موضوع: العاشر من رمضان 1380 هجرية - نصر من الله الجمعة سبتمبر 12, 2008 8:58 am
العاشر من رمضان 1380 هجرية - نصر من الله
بغتت الدول العربية بالهزيمة الكبيرة التي لقيتها على يد القوات الإسرائيلية في الخامس من حزيران 1967 ومثلت الصدمة التي تلقتها الشعوب العربية نقطة انكسار تاريخية ما زالت تلقي بظلالها على الشخصية العربية حتى الآن، ولذلك كان تخطي النتائج الكارثية التي ترتبت على هزيمة حزيران تمثل أولوية عربية فالخسائر لم تقتصر على الأراضي التي تم احتلالها في تلك الحرب ولكنها امتدت لتصيب الروح العربية في مقتل، وكنتيجة حتمية بدأت الدول العربية تعيد حساباتها من جديد وتعمل على استعادة الأرض والكرامة. استمرت حرب الاستنزاف التي تواصلت على الجبهات العربية لست متواصلة ولكن الحسم أصبح مطلبا شعبيا جارفا خصوصا بعد النجاحات العسكرية التي تحققت في مرحلة حرب الاستنزاف من معركة الكرامة وحتى الهجوم على ميناء إيلات، ولكن المطالب الشعبية كانت تصطدم بالحقائق العسكرية وخاصة على الجبهة المصرية حيث استطاعت اسرائيل أن تستولي على شبه جزيرة سيناء وأن تبني ساترا ترابيا محصنا عرف بخط بارليف، والذي حول الإسرائيليون تسويقه كأسطورة عسكرية وبالغوا في ذلك لدرجة زعمهم بأنه يستطيع الصمود حتى أمام القنابل الذرية، وبذلك وضعت دول المواجهة المتمثلة أساسا في مصر وسوريا والأردن والدول العربية الأخرى التي دعمت عسكريا مثل العراق والجزائر بالإضافة إلى الدعم المادي من دول الخليج العربية. حتى صباح يوم العاشر من رمضان سنة 1380 ه (1973 م) كان الحسم يبدو بعيدا والأجواء هادئة في المنطقة واحتمالات الحرب لا يعول عليها، ولكن لم يكن أحد لينتبه للإجراءات السرية الصارمة على الجبهتين المصرية والسورية، ومع الساعة الثانية ظهرا بدأت الردارات الإسرائيلية تلتقط المفاجأة بعبور 222 طائرة مصرية لقناة السويس وبدئها بقصف العمق في سيناء، ولم تكن المفاجأة تصل إلى تل أبيب حتى بدأت الأخبار من الجبهة الشمالية تتحدث عن تقدم الدبابات السورية لتشل قدرة الجيش الإسرائيلي على استخدام أنابيب النابالم المعدة لتحصين جبهتهم الشمالية. خلال ستة ساعات وبعد أن استخدم الجيش المصري مضخات المياه العملاقة التي تم استيرادها على أساس استخدماها لمشاريع زراعية بدأ خط بارليف يتحول إلى أثر بعد عين، واستطاع الجنود المصريون أن يرفعوا علم بلادهم على سيناء بعد ست سنوات من الاحتلال، وعلى الجبهة السورية استطاع السوريون في صباح اليوم التالي من المعارك رفع علم بلادهم على أعلى قمة في جبل الشيخ، بما مثل ضربة حقيقية للجيش الإسرائيلي المشتت على جبهتين مشتعلتين. وقفت الدول العربية مواقف شجاعة في تلك الحرب مثل الجزائر التي وضعت اعتمادا ماليا مفتوحا لتزويد الجيش المصري بالطائرات بعد أن تحطمت معظم طائراته في سنة 196، والعراق التي شاركت على الجبهتين بقرابة ستين ألف جندي، بينما شاركت الأردن والسعودية بالقتال على الجبهة السورية وأبدت هذه القوات شجاعة استثنائية وفق الشهادات التي أرخها القادة السوريون الذين شاركوا في المعركة. في 15/10 استطاع الجيش الاسرائيلي أن يفتح ثغرة في صفوف الجيش المصري ويطوق الجيش الثالث وراء قناة السويس مما دفع المصريين إلى قبول قرار وقف إطلاق النار في 23/10 بينما تواصلت المعارك على الجبهة السورية، وتجددت في مطلع سنة 1974 م ولكن الطرفين السوري والإسرائيلي توصلا إلى اتفاق وقف إطلاق النار في حزيران من تلك السنة.