق الذي أثارت كتاباته جدلا واسعا في تلك المرحلة. وصف الكاتب اللبناني سليم سركيس صالون مي فيقول: مساء كل ثلاثاء يتحول منزل إلياس أفندي زيادة صاحب جريدة المحروسة إلى منزل فخم في باريس .. وتتحول مي التي لا تزال في العقد الثاني من عمرها إلى مدام دوستايل ، أو ولادة بنت المستكفي ، أو وردة اليازجية في شخص ومدارك الآنسة مي ، ويتحول مجلسها إلى فرع من سوق عكاظ ، وتروج المباحث العلمية والفلسفية والأدبية في مجلس يحضره إسماعيل صبري ، وشبلي شميل ، وخليل مطران ، وأحمد زكي اشا . هؤلاء جميعاً يهزون بأحاديثهم ومناقشاتهم أغصان شجرة ذات ثمر . ويحركون وردة ذات أريج ، والآنسة مي بينهم تناقش هذا ، وتدافع عن ذاك.. كانت مي إلى ذلك متحدثة لبقة وخطيبة مفوهة وعدت الأولى بين النساء في مجال الخطابة، وذلك ليس بقلة المتحدثات فحديث مي تفوق حتى على أعمدة الخطابة وكبار الظرفاء في عصرها، ولكن ذلك العالم تقوض بعد خسارتها لوالديها، حيث أصيبت مي بأزمة نفسية حادة ودخلت إلى مستشفى الأمراض العقلية في لبنان، ولكن أًصدقاءها أعادوها إلى القاهرة لتستعيد لياقتها الذهنية والنفسية، ولكن الوقت كان متأخرا والأزمة أكثر عمقا من مجرد تغيير المكان، فتوفيت في القاهرة في الثامن والعشرين من رمضان 1360 هجري (1941 م)، وأحدث رحيلها فراغا في الأدب النسوي العربي وحالة من الحزن في الأوساط الثقافية.
منقول
الثامن والعشرون من شهر رمضان 1360 هجري - مي زيادة .. فراشة تحترق