البلد : نقاط : 200230 تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: هذا بيان للناس - النفس في القرآن (8) الإثنين سبتمبر 08, 2008 8:40 pm | |
|
هذا بيان للناس ( النفس فـي القرآن )( 8 )
''لا يكلف الله نفسا...''
عبد الله حجازي - ما تزال آخر آية في البقرة تشدنا اليه، بحبل وثيق من النظر الهادف سبر اغوارها، وبيان محتواها ومحاولة فهم ابعاد ما قصد النص القرآني هذا.. اليه، فبعد ان وعينا دلالة ''لها'' ومن بعدها ''عليها'' ثم ابعاد ''كسبت'' و''اكتسبت''و وحمله الينا فقه كل من هذه الكلمات، بعد ان ادركنا، ان لها انما يضاف الى رصيدها، وان عليها هو دين في ذمتها، كما ان كسبت فعل لا يأتي الا مع الخيرات وبها، وان اكتسبت بنيتها تؤشر على وزر تحمله النفس، نصل الى ما ارادت الآية ان تقدمه لنا من دعاء، ''ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا اصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين''. يرسم هذا الدعاء مصفوفة متكاملة تقوم على التناظر بين طرفي الدعاء اللذين جاءت بهما الآية وهي مصفوفة ارادها الله تعالى وحملها هذه النص البديع الذي لا يقدم العلم فحسب، بل وايضاً الاعجاز بين اللغوي والبنائي منه وحتى تتضح الصورة تعالوا نفكك هذه المنظومة، ونضعها بصيغتها التناظرية فالدعاء كما حمله النص. * ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا.. اسقاط النسيان والخطأ. * ربنا ولا تحمل علينا اصراً كما حملته على الذين من قبلنا.. الدعوة.. الحصانة من الاثم الشديد. * ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به.. الدعوة.. الخلاص من التكليف الذي يتجاوز الطاقة. هذه المصفوفة كما حملها النص، جاءت محددات الاجابة لها فوراً، وبالتتاع مع النص ذاته ''اعف عنا.. واغفر لنا.. وارحمنا'' جاءت على هذا الترتيب كي تستجيب للترتيب الذي جاءت عليه بداية المصفوفة التي سبقتها. فـ .. ان نسينا او اخطأنا لها العفو.. اعف عنا. و.. الاصر علينا كما كان على الذين من قبلنا لها المغفرة .. واغفر لنا. و.. النجاة من تكليف لا تطيقه النفس لها.. الرحمة.. وارحمنا.. من هنا ينطلق الحديث النبوي الشريف الذي اجمل مكونات هذه المصفوفة الثلاث ''رفع عن امتي الخطأ والناس وما استكرهوا عليه'' ان البيان الذي حملته هذه الآية وسابقتها، وعلى الرغم من الظروف التي احاطت بنزول الوحي فيهما، تؤكد اتساع رحمة الله تعالى التي تجاوزت الحد المطلق، ووصلت الى المدى الذي لا يقف عند ظاهر ما حملته الايتان، هاتان الايتان اللتان جعلهما الله تعالى بموازاة تعبد كبير، فقد روى ابو مسعود الانصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ''من قرأ هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة كفتاه''، وقال ابن عمر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ''انزل الله عليّ آيتين من كنوز الجنة، ختم بهما سورة البقرة كتبهما الرحمن بيده قبل ان يخلق الخلق بألف عام من قرأهما بعد العشاء مرتين اجزأتاه من قيام الليل.. آمن الرسول.. الى آخر سورة البقرة'' وقوله عليه الصلاة والسلام ''اوتيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يؤتهن نبي قبلي''.
منقول
| |
|