موضوع: جدات يروين الحكايات الجمعة سبتمبر 05, 2008 1:01 pm
جدات يروين الحكايات
د. اميمة محمد عمور - رمضان شهر البركة، كان قديما اكثر ارتباطا بفوانيس البطيخ وحكايا الجدات فلم تكن العائلة تملك تلفازا،وكان على الاسرة ان تجد الوسائل لتزجية الوقت بعد الافطار ، فيدور الحديث وغالبا ما تتولى الجدات اعادة القص الشعبي مما تحفظه الذاكرة . وتعود بداية أدب الأطفال إلى القصص التي احتفظت بها ذاكرة الزمن لتسهم بنصيب كبير في نقل تراث البشرية وخبراتها من جيل إلى جيل، حيث كانت مادة الحياة سواء رويت للكبار أو حكيت للصغار، وسيلة لتقاسم الخبرة والتعليم، ولون من ألوان الإمتاع والمؤانسة. و نتجه للتطور الذي أحاط بجميع جوانب الحياة عند الإنسان ، فقد تطورت معه الحكايات لتصبح هي الأخرى جزءاً من مادة الحياة، ووسيلة اتصال أساسية للبشرية، وسبيل الأجيال المتعاقبة لنقل الأفكار والقيم الروحية والمثل ومستويات السلوك والتقاليد، وذلك ما اخذت تعمل عليه الدراما العربية في استلهامها للحكاية التاريخية واعادة احيائها .. وتعتبر الحكايات الشعبية من أقدم أنواع الأدب ، وتعرف بأنها قصص حقيقية أو خيالية ينسجها الخيال الشعبي للمجتمع، ويورثها الآباء للأبناء، تحمل ملامحه، والأنظمة السائدة فيه، وعاداته وتقاليده، ومعتقداته. وتتميز الحكايات الشعبية ببعض الخصائص الرئيسية التي تميزها، حيث أنها تنتقل من جيل إلى جيل عن طريق الرواية الشفوية، بواسطة الراوي الذي يرددها حسبما تسعفه الذاكرة وكثيراً ما يضاف إليها أو يحذف منها، وربما يحكيها كما سمعها، ولها صفة العالمية فنجد الحكاية الواحدة منتشرة في كثير من بقاع العالم، بما فيها حكايا الجدات . ، لكن الملاحظ أن هذه الحكايات تكتسب في كل مكان مزايا جديدة وإضافات مختلفة، تطبعها بطابع ذلك المكان، وتضاف إليها بعض المؤثرات التي تلاؤم كل بلد فتصبح كأنها حدثت فيها، وتتعرض الحكاية للتحريف والتغير في الزمان والمكان والشخصيات ولكن يبقى بناؤها الأصلي وجوهرها باقياً. والكثير من القصص الشعبية الأوروبية لها أصول شرقية وذلك نتيجة الحملات الاستكشافية، والاستعمار الأوروبي لبلاد المشرق، وتتسم الحكاية الشعبية بالمرونة والحرية ومسايرة العقول والأمزجة والمواقف، وتتميز كذلك بالعراقة، والأصالة، والصدق فكثيراً ما ترتكز القصة الشعبية على أساس من الحقيقة تبدأ منه، وعلى الرغم من ذلك نجد أنه ليس لها مؤلف معروف، وقد يستخدم فيها الرموز في التعليم غير المباشر. والهدف من الحكايات الشعبية تأصيل القيم والعلاقات الاجتماعية، وكل حكاية تنطوي على معنى أو نمط سلوكي تريد له أن يتحقق أو آخر تريد له أن ينبذ (كمساعدة الضعيف والفقير والطيب، وانتصار الخير وهزيمة الشر، استعمال الذكاء ونبذ المكر والحيلة، والفضائل مثل التواضع والحنان والصدق والصبر وغيرها)، وتؤدي دوراً كبيراً في المجتمعات خاصة في إنماء البنية الثقافية الشعبية، كما تعتبر من أهم الوسائل التي تساعد الطفل على تفهم وتقبل ثقافة جماعته، وإكسابه الثقة بنفسه. هذا هو عالم الحكاية الشعبية في عموميته.. ولعلنا نجد وقتا بعد الافطار ،لنروي لصغارنا ذكريات رمضان ايام زمان وحكاياته ..