موضوع: أحداث رمضانية الإثنين سبتمبر 08, 2008 11:47 am
احداث رمضانية
الثامن من رمضان 455 هجرية ألب أرسلان يسود السلاجقة
من قبائل الغز التركية تفرع السلاجقة الذين عاشوا في آسيا الوسطى، ومثلوا قوة عسكرية شديدة المراس انضوت في خدمة الإسلام منذ أن أعلن زعيمها سلجوق إسلامه في القرن الرابع الهجري، ولما كانت هذه القبائل تحمل الولاء المطلق لزعيمها فإن دخولها الإسلام كان جماعيا، واستطاع الإسلام بتعاليمه السمحة أن يروض الممارسات القبلية للسلاجقة دون أن يؤثر على كفاءة مقاتليها في الحرب، ولذلك أصبح من المنطقي أن تقف هذه القبائل لحماية الدولة العباسية، ومع استمرار الخلفاء الضعاف فإن السلاجقة رأوا أن يؤسسوا دولتهم التي استطاعت أن تبسط سيطرتها على بقاع واسعة من العالم الإسلامي. الأزمة التي عاشها السلاجقة تمثلت في نزعتهم لاعتبار الشجاعة الشخصية والقتالية أساسا في اختيار ملوكهم، ونجم عن ذلك تقسيم دولتهم إلى مملكتين تولى الشقيقين طغرل وجغري قيادة كل منهما بعد خلافهما على خلافة والديهما، احتفظ السلاجقة بالخلافة العباسية التي لم تعد في ظل سيطرتهم سوى مظهر شكلي وولاية روحية بينما تولوا مقاليد الحكم الأخرى، ولكن الصراعات التي نشبت بين الأمراء كادت أن تعصف بهذه الدولة الناشئة لولا ظهور الأمير ألب أرسلان الذي استطاع أن يوحد السلاجقة وأن يدخل بهم عصرا جديدا، وأن يحافظ على المكتسبات التي تركها عمه طغرل بك ووالده جغري. كان ألب أرسلان قائدا منذ مراهقته حيث عينه والده في مناصب قيادية في الجيش واستطاع أن يثبت أهليته لخلافة والده في سن مبكرة، واقترب منه الوزير الأول نظام الملك الذي تحول إلى العقل المدبر في الدولة السلجوقية، ولأن عمه طغرل بك لم يخلف وراءه ولدا أصبح ألب أرسلان بسمعته الطيبة التي تراكمت من حكمه لولاية خراسان المرشح الأول لخلافة عمه. استطاع ألب أرسلان أن يحسم الأمر لصالحه وأن يبايع من أمراء السلاجقة في الثامن من رمضان سنة 455 هجرية، ومن يومها بدأ في إعادة تنظيم أركان دولته بمساعدة وزيره نظام الملك، وفي السنوات الأولى من حكمه كان يتوجب عليه أن يواجه العديد من الثورات والانقلابات التي قادها أقاربه في أكثر من مكان في الدولة السلجوقية، وبعد أن استتب الأمن في مملكته توجه نظره إلى جيرانه من الروم الذين أرهقوه في تلك السنوات الصعبة من خلال غاراتهم المتتابعة على حدود مملكته في محاولة لاستغلال صراعاته الداخلية. في البداية تمكن ألب أرسلان من دخول جورجيا وأرمينيا مما جعل الروم يسعون إلى مباغتته فجهزوا جيشا كبيرا وغزوا حلب التابعة للخلافة الفاطمية ودخلوها سنة 463 للهجرة، فأرسل ألب أرسلان ولده ملك شاه لمواجهة الروم فأخرجهم من حلب وبسط نفوذه على بقية الشام بما فيها بيت المقدس. بعد هذا التوسع بدأ الروم يعدون لمعركة فاصلة فجهزوا جيشا من مائتي ألف جندي للهجوم على جيش السلاجقة في الشام، فنصرف ألب أرسلان في قوة صغيرة جمعها من آسيا لنصرة جيشه، وتمكن من تحقيق نصر خاطف على الروم ومن ثم وقعت معركة ملاذ كرد التي كانت أبرز انتصار عسكري للسلاجقة وتمكنوا من أسر إمبراطور الروم، وحصلوا على فدية ضخمة لإطلاقه، وفي سنة 465 توفي ألب أرسلان وخلفه ولده ملك شاه الذي سار على نهج والده قبل أن يعود السلاجقة إلى الصراعات التي أودت بدولتهم.