موضوع: أحداث رمضانية السبت سبتمبر 13, 2008 2:07 pm
احداث رمضانية
الثالث عشر من رمضان 1332 ( الحرب العالمية الأولى )
كانت الحروب في العصور القديمة والوسيطة تقترب من المنازلة بين جيشين يلتقيان في بقعة من الأرض ويتقاتلان إلى أن ينتصر أحدهما على الآخر ويمضي لاجتياح أراضيه، ولكن في مثل هذا اليوم 13 رمضان 1332 هجرية (4 آب 1914) تغيرت صورة الحرب وأصبحت طاحونة مجنونة تأكل الأخضر واليابس، فأصبح العالم كله ساحة لحرب بين فريقين من الدول الأوروبية لتصفية الصراعات الداخلية في القارة العجوز ومحاولة إعادة تقسيم المستعمرات التي لم تقل معاناتها عن الدول المشتركة في القتال. باتت ألمانيا تمثل قوة أوروبية صاعدة بعد توحد مقاطعتها في نهاية القرن التاسع عشر، وأصبحت ألمانيا التي بدأت تتحول إلى قوة إقليمية تمثل خطرا على مكتسبات بريطانيا وفرنسا الاستعمارية والاقتصادية، مما دفع العلاقات بين هذه البلاد إلى التوتر خصوصا بعد التحالف بين ألمانيا والنمسا والمجر في محور واحد انضمت إليه تركيا لاحقا، وفي مقابل ذلك عقدت بريطانيا وفرنسا وروسيا اتفاقيات ثنائية جعلها تمثل بذرة قوات الحلفاء، ولكن المواجهة بقيت تتأرجح ابتداء من سنة 1906 لأن أحدا لم يكن على استعداد لتعليق الجرس في رقبة القط. الشرارة الأولى انطلقت 28/6/1914 عندما أقدم أحد الشبان الصربيين على اغتيال ولي العهد النمساوي في سراييفو التي أخضعتها النمسا لحكمها، وأثارت تلك العميلة غضب النمساويين الذين كانوا على نية مبيتة لإقصاء الطموحات الصربية في البلقان، وبدأت طبول الحرب بين الصرب والنمسا تدق بعنف مما دفع روسيا حليفة الصرب أن تعلن نيتها دخول الحرب ضد النمسا وبالتالي أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا، وألحقت ذلك بإعلانها الحرب على فرنسا حليفة الروس والتي كانت تسعى إلى تطويق الطموح الألماني. لم تستطع ألمانيا بجيشها البالغ أربعة ملايين جندي أن تقاتل على الجبهتين الروسية والفرنسية في وقت واحد، واضطرت أن توقف توغلها في الأراضي الفرنسية لموجهة جيش روسيا المندفع تجاه أراضيها، وتحقق النصر لألمانيا على روسيا وبالمقابل استطاعت فرنسا أن تحافظ على عاصمتها التي كانت على وشك الضياع. تمكن الروس من الالتفاف حول ألمانيا بعد هزيمتهم للنمسا، مما دفع الألمان لمحاولة تخفيف الضغط الروسي عن طريق اجتياح بولندا وبالتالي انكفأ الروس لتأمين حدودهم من جديد، ودفعت هذه الأوضاع الخطيرة روسيا للمحاولة من جديد مع الأتراك الذين هزموهم ومعهم قوات الإسناد البحرية البريطانية، مما دفع البريطانيين لفتح جبهة ضد تركيا في الشرق الأوسط وإشغالها بالدفاع عن أراضيها بدلا من دعم الألمان في أوروبا والدخول إلى البلقان من جديد. بعد التدخل التركي وجد الروس أنفسهم يتراجعون بعنف وخسروا البلقان الذي تمكن الألمان والنمساويون من إخضاعه وتوجيه ضربة قاسية للصرب، وفي عامي 1915 و1916 بدأ التفوق الألماني واضحا خصوصا مع الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدتها فرنسا وبريطانيا في معركة فردان، وكان يمكن أن تمضي الحرب لمصلحة الألمان للنهاية خصوصا بعد حصارهم البحري للجزر البريطانية عن طريق حرب الغواصات، ولكن ذلك دفع الولايات المتحدة إلى التدخل ضد الألمان في سنة 1917. كان لدخول الولايات المتحدة للحرب بعد خروج روسيا في أعقاب الثورة البلشفية دور في تركز الصراع على الأراضي الفرنسية، وبعد عدة انتصارات كاسحة للألمان انقلبت الآية بتصاعد الدعم الأمريكي، وفي آب 1918 بدأ الألمان يتكبدون خسائر فادحة دفعتهم إلى التفكير في التفاوض، ولكن الحلفاء لم يكن يرضيهم إلا الاستسلام المذل الذي تحقيق لهم في فرساي 11/11/1918، ولكن شروط الاتفاق المجحفة كانت تحمل في داخلها بذرة الحرب العالمية الثانية. شهدت الحرب العالمية الأولى استخدام الطائرات في الحرب والأسلحة الكيميائية والقتال في داخل المدن للمرة الأولى، وكان للمدرعات والدبابات دور كبير في هذه الحرب التي أسفرت عن 16 مليون قتيل.