لمسة أمل
لمسة أمل
لمسة أمل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لمسة أمل


 
الرئيسيةالبوابة**أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مقتطفات من كتاب التفكير المستقيم والتفكير الاعوج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





البلد : مقتطفات من كتاب التفكير المستقيم والتفكير الاعوج Jo10
نقاط : 198490
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

مقتطفات من كتاب التفكير المستقيم والتفكير الاعوج Empty
مُساهمةموضوع: مقتطفات من كتاب التفكير المستقيم والتفكير الاعوج   مقتطفات من كتاب التفكير المستقيم والتفكير الاعوج Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 26, 2010 7:00 pm



مقتطفات من كتاب التفكير المستقيم والتفكير الاعوج للكاتب روبرت ه. ثاولس
سلسلة مقتطفات (13\100)

------------------------------------------------------
(الإنسان حيوان ناطق , وهو أن لم يجد من يحدثه تحدث إلى نفسه )
--------------------
وما نسميه »بالمخاطبة « هو المحادثة مع الآخرين أما ما نسميه »بالتفكير « فهو محادثة المرء مع نفسه.
----------------------
والشخص الحذر إذا دخل في جدال لا ينساق " الى التعميم " فهو على هذه الصورة ينساق إلى
اتباع طريق الهزيمة. وإنما يظل مصرا على موقفه المعتدل الذي شرع فيه
والذي يمكنه الدفاع عنه بسهولة , في حين انه فوق ذلك يستطيع دحض
أقوال خصمه المتطرفة بالحجة والبينة دون أن يحتاج إلى جر هذا الخصم
إلى التفوه بأقوال أكثر تطرفا في الاتجاه المضاد
--------------------
حيل المجادلة
ولنسم هذه الحيلة باسم »التوسيع « أي توسيع قول الخصم. وتستعمل
هذه الحيلة من أجل استدراج الخصم إلى أن يوسع قوله بنفسه في أثناء
احتدام الجدال أو أن يتواقح أكثر من ذلك فيزور قوله الأول
والعلاج دائما هو أن يمتنع الشخص صاحب
القول عن أن يوسع قوله وأن يظل مثابرا على تثبيت موقفه الذي يريد في
الحقيقة أن يدافع عنه
وثمة حيلة أخرى تستعمل في القضايا الخلافية وهي حيلة »الروغان «
أو »التحويل « وتكون في الدفاع عن قضية إما بالإتيان بقضية أخرى لا تكون
إثباتا للقضية الأولى وإنما هي وسيلة لتحويل المناقشة عن موضوعها الأول
إلى موضوع آخر يكون صاحب عملية التحويل هذه واثقا منه أكثر من
الموضوع الأول
ويجب أن ندخل أيضا من ضمن أنواع الروغان حيلة يلجأ إليها أحد
المتخاصمين وهي التعلق بنقطة هامشية , وردت في سياق الحجة التي أتى
بها الخصم الآخر واتخاذها وسيلة للتغلب عليه فيها ثم الإيحاء (بعد التغلب
في هذه النقطة الفرعية) بأنه غلب الخصم في القضية الأساسية. فالرجل
الذي يأتي بعدد كبير من الوقائع تأييد لمدعاة قد يأتي بواحدة على الأقل لا
تكون صحيحة , وعدم صحة هذه قد لا يكون كافيا لنقض النتيجة التي
يدعيها. ولكن الخصم يمسك بهذه الواحدة ويثبت بطلانها وبذلك يسهل
عليه أن يدخل في النفوس انطباعا بأنه تمكن من إبطال قضية الخصم
برمتها , بالرغم من أن الدعامة الكبرى لهذه القضية بقيت ثابتة. وهكذا
يكون النصر في هذا الجدال نصرا مزيفا تم إحرازه عن طريق حركة
روغانية ناجحة.
وثمة خدعة أخرى من قبيل الروغان نذكر هاهنا , وهى حيلة الإتيان ,
في الدفاع عن قول ما , بقول آخر لا يثبت صحة القول الأول ولكن يأمل
قائله أن الخصم لن يعترض على البرهان. و يمكن تأمين ذلك في أغلب
الأحيان بجعل القول الثاني عبارة عن إشارة إلى نظرية علمية يخشى الخصم
إذا عارضها أن يكشف عن جهله , أو على الأقل يجعل القول الثاني مرتبطا
بأمر ملتبس غامض يخشى الخصم أن يكشف عن جهل مشين إذا هو أقر
بعجزه عن إدراك هذا الارتباط.
ويوجد أخيرا حيلة شائعة في الجدال لا ينظر إليها عادة بأنها حيلة ,
وهي جديرة بالنظر فيها في هذا المقام. وهذه الحيلة تكون عن طريق
عرض رأي بين متجادلين يكون بمثابة موقف وسط بين موقفين متطرفين..
ونحن جميعا نحب اختيار الحل الوسط , فإذا أوصانا أحدهم باتخاذ موقف
يكون وسطا بين موقفين متطرفين فإننا نجد عادة في أنفسنا إقبالا على
الأخذ بهذه التوصية.
وقد يغتنم البعض هذا الميل , فيعرضون علينا آراءهم بهذه الطريقة , وان
كانت الآراء على أبعد ما يكون من الاختلاف فيما بينها
----------------------
فإذا ادعى مسالم بان الاشتراك في الحرب
خطأ , فان الرد الذي يمكن أن يوجه إليه هو أنه يجب عليه حتى يكون
منطقيا في ادعائه وثابتا أن يرفض استعمال العنف في أي حال من الأحوال
حتى ضد مجرم كان يعتدي على زوجته
---------------------
فالحضور المستمعون يكونون أميل إلى الضحك مع الشخص الذي أتى
بذلك الروغان من متابعة جهود خصمه الشاقة وهو يحاول المودة إلى البحث
الجدي . وهذه الطريقة طريقة خسيسة يستعملها بعض الناس كي يقال
عنهم انهم أذكياء. والشخص الذي اعتاد استعمال طريقة الروغان المزحية
في أثناء المجادلة الجدية لا يستحق أن يلتفت إليه
------------------
نظرية هوبز تقول بأن الناس بطبيعتهم أعداء
يحارب بعضهم بعضا وأنهم لا يكونون مواطنين صالحين إلا بفعل الخوف
اما عن نظرية كروبوتكن فهو الذي يرى أن الناس بغريزتهم يؤثرون
الغير على أنفسهم , وأنهم لم يصبحوا أنانيين إلا بنتيجة التأثير السيء
الذي أحدثته النظم الاجتماعية التي عاشوا في ظلها في المجتمع الرأسمالي
--------------------------
احيانا المسألة
الخلافية لا يمكن الفصل فيها لان كلا من الجانبين في الخصومة يعتبرون
أن المشكلة مشكلة حقائق في حين أنها في الحقيقة مشكلة كلمات.
------------------
فالروح
المعادية للعلم هي التي تحاول دوما صرف الناس عن دراسة الواقعة ودفعهم
إلى نسج نظريات وهمية خيالية تابعة من أذهانهم وحدها. وهي الروح التي
يجب على كل واحد منا(سواء أكان يشتغل بالبحث العلمي أو يفكر في
كيفية استعمال صوته في الانتخابات) أن ينبذها من ذهنه ذلك لان إتقان
فن التفكير والتمكن منه ليسا إلا البداية في إنجاز مهمة فهم الواقع.
وبدون الحصول على الحقائق الواقعية الصحيحة يسوقنا فن التفكير هذا
إلى الخطأ والضلال.
------------------------
أن ما هو خطا قد لا يكون كذلك بسبب
ما نحاول أن نقوله عنه وإنما بسبب الطريقة التي نقول بها قولنا عنه
-------------------------
وكتب عن هذا الموضوع حديثا عالم النفس الطبي (دى بونو) من كامبردج.
وقد أطلق (دى بونو) اسم »التفكير غير المألوف « على المقدرة التي ستعملها
الإنسان في حل مشكلة من المشكلات ليس عن طريق اتباع سبيل وحيد في
التفكير أو خط تفكير واحد معين ولكن بطريق تجربة سبيل جديد آخر.
وقد ابتدع (دى بونو) سلسلة من التمارين الفذة العملية والكلامية التي
يحتاج في حلها إلى طرق تبدو في ظاهره غير منطقية وغير مألوفة.
--------------------------------
وحقيقة الإيحاء الواقعية من وجهة نفسانية تتمثل في الواقع المعروف
بأن الإنسان إذا داوم على تكرير قول مرارا متوالية بلهجة الواثق من قوله
دون حجة أو برهان فان السامعين لهدا القول يميلون إلى تصديقه والإيمان
به بصرف النظر تماما عن صحة القول أو بطلانه , وعن وجود بينة على
صحته أو عد م وجودها. ويكون السامعون على الأخص أميل إلى قبول
الإيحاء الذي يوحي به خطيب يتمتع بمقام رفيع أو وجاهة في أعين الناس-
كالهيبة المسلم بها التي تكون لأصحاب السلطان كالوزراء وكبار رجال الدين
والبارعين في الألعاب الرياضية ورواد الفضاء والمؤلفين.. وغيرهم من
مشاهير الناس.
-----------------------
وفي الماضي حين كان المرشح نجما الانتخابات
البرلمانية يستطيع أن ينفق على الدعاية الانتخابية بالقدر الذي يريد كان
في غالب الأحيان يغشي الجدران في شوارع مد ينته بإعلانات عديدة
جدا يقول في كل منها: »صوتوا لزيد « أو »صوتوا لعمرو «. فإذا كان لهذه
الملصقات الدعائية تأثرها المقصود في زيادة ميل الناس إلى انتخاب الشخص
المذكور فان ذلك يكون بفضل استعمال الإيحاء من نوع »تكرار القول الجازم ,«
مع أن هذه الملصقات لم تعد أي سبب يفهم منه أن المرشح المذكور افضل
لعضوية البرلمان من مناوئه. وكل ما فعلته هذه الإعلانات أنها اعتمدت على
الإيحاء لا غير
------------------------
ولكن المتكلم أو الخطيب لا يعتمد على التكرار وحده. وللتكرار أساليب
عدة بعضها أنجح من بعض. فإلقاء الخطاب مثلا بتردد وهمه فاترة لا يكاد
يكون له مفعول إيحائي. ولذلك يلجا المتكلم إلى كيفية عكسية ويتخذ مظهر
الواثق من نفسه بصورة جريئة وقحة. ومهما كانت شكوكه وتردداته وتهيباته
التي تساوره فانه لا يسمح لها بان تظهر عليه في مسلكه. ولذلك فانه يدفع
بصدره إلى الأمام ويرفع رأسه ويتحدث بصوت عال مستمر. وهذا الأسلوب
المطمئن الواثق هو المسعف الثاني على النجاح في الإيحاء. والإحساس في
سريرة نفس الشخص بأنه , يقينا , على صواب قد يكون عونا مهما في
إحداث هذا الأسلوب المطمئن الواثق , وان كان هذا الإحساس في الحقيقة
غير ضروري لذلك. فالخطيب المحنك الذي تعلم حيلة الأسلوب المطمئن
الواثق يستطيع أن يجعل ذلك لنفسه كالقناع. ولعل المرشح في انتخابات
سياسية يجد هذا الأسلوب اكثر عونا له على النجاح من أي قدر من المعرفة
والخبرة بأعمال الحكومة التي رشح نفسه ليتولاها.
ولكن يجب عليه أن يكون على حذر من مناوئيه (الذين يقطعون عليه
كلامه بتعليقات لاذعة) لان هؤلاء قد يكونون على علم تام بكيفية القضاء
على أسلوبه المطمئن الواثق في الكلام وهدمه. وإذا كان في إمكانهم أن
يزجوا في أثناء خطاب هذا المرشح بسؤال قد يضحك الحافرين منه أو قد
يفقده ?الكه لنفسه ويغضب ولو قليلا فان أسلوبه الواثق المطمئن يصبح
من المسير الاستمرار فيه والمحافظة عليه.
----------------------------
كالمصارع الياباني الذي يحاول بدلا من التصدي لثقل الخصم ومجابهته
مباشرة , أن يمتص ضغط الثقل بالتراجع معه , ليكون بالوسع طرحه أرضا
والتغلب عليه
---------------------
فالأمانة الفكرية أذن تقتضي من الخطيب بعض المتطلبات المعينة: ومنها
أنه يجب عليه أبدا أن لا يقول أمام الناس شيئا لا يكون هو متمسكا به في
جداله الخاص. ويجب عليه أن لا يطرح قولا على أنه مؤكدا بينما يعتقد هو
أن هذا القول محتمل الصحة فقد. ويجب عليه أن لا يستعمل أبدا حيلة
السياسي المبتذلة وهى حيلة هز يمة معترض مخلص في اعتراضه عن
طريق الغش في الرد دون أن يكون الرد أو الجواب من شيء يدعمه سوى
حيل الإيحاء .
------------------
قوى في داخل عقولنا نؤدي إلى التفكير المعوج واثنتان
من هذه القوى هما عاداتنا الفكرية وتحيزاتنا
-------------------------
أننا نبدأ فقد برؤية إلى أي مدى لا تكون آراؤنا عن الحق والباطل
وغيرها من الأمور في مستوى الحقائق العلمية , عندما نبدأ بدراسة الديانات
وشرائع الأخلاق دراسة مقارنة , ونكتشف عندها أن آراءنا هذه هي أحكام
حقيقتها نسبية ومنبثقة عن وجهة النظر الخاصة المعينة التي بنيت عليها.
(بينما الحقائق العلمية صحيحة بالنسبة لجميع الأشخاص في جميع
الأحوال). وإذا عودنا عقولنا على الدراسات المقارنة وعلى تكوين عادة
النظر في المشكلات على أسلوب يسقط من هذا النظر أي تأثير لوجهة
نظرنا فإننا نكون بذلك قد تخلصنا بعض الشيء من هذه النسبية في آرائنا
وأحكامنا.
--------------------
ومن المفيد مثلا أن يقرأ الإنسان
الجرائد والكتب التي تمثل وجهة نظر ليست وجهة نظرنا الخاصة. فالمؤمن
المسيحي يحسن به أن يقرأ ما يقال ضد المسيحية من منتقدين لها
كالفيلسوف (نيتشه) والفيلسوف (برتراند رسل). والمحافظ في مذهبه
السياسي يفيده أن يقرأ كتابات (ماركس) أو(كروبوتكن) أو
(ماو). والذي له أفكار سياسية تميل إلى التحرر من الخير له أن يقرأ ما
يقال من الناحية الأخرى في الصحف المحافظة أو ما يقوله الخطباء
اليمينيون. والذين يؤمنون بأنظمة الزواج كما هي مقررة في تقاليدنا العامة
لا يضيرهم أن يقرئوا ما تقوله عنها جرمين جرير Germain Greer في كتابها
»الأنثى الخصية .The Female Eunuch «
فهؤلاء جميعا قد يعتريهم بعد القراءة إحساس مزعج بان عاداتهم
التفكيرية الراسخة قديمة العهد قد تزعزعت. ولا يخشى , بعد القراءة من
انتكاس في آرائهم , ولكن هذه الآراء لن تبقى بعد ذلك مبنية على تلك
العادات التفكيرية التي ظلت طول الوقت راسخة لا شك فيها , بل تصبح
أثبت منطقيا وأفضل , نتيجة كونها أصبحت على صورة اقتناعات قائمة
على العقل وصادرة عن عقول حرة. والذين يقفون تجاه ما يعتبرونه هداما
في الكتابات والكلام موقفا يدعوهم إلى وجوب طمس ذلك وإخماده (ولو
بالقوة) لا يكون لهم من الإ يمان في معقولية الاعتقادات التي يحرمون هم
على حمايتها إلا الأقل من القليل.
-----------------------------
وذلك بأنهم يحملوننا - الكتب المناقضة لنا - على التشكك في صحة معتقداتنا القديمة ويؤدون بنا إلى حالة فكرية
نستطيع معها اختيار ما هو صحيح من هذه المعتقدات ونبذ ما هو باطل ,
وكل ذلك بحرية في الرأي وعن فطانة , وبذا تكون عقولنا مستعدة لرؤية
حقائق جديدة غريبة وغير معتادة. ومعظم الناس ليسوا في حاجة إلى ما
يحميهم من الصدمة , بل لعلهم في حاجة إلى صدمات أشد وأكثر بكثير
لما يتعرضون إليه الآن.
----------------------------
ويجب أن لا نظن أننا قد ننجو من خطر السجن الذي تفرض علينا
عاداتنا التفكيرية بمجرد التخلي عن عاداتنا التفكيرية القديمة التي هي
في أكثرها عين عادات الناس الآخرين , ثم الشروع في اتخاذ عادات تفكيرية
جديدة. والذين لهم أفكار مغايرة للخط المستقيم المتبع في أمور الدين
والتقاليد المتعارف عليها يواجهون خطرا مماثلا يغلق عقولهم في وجه
الحقائق الجديدة بسبب استمرار أثر عاداتهم التفكيرية القديمة وهو خطر
يعادل الخطر الذي يتعرض له الملتزمون بالخط المستقيم في أمور الدين
والمتمسكون بالعرف والتقاليد.. وهم أيضا في حاجة من وقت إلى آخر إلى
صدمات تعتري عاداتهم التفكيرية وتخرجهم عنها حتى يظلوا محتفظين
بالمرونة في عقولهم
----------------------------
وثمة خطر آخر يتهدد الذين يرفضون عادات تفكيرية مقبولة لدى
الجميع , وهو أنهم قد يتربى عندهم عادة الكفر بالأمور عنادا , لا ليس إلا
لان الناس الآخرين يؤمنون بها. هؤلاء يصدق عليهم عند الجميع لقب
»المشاكس « الذي يخالف حبا في الخلاف فقد. والمشاكس لا يكون خاليا
من عادات تفكيرية خاصة , ولكنه شخص كون لنفسه مجموعة من العادات
التفكيرية التي يحتمل أن تكون معيقة له بنفس القدر الذي يعيقه نظام
عادات تفكيرية معاكس , أي العادات التفكيرية التي تدفع المرء لقبول ما
يعتقد به الناس بعامة
------------------------------
ويجب أن يكون من أغراض التربية والتعليم أحداث فضيلة في النفس
نسميها »المرونة العقلية ,« وهي قدرة يمكن بواسطتها ارتياد سبل جديدة
في التفكير والوصول إلى افتراضات خارجة عن المألوف. ومعنى ذلك أنه
يجب أن نكون قادرين على طرح عاداتنا التفكيرية القد يمة جانبا
------------------
وواضح أنه ليس من المستحب ولا من الممكن أن نتخلى عن جميع عاداتنا
التفكيرية , فتكون العادات التفكيرية في النفسي أمر لا مفر منه كتكون
العادات الجسمانية وكلتاهما في النفع سواء. ومع ذلك فان من الواجب
علينا أن نكون على استعداد باستمرار لإعادة النظر في هذه العادات. لان
بعض العادات التفكيرية التي خدمتنا في الماضي قد تكون عائقا أو مانعا
لنا عن إدراك حقائق جديدة
-------------------
واستعمالنا هذا لمظاهر غضب الخصم الناجم عن إحساسه بأننا أصبنا
منه نقطة ضعف في حجته وسيلة مشروعة تماما أثناء محاجته. ولكن
هناك في الجدال وسيلة أخرى غير شريفة تستعمل في مجال غضب
الخصم. وهى الحيلة التي غايتها تصمد إغضاب الخصم وإثارة نفسه لكي
يكون اقل مقدرة على المجادلة المتينة نتيجة حالة الغضب التي تعتريه بذلك
في وضع ادعى إلى التفوق عليه. وإغضاب الخصم لهذا الغرض لا يكون
فقط بالإلحاح في الجدل على نقطة ضعيفة في حجته , بل أيضا باتخاذ
موقف مؤذ لشعوره أو فيه سفه أو وقاحة كالاستهزاء بأمور له بها تعلق
عاطفي شديد أو كاستعمال حيلة يغتاظ منها مثل إبداء اعتراضات لا تمت
بصلة للموضوع.
ومعرفة حقيقة هذه الحيلة والقصد منها تهدينا إلى العلاج الواضح
لها. وأول شيء في هذا العلاج هو أننا يجب أن نكون دوما مصرين على أن
لا نغضب لأي شيء أثناء الجدال , وأن نحتفد دائما بهدوء الطبع لأن خصمنا
مهما كان مشيرا لغيظنا فان السبيل الأفضل للتغلب عليه هو تمالك النفس
وكبح جماح الغضب. وإذا شعرنا ببوادر الغضب تتزاحم في نفسنا للظهور ,
فان هذا يجب أن يكون إشارة لان نكون اكثر لطفا وأدبا مع الخصم , وأكثر
نقدالموقفنا. وقد نستفيد من بداية الغضب , إذا اخذ يتمخض في صدرنا ,
في اكتشاف مواطن الضعف في وضعنا كما استفدنا منها في اكتشاف
مواطن الضعف في وضع خصمنا.
---------------------------
وإذا وجدنا في أنفسنا أننا نغضب إذا تشكك أحدهم في معتقدات
عزيزة علينا فيجدر بنا أن نظن أن تلك المعتقدات هي من قبيل التحيز
المبني على أسس غير عقلية وعلى خلاف المعقول , تماما كما نظن نفس
الشيء إذا وجدنا شخصا أخر سريع الغضب أو التأذي دون سبب معقول
إذا تعرضنا بالتشكك في رأي له. ولا يحتمل لنا أن نفهم فهما كاملا المصادر
أو الدوافع غير المعقولة التي نستمد منها آراءنا , ولكن يمكننا الحصول على
بعض المعرفة بها إذا تفحصنا آراءنا بالتمحيص والانتقاد والابتعاد عن
الممايلة والتعاطف كما نتفحص آراء الآخرين.
-------------------
فان الزعيم الحاذق , مهما كانت عملياته الفكرية
معقدة , يحتاج في الإعراب عن مذاهبه إلى صيغ مبسطة من العبارات ,
لكي تكون هذه مقبولة على نطاق واسع. كما يعمد هذا الزعيم من أجل دفع
جماهير الشعب إلى عمل جماعي إلى اختراع الشعارات الملائمة.
--------------------
ومن طرق التفكير الشائعة ما يتجلى في أقوال مثل: »لكل جانب من
الجانبين ما يؤكد حجته , ولذلك فإني أحجم عن أي عمل في الأمر. « وهي
أقوال تصدر عادة عن أناس بلغوا من الذكاء والفطنة حدا بعيدا بحيث انهم
يتحاشون الوقوع في مهاوي التفكير المبسط. وأحجامهم عن العمل هو
بنفسه هوة لا تقل خطرا. ولنطلق على هذا الأحجام عبارة »الانسلاخ النظري
أو الأكاد يمي عن الحياة العملية .
-----------------------------
ومهما بلغ القول من القسوة ولو بحق , ضد التفكير المبسط تبسيطا
مسرفا فان نفعه في إثارة النفوس للعمل أمر مهم لا يجوز إغفاله. وتحمسنا
للتفكير المستقيم يجب أن لا يعمينا عن حقيقة واقعة وهي أن ما نفعله أهم
بكثير بما نفكر فيه. ويجب عند العمل أن نعمل عملا مجديا يكون له
نتيجة , حتى ولو كنا فطنين ماهرين بدرجة كافية بحيث نتجنب الوقوع في
شرك التفكير المبسط. فإذا كنا لا نريد هذا التفكير المبسط ولا نقبل به
كحافز للعمل ونستطيع الاستغناء عنه , فأول ما يجب علينا في هذه الحالة
أن نتعلم هو أن نعمل بكفاءة بدونه. والعمل من الأهمية بحيث يمكننا شجب
كل تفكير باعتبار أنه تفكير أعوج واستنكار وسائله إذا كانت هذه الوسائل
تحطنا على التملص من القيام بالعمل النافع أو الضروري.
----------------------------
وليس لنا مناصر من ضرورة العمل , واعتقادنا بأن جانب ما يقال في
صالحه لا يعفينا من ضرورة العمل بقوة وبصورة مجدية في مناصرة الجانب
الذي نرى أن له حججا اصح واصدق في تأييد قضيته. ومثل ذلك أننا لو
كنا نسوق سيارة فوق ساحة مكشوفة ممتدة واعترض سبيلنا عارض فأن
في الإمكان تجنب هذا العارض بالتعريج أما إلى اليسار وأما إلى إلى
اليمين. والحجج للاتجاه يمينا أو يسارا يمكن أن تكون متساوية. ولكن لا بد
لنا من أن العمل واحدا من هذين الاتجاهين دون أن نسمح لحجج الأخر
الممتازة أن تؤثر في قرارنا وعملنا. ولكن لو اكتفينا بالقول أن الكل من
الجاهلين حججا تؤيده واستمررنا في السوق إلى الأمام فإننا نعرض أنفسنا
إلى خطر محقق قد يؤدي إلى قصم رقابنا.
--------------------------
وقبل الشروع في أي نقاش حقيقي يجب استيفاء شرط واحد واضح
وهو أن طرفي النقاش يجب أن يكون لديهما تواضع كاف بحيث أنهما
يعتبران آرائهما على أنها أحكام غير قطعية , وأن يكون لديهما استعداد
لتقبل التغيير في آرائهما بتأثير أقوال الغير. وهذا شرط يصعب على
الكثيرين الوفاء به , ولكن الذين يوفون به يجدون أن النقاش مع شخص أخر
جدير بان يؤدي في النتيجة إلى تغيير معقول في الرأي بإحدى طريقتين:
الأولى تكون بان يعطي الخصم خصمه معلومات لم يكن يعرفها من قبل ,
والثانية تكون بأن يبين الخصم لخصمه التناقضات الموجودة في آرائه التي
يتمسك بها في ذلك الوقت.
------------------------
وسواء كان الوصول إلى التفكير المستقيم عن طريق النقاش مع أناس
آخرين أو عن طريق التأمل الشخصي الخاص فان الغرض على كل حال هو
أن يكون هذا التفكير عاملا على إكثار العمل المتصف بالعقلانية والحس
السليم. ونحن نحاول أن يكون تفكيرنا مستقيما لكي يكون عملنا صحيحا
وتكون الأشياء التي نعملها هي الصواب
-----------------
تبقى شئوننا
الدولية شبيهة بحالة مسافرين في سيارة تسير بسرعة على سهل غير
مخطط ومجهول المعالم والرسوم , وفوق ذلك فان السائق رافع يده عن
دولاب القيادة , لأنه لا يعلم إلى أين يتجه ولا كيف يكون الوصول إلى المكان
المطلوب , لو عرفه. ولو أشرنا عليه بان يضع يده على الدولاب وأن يعمل
الذكاء والفكر ليعرف أين يتجه في سيره وكيف يصل إلى غايته فانه قد
يلتفت إلينا مبتسما ابتسامة الأبله ويقول أن السيارة يجب أن تطيع القوانين
الميكانيكية ويجب علينا نحن أن نضع ثقتنا بغرائزنا ولو كنا نتخبط في
سيرنا. ونحن نعرف أن الأرض التي نسير فيها تتخللها الوديان والأراضي
السبخة , التي تنتشر فيها وعلى أسطحها بقايا سيارات عطبت وخربت في
الزمن الماضي بسبب سيرها العشوائي. ونعرف أيضا أن التقدم التكنولوجي
في أعمال التخريب والتدمير قد وصل حدا بحيث جعل أية حوادث تقع في
المستقبل أشد أذى وإمعانا في الدمار من الحوادث التي كانت تقع في
الماضي. وفي بعض الأحيان تحدث اصطدامات بين السيارات , ولكن مثل
هذه الاصطدامات تملأ نفوس الناجين بعواطف سامية كما يعتقد أنها
تساعد على إنتاج فضائل غير عادية لدرجة أن أحدا لا يلوم السائق على
موت عدد من المسافرين والأضرار الجسيمة التي حاقت بالسيارة.
---------------------


BY Mahmoud Aghiorly
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مقتطفات من كتاب التفكير المستقيم والتفكير الاعوج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مقتطفات من كتاب صالون العقاد كانت لنا أيام
» مقتطفات من كتاب بين الرشاد والتيه
» مقتطفات من كتاب العالم مسطح
» مقتطفات من كتاب وداعا أيها الملل
» مقتطفات من كتاب فكرة الإفريقية الأسيوية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
لمسة أمل  :: المنتدايات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: