قصة الصوم (7).. يوم رمضاني في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم)
د. محمد سعيد حوى - ويبقى القدوة العظمى محمد صلى الله عليه وسلم في كل شيء، وبينما نحن نمضي معاً لحظات الصوم هذه. قلنا ان نتساءل كيف كان يوم رمضان رسول الله صلى الله عليه وسلم لنتأسى بذلك ما استطعنا ولنستشعر عندئذ جمالية الصوم وروعته: 1-كان من عادته صلى الله عليه وسلم ان يقوم من الليل في كل ايام السنة، ووصف القرآن قيامه ''ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك...''. ووصفت السيدة عائشة حاله في ذلك.. فكان يصلي اربعاً لا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي اربعاً لا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يوتر بثلاث.. فاذا كان هذا ديدنه صلى الله عليه وسلم في كل ليلة فلا شك انه كان له شأنه الاخص في ذلك في رمضان. ومن هنا تذكر الروايات ان خرج بعد صلاة العشاء يصلي في المسجد فصلى بصلاته اناس حتى امتلأ بهم المسجد فترك ذلك، وكأنه اراد ان يلفت نظر الأمة الى خصوصية القيام واطالته وكثرته في ليالي رمضان فضلاً عما سواه، وكان توجيهه صلى الله عليه وسلم من قام رمضان ايماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنهب. 2- وكان يرقد صلى الله عليه وسلم قليلاً قبل الفجر يغتنمه بمزيد من الاستغفار ''وبالاسحار هم يستغفرون'' لكن يزيد على ذلك في رمضان السحور وقد حضنا على ذلك صلى الله عليه وسلم ''تسحروا فان في السحور بركة'' وبركات السحور متعددة ان مما يستدعي استيقاظك في هذا الوقت ان لم تكن تستيقظ فيه سابقاً ان هذا الحديث يشكل منهجاً يومياً في رمضان لرسول الله صلى الله عليه وسلم متمثلاً في الامور التالية:. أ- كثرة الجود والانفاق والاحسان، وقد يكون الجود بالمال وقد يكون بالوقت لخدمة الآخرين وقد يكون الجود بالاخلاق الافضل وهو صلى الله عليه وسلم دائماً الاكثر احساناً وجوداً لكن ذلك يتضاعف مرات ومرات في رمضان ثم يتضاعف عند لقاء جبريل. والحديث عن كرم رسول الله لا ينتهي ويكفينا ما اخرجه البخاري ومسلم من حديث جابر رضي الله عنه ما سئل رسول الله شيئاً قط فقال ''لا''. ب- مجالسة الصالحين: وعبر عنه في الحديث ان جبريل كان يدارسه القرآن في كل ليلة، واذن كان له مجلس يومي ولقاء يومي مع جبريل والمجالسة امر مهم جداً في التربية وقد سئل صلى الله عليه وسلم أي جلسائنا خير يا رسول الله، قال: من ذكركم بالله رؤيته وزاد في علمكم منطقه وقربكم من الآخرة عمله''. وشبه الجليس الصالح بحامل المسك ولا شك ان للمجالسة الصالحة اثر كبير لذا اشتمل هذا الحديث على قوله فرسول الله حين يلقاه جبريل اجود بالخير من الريح المرسلة، وهو الجواد اصلاً صلى الله عليه وسلم. فمجالسة الصالحين ترفع الهمم، وتذكر بالله والآخرة وتذكر بأحوال الانبياء ومن سار على قدمهم وتتغشاها الملائكة والسكينة والرحمة لانها مجالس ذكر وعبادة. ج- مدارسة القرآن: رمضان شهر القرآن فلا بد ان يكون له الحظ الاوفر منا على خطين: 1- تلاوة القرآن. 2- مدارسة القرآن والحديث عن كل ناحية يطول. وهذا يقودنا الى المنهج الرابع. د- مجالس العلم: فشهر رمضان شهر العلم لما فيه من احوال ايمانية وروحانية خاصة. هـ- ثم بعد هذا البرنامج وكان يحرص على صلاة المغرب جماعة بعد الافطار مباشرة وكان افطاره كما قال: اذا افطر احدكم فليفطر على تمر فان لم يجد فعلى ماء فانه طهور. وعن انس كان رسول الله يفطر على رطبات قبل ان يصلي .. فان لم تكن رطبات فتميرات فان لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء. وقد يجد شيئاً من الطعام فيأكل صلى الله عليه وسلم، كما ورد في بعض الروايات انه قال لصحابي انزل فاجدح لنا (أي اعد طعامنا وهو هنا اعداد السويق بخلطه بماء). فلا تجد في يوم اسراف في طعام او شارب ثم لا تجده الا في ذكر او قيام او تلاوة او اصلاح اوعلم.. اما اذا دخل العشر الاواخر فمع كل هذا الاجتهاد: قالت عائشة: ''احيا الليل وايقظ اهله وجد وشد المئزر'' كناية عن اعتزال النساء مطلقاً فيستغرق ليله كله بالعبادة.. صلى الله عليه وسلم. 3- وكان من هديه صلى الله عليه وسلم: انه يؤخر السحور الى آخر وقته قبل آذان الفجر الصادق (الثاني). 4- وماذا كان يمكن ان يكون سحوره صلى الله عليه وسلم لعلها شربة من لبن وحبات من تمر وان وجد كسرات من خبز وربما لا يجد الا الماء والتمر كما تقول السيدة عائشة. وانه يساعدك على الاستغفار والصلاة ولو ركعتين وانه يكون سبباً في نشاطك لتذهب الى صلاة الفجر وحضور الجماعة.. كما انه يمدك بطاقة تعين على الصوم وهنا الطاقة روحية معنوية ومادية في آن واحد. 5- وما كانت صلاة الفجر لتفوت النبي صلى الله عليه وسلم وهو امام الامة ونبيها وما علمنا في صلاة الفجر. 6- ثم كان اغلب ايامه يجلس في مصلاه الى ان تطلع الشمس حسناء فيصلي ركعتين وقد كان يمضي وقته كله بالذكر والاستغفار. وقد صح عن ابن عمر كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة ''رب اغفر لي وتب عليّ انك انت التواب الرحيم''. وانه حث صلى الله عليه وسلم على الجلوس في مصلى الفجر الى ان تطلع الشمس حسناء فيصلي ركعتين. 7- ثم سائر يومه يصفه لنا ابن عباس رضي الله عنه اذ يقول: كان رسول الله اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله اجود بالخير من الريح المرسلة'' اخرجه البخاري ومسلم.