موضوع: مدن إسلامية - شنقيط الإثنين أغسطس 01, 2011 2:10 pm
مــــدن إسلاميــــــة - شنقيط
اكتسبت مدينة شنقيط أهمية كبرى في تاريخ موريتانيا، فمن اسم هذه المدينة أخذت موريتانيا تعرف باسم بلاد شنقيط، ومع أنها تقع عمليا في وسط منطقة القبائل البربرية الصحراوية، إلا أنها ارتبطت تاريخيا بدخول الإسلام للمنطقة، فمع الحملات الإسلامية الأولى كان موقع شنقيط داعيا للعمل على تعمير المنطقة من خلال حفر الآبار الأمر الذي حول شنقيط إلى واحة صحراوية مهمة، وتحولت إلى محطة تجارية تسيطر على مناطق واسعة من الصحراء المحيطة بها، وكانت المدينة الصغيرة بمثابة نقطة الالتقاء والارتقاء التي تربط هذا الجانب من الصحراء مع العالم الخارجي. أخذت شنقيط في التوسع بعد أن تحولت إلى مقصد للقبائل البربرية والإفريقية للتجمع من أجل الإنطلاق لأداء فريضة الحج، وكان طبيعيا بناء على ذلك أن تتحول إلى مدينة دينية، فقصدتها قبيلة بني حسان العربية مع مجموعة من العلماء لتكون مركزا لهم، ولأن الصوفية تتناسب أكثر من غيرها مع الشعوب البسيطة التي تسعى للوصول إلى الفكرة الإلهية عن طريق المجاهدة الشخصية والتجربة الإنسانية، أكثر من الإحاطة بالجوانب الفلسفية والفكرية، فإن المتصوفة وجدوا في المدينة مجتمعا مثاليا لتأسيس زوايا مهمة لنشر الصوفية بين قبائل المنطقة. كانت مدينة شنقيط عاصمة للقرآن في هذه البلاد، ولم تهتم المدينة بالعلوم الحديثة، وكان حفظ القرآن وتجويده هو النشاط الأساسي من الناحية المعرفية الذي يسعى له أهالي المدينة، مع القليل من المعرفة بالفقه والسنن، فقد كانت اللغة العربية غير شائعة في موريتانيا قديما، إلا أن المدينة التاريخية لاحقا لعبت دورا كبيرا في توسيع قاعدة المتحدثين بالعربية، وتراجع الأمازيغية، ومع أن موريتانيا أقرب جغرافيا لإفريقيا، إلا أن اندماجها الثقافي مع العربية جعلها تدخل فيما يعرف بالعالم العربي. كان العرب في موريتانيا يعتبرون أهل السيف، ووقع على عاتقهم أن ينشروا نفوذهم بين القبائل الإفريقية والبربرية، وحماية الحركة الصوفية، وكانت هذه القبائل تحظى بدعم من الوجود العربي في المغرب وشمال افريقيا، وأدى التراجع في أوضاع العرب شمالا إلى إحداث هزة كبيرة في مكانة شنقيط، الأمر الذي أدى إلى اختفاء المدينة تقريبا من الخارطة، وبعد أن كانت تمثل نقطة اشعاع مهمة تحولت إلى مدينة من الأطلال بعد تحول الاهتمام إلى حواضر أخرى تمثل مواقعها الجغرافية وإمكانياتها الطبيعية عوامل جذب مهمة. على امتداد آلاف الأميال كان خط روحي يربط شنقيط بمكة المكرمة، فكانت في هذه المدينة تتجمع الأمنيات التي يحملها البسطاء بالانطلاق إلى رحلة الحج، التي كانت في ذلك العصر رحلة ذات اتجاه واحد في كثير من الأحيان، فكثيرون يهلكون في الطريق وبداخلهم النوايا الصادقة ليصلوا إلى البيت الحرام، والبعض يتعلقون بالبقاء في مكة أو قريبا منها، مما جعل للشناقطة وجودا كبيرا في المشرق العربي. اليوم تعد شنقيط قرية صغيرة تعدادها لا يتجاوز بضعة آلاف من البشر، وما زالت مكتباتها الصغيرة المملوءة بالرقاع التي تحمل في داخلها علوم القرآن، والمساجد المبنية بالأحجار الصغيرة مع وجود الفناء الواسع أحد المعالم المميزة التي تجعلها مدينة ذات شخصية متميزة رغم أن قلة ما زالوا يقصدونها للزيارة بعد أن كانت أهم مدن المنطقة لقرون.