هذا بيان للناس - النفس في القرآن (27)

البلد : نقاط : 198410 تاريخ التسجيل : 01/01/1970

هذا بيان للناس النفس فـي القرآن (27)

علمت نفس ما أحضرت 3/3

عبد الله حجازي - غلبت الاهوال على وقائع يوم القيامة، ووصفت نصوص قرآنية، واخرى نبوية حجم المعاناة والعنت والشدة والضيق الذي يعيشه الخلق في هذا اليوم العصيب، والذي يمتد بين نفخة البعث الاخير، وختام الحساب وظهور النتيجة، فمن فاز.. فاز بخلود في جنات النعيم، ومن خسر، اضاع الدنيا التي فنيت آنئذ، وخلد في جحيم كان يمكن له ان ينقاده لو ادرك الحكمة التي جاءت عليها مصفوفة المشاهد التي تحدثت عن يوم الحساب هذا قبل الوصول اليه بهدف تجنيب الانسان حالة الخسارة فيه.
نستكمل اركان المشهد الذي نقلته الآيات في مطلع سورة التكوير ''اذا الشمس كُورت'' حيث وصلنا الى:.
- السماء كُشطت، والكشط بدلالة اللفظة وفقه الكلمة، عنت نزع الجزء الخارجي الملامس عن المكون كله، هكذا يفعل يومئذ بالسماء تنزع من مكانها نزعاً، وقيل تطوى انسجاماً مع قوله تعالى ''يوم تطوي السماء كطي السجل للكتب''، بين النصين ''كُشطت'' و''تطوي'' ربما حدث الأمر على غرار النزع عن الأصل ثم الطي كما نطوي الكتب.
- الجحيم سُعرّت: وسُعرّت يعني زيد احتراقها ووقدها لرفع كفاءة عملها، واذا كان هذا التسعير للجحيم فانما هو استعداد لاستقبال روادها فمن قضى الحساب ان يكونوا من اهلها، قيل ان ما سعرها غضب الله تعالى وخطايا اولئك الذين سيردونها، ونجد في الترمذي موقفاً، ما رواه ابو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ''اوقد على النار الف سنة حتى احمرّت، ثم اوقد عليها الف سنة حتى ابيضت، ثم اوقد عليها الف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة''.
- الجنة أُزلفت: اظهرت وبانت وصارت ظاهرة بارزة قريبة من اهلها المتقين، الذين فازوا برحمة من الله تعالى، على خلفية ايمانهم ثم سنداً لنتائج حسابهم الذي ترتب على اوزان اعمالهم التي نقلت عند كفة الخير، وخفت عند كفة الشر، فتغمدهم الله تعالى برحمته ففازوا بجنته دخلوها صحيح على خلفية ايمانهم واعمالهم، ولكن يجوز رحمه الله تعالى الذي فتح ابواب الجنة امامهم.
- هكذا بعد كل هذا الـ ''اذا'' منذ ''اذا الشمس كورت'' وحتى ''واذا الجنة أزلفت'' كل هذا الذي رسمته هذه الآيات ليكون واحداً من مشاهد يوم القيامة، مقدمة تفضي الى نتيجة هي ''علمت نفس ما احضرت'' أي عندما يقع كل هذا الذي بعد ''اذا'' عندها تنتشر الكتب .. وعندها ''علمت نفس ما أحضرت''.. واتفق الصحيحان على ما نقله عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ''ما منكم من احد الا وسيكلمه الله ما بينه وبينه ترجمان، فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدمه وينظر اشأم منه فلا يرى الا ما قدّم بين يديه فتستقبله النار فمن استطاع منكم ان يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل''.
تلك كلها كانت نصوصاً عرضت احداث مما سيكون في هذا اليوم الموعود يوم القيامة يقدمها القرآن لنا قبل وقوعها، عظة وموعظة لمن القى السمع وهو شهيد، لعل وعسى ان يتعظ بعضنا فيقدمان لهذا اليوم ما يمكنهم من الفوز بالجنة . والله اعلم..

منقول