البلد : نقاط : 200490 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: لعلكم تتقون الأحد سبتمبر 28, 2008 9:54 pm | |
| لعلكم تتقون
د. محمد سعيد حوى - لماذا جعل الله الثمرة المرجوة من الصوم التقوى.. وكيف نتحقق بذلك؟. كثيراً ما نسمع المتحدثين يتحدثون عن حقيقة التقوى ومعانيها واقوال العلماء في تبيان مضمونها، لكن ما العلاقة بين الصوم والتقوى؟. هذا ما سنحاول الاجابة عنه ههنا، لنرى بعد ذلك اثر الصوم في حياة الانسان، ان الانسان مركب من جسم وروح وعقل وقلب ونفس. اما الجسد فهو كالأداة المنفذة وان كان على الانسان واجبات تجاه جسده، فمثلاً حرمت بعض الاشربة، كالخمر وبعض الاطعمة كالخنزير، وطولبنا بالاقلال من الطعام وذلك جزء منه الحفاظ على الجسد ليستطيع القيام بواجباته الشرعية. ومع ذلك، يبقى ان الجسد اداة منفذة فلم يأت امر في القرآن او السنة مثلاً بتزكية الجسد. واما الروح فهي سر الحياة لكن على الارجح اذا دخلت الروح الجسد سميت نفساً واذا خرجت منه اولم تدخل اليه سميت روحاً. لذا.. اذا تتبعنا النصوص نجدها موجهة نحو تزكية النفس، اما الروح فلم يأت نص او امر بتزكيتها بشكل مباشر لانها انما تسمى روحاً اما قبل دخول الجسد او بعد خروجها منه. والروح قبل دخول الجسد او بعد الخروج منه ينتهي في حقها التكليف فلا يوجد لها امر كهذا السبب. اذن المعول عليه الآن النفس والعقل والقلب. اما النفس فلانها تخالط الجسد فانها تتأثر بطبيعة الجسد الترابية الدونية فتكون النفس على الشهوات والرغبات والغضب وكل ما هو دوني الا ان تزكى وتطهر. اما العقل فقد خلقه الله ليطلق الأحكام الصحيحة وايضاً ليتلقى عن الله الوحي ويفهم الخطاب. الآن.. آلية عمل الأركان الثلاثة: (النفس، العقل، القلب). ان القلب يتلقى من جهة النفس (قبل ان تزكى استشارات سلبية ومن ورائها الشيطان، اذ من خلالها يوسوس الشيطان للانسان كما يتلقى القلب من جهة العقل ومعه النص الإلهي والوحي استشارات ايجابية دائماً. هنا، اذا كان القلب منوراً سليماً صالحاً يستجيب لنداء العقل والوحي واذا كان القلب مريضاً يستجيب لنداء النفس والشيطان وربما يكون بين فتارة يستجيب لهذا وتارة لهذا. اذن نستطيع ان نقول ان للقلب عدوين هما النفس التي لم تزكِ والشيطان وعندنا قاعدة عامة هي وجوب الثبات امام عدوين. كما ورد في سورة الانفال الآن خفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفاً فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين... . فالمسلم لا يسمح له ان يفر امام عدوين وكذا هنا انه وان كان ايها المسلم امامك عدوان، عدو من داخلك: النفس وعدو من خارجك: الشيطان فيجب ان تنتصر وانت مؤهل لذلك. لكنك في رمضان لك فرصة اعظم للانتصار لماذا؟. انه في رمضان كما ثبت تصفد الشياطين وتقيد ومضمون هذا ان عملها وتأثير على الانسان يصبح شبه لا شيء، وحركتها العنيفة نحو الاغواء متوقفة او ضعيفة فيصبح امام الانسان اذن عدو واحد هو النفس. فالانتصار يكون اسهل. الآن مع ما يكون من مؤيدات للعقل بانلص والفطرة والبيئة الصالحة ومع ما يكون من مؤيدات خاصة في رمضان حيث تسجر جهنم وحيث تفتح ابواب الجنان وحيث تتنزل الملائكة والروح فيها وحيث عبادات كثيرة من تلاوة للقرآن وعلم وذكر وصدقة وصلاة تراويح مع الصوم مع عدم وجود العدو الآخر او ضعفه (أي ضعف الشيطان) فان كل ذلك سينصب نوراً على القلب والقلب يتوجه نحو النفس بأنواره فينيرها ويزكيها بهذه الاعمال وان ينتصر الانسان على عدو واحد هو النفس هنا اسهل. اذن، كل اسباب الانتصار على الشهوة والوساوس والظلمات قد هيئت لك ايها الانسان فلماذا لا تنتصر.. انها حقيقة التقوى. ولا يتوقف الامر عند هذا الحد بل اذا انتهى شهر الصوم وتحركت الشياطين حركتها العنيفة فتأتي مباشرة الى النفس لتدخل من خلالها الى القلب فيفاجئ الشيطان ان النفس قد زكت وتطهرت فلا تستجيب له نهائياً.. فيبقى وحيداً في المعركة ومرة اخرى يستطيع المسلم ان ينتصر على عدوين فكيف اذا بقي امامه عدو واحد فقط هو الشيطان. وللعلم، فان الشيطان اضعف العدوين لان الله يقول: ان كيد الشيطان كان ضعيفاً . فمن هنا، كان الصوم طريق التقوى انه يزكي عدوك الاخطر النفس ليبقى العدو الاضعف وحيداً في الميدان. والخلاصة.. انك في رمضان امام عدو واحد وكل الاسباب مهيئة للانتصار عليه انها النفس وبعد رمضان لا يبقى الا عدو واحد هو الاضعف انه الشيطان، بل وتصبح النفس نصيراً لك على الحق فمن هنا تكون قد سلكت طريق المتقين.
منقول
| |
|