موضوع: أحداث رمضانية السبت سبتمبر 06, 2008 9:39 am
احداث رمضانية
السادس من رمضان سنة 1300 هجرية
المصريون يقفون وراء عرابي
تعد ثورة عرابي أو هوجة عرابي كما أصطلح العامة على تسميتها من أبرز الأحداث في التاريخ المصري، فقد كانت من المحطات الأساسية في تكون الهوية الوطنية المصرية، خاصة أن البلاد كانت في مواجهة الاستعمار الإنجليزي الذي جاء ليفرض سيطرته على مصر التي عجزت عن سداد مديونيتها لبريطانيا، وبالتالي أصبحت عرضة لتحكم الإنجليز في البلاد. ولد أحمد عرابي سنة 1841 في محافظة الشرقية وكان والده عمدة أحد القرى الصغيرة، وتلقى عرابي في طفولته تعليما دينيا في كتاب القرية قبل أن يلتحق بالجامع الأزهر لمتابعة دروسه، ولكنه تحول للدراسة في كل الضباط ومن ثم التحق بصفوف الجيش المصري الذي فتح محمد علي باشا أبوابه أمام المصريين في بدايات القرن التاسع عشر، وتدرج عرابي في المناصب العسكرية حتى وصل إلى رتبة أميرالاي ''عقيد''. كانت الأوضاع المضطربة التي يعيشها الجيش المصري في تلك المرحلة تستثير الغضب في قلب عرابي، الذي وجد جيش وطنه يحارب بالوكالة ولمصالح الآخرين، خاصة بعد سيادة العنصر التركي في الجيش الذي أجبر الجنود المصريين في ظل تهاون الخديوي اسماعيل، ووجد الجنود المصريون أنفسهم يقاتلون في الحبشة والقرم والمكسيك دون وجود مبرر للأرواح التي تزهق في غير مصلحة مصر الوطنية. دفعت هذه الأوضاع عرابي إلى تزعم حركة في الجيش المصري لإقالة قائد الجيش التركي عثمان رفقي، وتعيين محمود سامي البارودي الشركسي المولود في مصر، والذي عرف بميوله الوطنية. بقي عرابي يدعم البارودي حتى مكنه من تشكيل الحكومة بدعم من شعبية عرابي في صفوف الجيش وبين الفلاحين والفقراء، واستطاع عرابي أن يجبر الخديوي توفيق على حل مجلس النواب وإقالة الوزارة الفاسدة التي تزعمها رياض باشا، واستطاع أن يقف أمام غطرسة الخديوي وأن يقول كلمته المشهورة التي بقيت حاضرة في الوجدان المصري ''نحن خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم''. في الحكومة التي شكلها البارودي تولى عرابي منصب وزير الجهادية ''الدفاع'' وأعلن عن دستور مصري جديد في سنة 1882 (1299 هـ)، وفي هذه السنة نشب الخلاف بين البارودي والخديوي الذي استعان بالأساطيل الإنجليزية والفرنسية، وقرر عرابي أن يواجه الجيوش الأجنبية وتطورت الأحداث بسرعة بعد صدامات واسعة في الإسكندرية، ولكن الخديوي وافق على الشروط الإنجليزية مما دفع البارودي للاستقالة في حين لم يتعرف الجيش إلا بعرابي وزيرا للجهادية في الوقت الذي أصدر فيه الخديوي مرسوما بعزل عرابي. في السادس من رمضان سنة 1300 هجرية وصلت الأزمة إلى ذروتها وانعقد اجتماع في وزارة الداخلية حضره أعضاء البرلمان المصري وشيخ الأزهر وقاضي القضاة والمفتي ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود وكبار القضاة والأعيان وثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة. وأصدر المشايخ الحاضرون فتواهم بخروج الخديوي عن الدين، وضرورة إبقاء عرابي في منصبه الذي بقي يشغله حتى هزيمة جيشه في معركة التل الكبير ودخول الإنجليز إلى القاهرة، وحوكم عرابي وتقررت معاقبته بالإعدام وخفف الحكم إلى النفي إلى سريلانكا، إلى أن حصل العفو من الخديوي عباس حلمي وعاد للقاهرة سنة 1902 ليتوفي هناك سنة 1911.